ألأمتي ما في يـدِ الإزراءِ = ولها ثيابُ مذلةٍ و شقاءِ !!
وهي التي ما اختارَ ربُّك غيرَها = بين الورى للشرعة الغرَّاءِ
ضجَّتْ بنفسي حسرةٌ لما رأتْ = عينايَ من ذلٍّ ومن إغضاءِ
ومن المفاسدِ أغرقتْ مـا للعلى = من رفعةٍ في أمَّـةِ الحنفاءِ
هيهات يرضى مسلمٌ هذا الونى = في أنفسِ الأبناءِ والآباءِ !
أين البطولاتُ التي لمَّـا تزل = عنها يحدِّثُ فارسُ الهيجاءِ
كيف اختفتْ قيمُ المآثرِ والنَّدى = والفضل وافى باليد البيضاءِ
يامَن على مـا حلَّ بين شعوبه = تبكي دمًـا عيناه قبل الماءِ
يلقاك عند الله حبُّك للهدى = ولشرعه المهجورِ في الصحراءِ
ولك العزاءُ من المهيمنِ فانتظرْ = من بعد ما أرغى أذى الأعداءِ
وشجتْ جموعَ المسلمين نوائبٌ = وشتاتُ هذا الجمعِ في الأرجاءِ
فاللهُ ـ جلَّ جلالُه ـ لـم يرضَ عمَّن . = . أسرفتْ كفَّاهُ بالأسواءِ
وأشادَ للأهواءِ صرحًا زاخرًا = بفجورِ ما للغيِّ من أهواءِ
لمَّـا رأيتُك حاسرًا ذا آهةٍ = تُنسي الشفوفَ مباهجَ النعماءِ
ورأيتُ وجهك في ليالٍ أقمرتْ = لمَّـا يكنْ متهللَ السيماءِ
أيقنتُ أنَّ القلبَ أعياهُ الأسى = ورماهُ سهمُ الهــمِّ بالإيذاءِ
وهوى على دنياهُ واردُ مُرْهِجٍ = فأزالَ بهجةَ صبحها الوضَّاءِ
إنَّ النوازلَ قد دهتْ أحياءَها = فالويلُ نارُ الويلِ للأحياءِ
ولقد تهدَّم من عُلُوٍّ صرحُهم = وهوى من الأعلى بهيُّ رُوَاءِ
لاتسألَنْ كيف المصابُ وكيف قد = نالتْ ضغائنُهم من النُّجباءِ
إذ بادرَ السفهاءُ وجه صباحهم = فإذا بـه كالليلة الدهماءِ
هذا زمانُك ـ ياأُخَيَّ ـ فلا تنم = إلا قليل الليلةِ العسراءِ
وتوجَّهَنْ للهِ ربِّـكِ إنَّـه = ذو نجدةٍ للمبْتَلَى وشفاءِ
واسألْهُ عفوًا عن جنايةِ أمَّـةٍ = لمَّـا عرتْها لوثةُ الإغراءِ
فمشتْ مع الباغي وأذعنَ مالَهـا = من زهوِ مجدِ العزة القعساءِ
فكبتْ ولم تنهضْ وماتَ إباؤُها = وتهافتتْ كتهافتِ الجبناءِ
إن غاب دين اللهِ عن عزماتنا = وعن اعتماد السُّنَّةِ الغراءِ
ولَوَتْ مآثرَنا سفاسفُ عيشِنا = وتناثرتْ مزقا من الأسواءِ
وَسَعَتْ إلى مَن سامَنا خُطواتُنا = بالذُّلِّ كالأسرى وكالضعفاءِ
إذْ ذاك تُطوَى صفحةٌ من مجدِنا = ونعيشُ يومئذٍ بغيرِ حيـاءِ
نبكي على تاريخِنا وعلى الهدى = أوحـاهُ ربُّ العرشِ للفضـلاءِ
وبـه أوائلُ أمـةٍ نالت بـه = ماكان من عـزٍّ ومن علياءِ
