قد تموتُ الآمالُ مُنحسراتِ = إنْ نأتْ عن مشارقِ النَّيِّراتِ
فسواها لـم تُجـدِ ظامئَ روحٍ =لجهادٍ مالانَ في الرَّوعاتِ
لم تزلْ جذوةُ العقيدةِ تُذكي = في حنايا شبابِنا العزماتِ
وتعيدُ النُّفوسَ تاهتْ خُطاها = لمدار الفخارِ في الآياتِ
إنَّ مَنْ يستقي الفضائلَ يسمو = فوقَ مافي الأسواقِ من رغباتِ
ثارَ للغيِّ في المغاني عجاجٌ = وتلوَّتْ قبائحُ النَّزواتِ
فاستُجرَّتْ بلا حياءٍ وجوهٌ = لمراحِ الإفسادِ والسَّوءاتِ
يستثيرُ الإغواءُ فيه أُناسٌ = كالشَّياطين من أُولي الهمزاتِ
جرَّدوا النَّفسَ من مآثرِها العُليا ...= ... وعرُّوها من كريمِ الصِّفاتِ
وسقوها ضلالَها فاستكانتْ = بينَ رجسِ الخمورِ والغانياتِ
والمزاميرُ في ليالي السُّكارى = والأغاني تثورُ في السَّاعاتِ
أيُّ نصرٍ قد نرتجيه ، وفينا = مَنْ تنادوا للعُهرِ والحاناتِ
أوَيَبْني الأمجادَ لهوٌ رخيصٌ = واعتدادٌ بأحقرِ التُّرهاتِ !
ونكوصٌ عن المروءةِ بادٍ = في ثيابِ الإذلالِ والعثراتِ !
أم نرى النَّصرَ في وجوهِ أُناسٍ = فتنتْهم بقهارجُ الشَّهواتِ !
وأُناسٌ تطاولوا ، فعلى الحقِّ ... = ... على الخيرِ جيءَ بالطَّعناتِ !
بئسَ مثوى الأقزامِ في الدَّركِ الأسفلِ. ... = ... تُشوَى الوجوهُ في الغمراتِ !
أم بهم قيلَ : يُرتَجَى النَّصرُ . آهٍ = ثمَّ آهٍ على انتصارِ الغُواةِ !
هاهي الأمةُ الذَّبيحةُ فانظرْ = تتردَّى ، تتيهُ في النكباتِ !
تأكلُ الذُّلَّ بكرةً وعشيًّا = وتعاني من نارِ طولِ الأذاةِ
تتلقَّى في كلِّ آنٍ سياطًا = من أيادي أعدائِها لاهباتِ
وتراها تئنُّ من حرِّ جرحٍ = غائرٍ في أحشائِها الموجعاتِ
وهم القومُ ملء أشداقِهم خُبْثُ ... = ... حديثٍ يفورُ بالضَّحكاتِ
فكأنَّا بضاعةٌ ليس إلا = ويحَ سوقِ المباعةِ المشتراةِ !
فاستعيذي يا أُمَّتي ــ من أذاهم = ورؤاهم ــ باللهِ ذي الرَّحماتِ
وتوخَّيْ نهجَ السَّلامةِ ترقَيْ = فوقَ سوءِ المبادئِ العابثاتِ
إنَّ أيَّامَ أُمَّةٍ نسجتْها = بالمزايا قدسيَّةُ البيِّناتِ
لم تُشيَّدْ بتُرَّهاتِ ، ولا في = نُظُمٍ للتَّبابِ مستورداتِ
كيف تبني صروحَها ؟! والملاهي = أكلتْهم أكلَ الذِّئابِ لشـــاةِ !
أهي العُدَّةُ التي قد صنعنا = لقتالِ اليهودِ في السَّاحاتِ !
عجبًا من أبناءِ جلدتِنا اليومَ ... = ... تنادوا للرقصِ والدَّبكاتِ !
وحواليهُمُ دماءُ ذويهم = كلَّ حينٍ يرونَها جارياتِ !
واستُبيحتْ ديارُهم ، والثَّكالى = واليتامى ... ثمارُ حكمِ الجناةِ
قد تمادى العدوُّ وهو حقيرٌ = مشمخرًّا في أقدسِ البقعاتِ
وإذا ماتتْ المروءةُ أخوتْ = في الحنايا مباهجُ النَّبضاتِ
فالملايينُ في الدروبِ غثاءٌ = بين عصفِ التَّطبيلِ والحفلاتِ
وبريقُ الإعلامِ غاضَ بليلٍ = من مآسي فصولِنا العاثراتِ
والبطولاتُ ويحها كاذباتٌ = كالسَّرابِ البرَّاقِ في الطرقاتِ !
إذْ تعرَّتْ جرداءَ أوسمةُ الفخرِ ... = ... كشأنِ النُّجومِ منطمساتِ !
لم تُزيٍِّنْ صدورَ أهلَ جهادٍ = غيرُ حمرِ الرَّمياتِ والطَّعناتِ
فخرُهم بالذي يُميتُ و يُحيي = ويذلُّ الكفَّارَ في الغاراتِ
ويُعزُّ الأبرارَ يومَ لقاءٍ = رغمَ قصفِ العدوِّ بالطَّائراتِ
تتراءى لهم جِنانُ خلودٍ = ما أُحيلى السِّباقِ للجنَّاتِ
وبعيدٌ مابينَ جندٍ هواهم = حبُّهم للجهادِ والغزواتِ
وأناسٍ هواهُمُ في نحورٍ = وخمورٍ ونزوةٍ في الذَّاتِ
***= ***
ربِّ أبرمْ لأُمَّتي عهدَ فتحٍ = يتثنَّى بأكرمِ الأُمنياتِ
وأغثها بالذِّكرِ ياربِّ يُحيي = ما أماتتْهُ وطأةُ الكرباتِ
حيثُ يُنجي الهدى سفينتَها اليومَ ... = ... فقد تاهتْ في دجى الفلواتِ
وأعنْها ... هي اليتيمةُ تسعى = تطلبُ العونَ من عدوِّ الحياةِ
وهو العصرُ ــ يا إلهي ــ مُدمَّى = من أفاعيلِ ذي القُوى الكافراتِ
كسروا شوكةَ الإباءِ لدينا = وأماتوا نفوسَنا المنهكاتِ
وسقونا المرارَ في كلِّ أرضٍ = زيَّنتْها عذوبةُ الصَّلواتِ
فلنا في سجونِهم مهجٌ قد = أتلفتْها حضارةُ الخِسَّاتِ
في زنازين محكماتٍ عليها = من شدادٍ ومن غِلاظٍ عُتاةِ
إنَّما الفجرُ أخرجتْهُ الدَّياجي = وبُعيْدَ الظلامِ فجرٌ آتِ
ويدُ العصفِ ليسَ تطفئُ نورًا = أو تردُّ النَّهارَ بالهبواتِ
شرعةُ اللهِ ما استُبيحتْ لطاغٍ = فالمثاني عُلويَّةُ القسماتِ
مَنْ رماها فقد تجندلَ قهرًا = رغمَ أعتى العتادِ والقوَّاتِ
ربما يعلو بهرجُ العصرِ حينا = ويُغنِّي بالآلةِ المشتهاةِ
إنَّما في عُلُوِّه لسقوطٌ = فوقَ شوكِ التَّبارِ والحسراتِ