ومن الفخـارِ وليس يُدرَكُ مثله = في العالمين وليس لاستعلاءِ
يكفيه أنَّ مُحَمَّدًا مَن صاغه = قِيَمًـا تفيضُ برحمةٍ وإخـاءِ
ورسالةً للناسِ تجمعُهُم على = ماشاءَ ربُّهُمُ على الغبراءِ
للدين والدنيا وللأخرى التي = فيها خلودُ الخَلْقِ بعـدَ جزاءِ
وبهـا لأُمَّتنا المكانةُ وجهُها = طلقٌ كوجهِ الليلةِ القمراءِ
وجميلِ بِـرٍّ معْ تكافُلِ جمعِها = وسُمُوِّ طيبِ محبةٍ وإخاءِ
وبكلِّ ما تعني المزايا أفردتْ = شِيَمًـا من الإيثارِ والإعطاءِ
هيهات أن تجدَ التسامُحَ عندَ مَن = رأوا الحياةَ لخسَّــةٍ وعَدَاءِ
ولغيِّ نفسٍ واستباحةِ شهوةٍ = وركوبِ صهوةِ بهرجِ استعلاءِ
هذا زمان عُتُوِّهـم وفسادهم = زمنِ الشَّقا والفتنةِ الشَّنعاءِ
فاحذرْ ولا تركنٍ لسطوةِ أرعنٍ = ومصيرُهم آتٍ بلا شفعاءِ
إنَّ الجبانَ إذا عرتْـهُ مصيبةٌ = تلفاهُ مثلَ الميْتِ تحتَ غطـاءِ
مستسلمًـا ومسالمًـا كمكبَّلٍ = بالقيدِ ، قيدِ الذلِّ والإعياءِ
ولعلَّ ماجاءَ العدوُّ بـه جرى = مجرى السيولِ مثججًا لِعَفَـاءِ
وافى فاجبرَ مَن وَنَى لمَّـا نأى = عن دينِه للردَّةِ الجوفاءِ
وافى فما أبقى يـدا لمناصرٍ = أو فكرةٍ لذوي الحِجَـى و دهاءِ
فَأُعيذُ قلبَك ياأخي من وهنِه = فتداوُلُ الأيامِ بعضُ قضاءِ !
وأعـدْ لذاتك في الحياةِ إباءَها = فلك العواقبُ لـم تكنْ لِمُرَائي
وتدافُعُ القدراتِ سُنَّتُها التي = تبقى رؤى الإفصاحِ والإيماءِ
لايُنصفُ التاريخُ إلا مَن أتى = بعقيدةِ التوحيدِ كالقدماءِ
أجدادُنا الأبرارُ بالإسلامِ قد = دانتْ لهم أمــمٌ بمحضْ رِضـاءِ
ما أرهبتْهم قوةٌ بين الورى = ولهـا الجحافلُ تحت ألفِ لــواءِ
فالنصرُ من عند الإلهِ وليس من = أقوى القوى في ساحة الهيجاءِ
فاصمدْ ـ فديتُك ـ بالتُّقى وبنورِ مـا = قـد جاءَ في التنزيلِ ذي اللألاءِ
شتَّان بينَ شريعةِ قدسيةٍ = تسمو ، وبين النحلةِ الخرقاءِ
شتان في سعيٍ لأبخسِ غايةٍ = والسعيِ فوق مدارجِ الجـوزاءِ
طالتْ جنايةُ مَن تصدُّوا للهدى = بالمكـرِ والشُّبهاتِ والبغضاءِ
لكنَّهم باؤوا بها في خيبةٍ = من قُبـحِ مافي النفسِ من أسواءِ
أنـا مسلمٌ أعني : أعيشُ لمصحفي = طولَ المدى ولِسُنَّتِي الغــرَّاءِ
محَّصْتُ في مِلل الشعوبِ فلم أجِـدْ = إلا غثـاءَ القولِ في الآراءِ
من مُرجِفين وقد تمادى غيُّهم = بالكفرِ في عبثٍ وفي إيـذاءِ
ومن الذين تمكنتْ شهواتُهم = منهم فعاشوا في هـوىً و عَمَـاءِ
هـم مَن مضوا أيامَ أطفأ نارَهـم = فاروقُ أمتنا فتى العظماءِ
والروم من بعدِ الوقائعِ أدبروا = فاقرأْ أخي ماجاءَ في الأنباءِ
أعني بأنَّ الحقَّ باقٍ لـم يزل = يُفـدَى من الآباءِ والأبناءِ
وبأنَّ يقظةَ أمتي مرهونة = ببزوغِ نـورِ الدعوة العصماءِ
ولأمَّتي عهدٌ إذا عادت إلى = قـرآنِهـا بالنَّصرِ يـومَ لقـاءِ
أقدارُ ربِّ العرشِ مـاضيةٌ فلا = أخشى على ديني من الأعـداءِ
الَّلهُ يحفظُـه ويحفظ أهلَه = وسيغرقُ الطاغوتُ في الدَّأماءِ
سيعودُ للدنيا هُدَىً ومودَّةً = إسلامُنـا في سائرِ الأرجـاءِ
وتزولُ أصنامٌ ويُهدمُ ركنُها = وتعودُ روحُ مآثرِ الخلفاءِ
مَن ظنَّ أنَّ الغربَ يرعى حقَّنا = ويريدُ نهضتَنا إلى العلياءِ
أو أنَّ للروسِ البغاةِ مودةً = لبلادنا تُرجَى مع الحلفاءِ
أو أنَّ أمْريكا ستنقذُ أمَّــةً = من قبضةِ البأساءِ والضَّرَّاءِ
أو غيرهم : هاهم من الدول التي = تسعى لحكمِ مرابعِ الغبراءِ
فَلْيَقْرَأ التاريخَ عن زمن مضى = وَلْتَنْظُرَنْ في العصرِ عينُ الرائي
حتى يرى أنَّ المصالح شأنُهم = والكـرهَ للإسلامِ والحنفـاءِ
ليرى سبيلَ العودةِ المثلى إلى = ربِّ العبادِ ومنقذِ الضعفاءِ
إنْ تنصروا الديَّانَ ينصرْكم فلم = يخذلْ إلهي أمَّـةَ النُّجباءِ
قُلْها أجلْ هي أمةُ الخيرِ الذي = يسعى إليه الناسُ في الأنحـاءِ
وبعهدِه تعشوشبُ الدنيا ولن = تجــدَ الشعوبَ تئـنُ في الجرداءِ
ستعيشُ في كنفِ الرحيمِ وفضلِه = بهناءةٍ وتكافُلٍ وإخـاءِ
فالأرضُ ملك اللهِ يورثهـا لِمَنْ = يرعى حقوقَ اللهِ في الآناءِ
ويقيمُ شرعَ اللهِ حكمًـا في الورى = ويـردُ حكمَ الرِّدَّةِ الشَّنعاءِ
أمـا طغاةُ الأرضِ موعدُهم غـدًا = في هذه الدنيا ، ويومِ جـزاءِ
لـن يفلتوا فَتَمَعَّنَنْ فيمَن قضوا = في الهالكين لزمرةِ السُّفهاءِ
لاتَفْتِنَنَّكُمُ البهارجُ إنَّهـا = مع أهلهـا لجهنَّم الحمراءِ
فاثْبتْ على الدين القويمِ ولا تخفْ = فإلهــُـكَ القهَّــارُ ذو الآلاءِ
سيردُّ كيدَ الظالمين فأيْقِنَنْ = لنحورِهـم بالطعنةِ النجـلاءِ
ناداهُـمُ القرآنُ في آياته = لكنَّهم صدُّوا بغيرِ حيــاءِ
فهُمُ استحقُّوا ما أتى لعذابهم = بعد انتفاشِ النفسِ بالخيلاءِ