هذه أبياتٌ من شعرِ الكهولةِ والشيخوخةِ قلتُها في (الغرب) في سنينَ من أشدِّ السنين، وظروفٍ من أقسى الظروف عليّ وعلى أسرتي، وقد قلَّ المُعين، وسُدَّتْ في وجهي المسالكُ والدروب، وأحاط بي وبأُسرتي الخطرُ من كلِّ مكان؛ ولكنّني قرَّرْتُ أنْ أَمْضِيَ معَ الحقِّ والواجبِ مهما كانتِ المعوِّقاتُ والظروفُ والآلام، وأنْ أُسْتَشْهَدَ على طريقِ الحقِّ والواجبِ إن كُتِبَ لِيَ الاستشهاد، لا أتراجعُ ولا أتوقَّفُ، ولا أنحرفُ مَهْما عَظُمتِ الشدائدُ والمخاطرُ والمغريات .
أَمْضِي معَ الحقِّ
عصام العطار
أجـل ... وتمضي مع الحق ... حفظك الله ورعـاك :
شعر : محمد التميمي
أمضي مع الحق والصحراءُ محرقةٌ=لا ظِلَّ فيها ولا مَأْوَى لإنْسَانِ َ
أَمْضِي معَ الحقِّ والأمواجُ هادِرَةٌ = وَقَــدْ تَقاصَرَ خَوْفاً كُلُّ رُبَّانِ
أَمْضِي معَ الحقِّ والأَجْواءُ عَاصِفَةٌ=والأُفْقُ يُشْعِلُ نيراناً بِنيرانِ
أَمْضِي معَ الحقِّ والظلماءُ حَالِكَةٌ=وبَــارِقُ الْفَجْرِ لم تُبْصِرْهُ عَيْنـانِ
أَمْضِي معَ الحقِّ والأَخْطَارُ مُحْدِقَةٌ=والْمَوْتُ يَرْنُو بأَشْكالٍ وأَلْوَانِ
أَمْضِي معَ الحقِّ والأَهْـوَاءُ حَاكِمَةٌ=فلا تَرَى غَيْرَ أَهْوَاءٍ وعُبْدَانِ
أَمْضِي معَ الحقِّ والأَسْقَامُ ضارِيَةٌ = والْجِسْمُ شِلْوٌ مُدَمّىً بَيْنَ عِقبانِ
أَمْضِي معَ الحقِّ ما دَارَ الْجدِيدَانِ= وَلاَ سِلاَحَ سِوَى عَزْمِي وَإيماني
أَمضِي وَلَوْ سَدَّ دَرْبي كُلُّ طُغْيَانِ= وَلَوْ تَنَكَّرَ لي أَهْلِي وإِخْوَاني
أَمضِي وأمضي ولا أُصْغي لِفَتّانِ= مِنْ مَاكِرِ الإنْسِ أَوْ مِنْ مَارِدِ الْجانِ
اللهُ حَسْبِي.. لَهُ قَلْبِي وَوِجْدَاني= وَوَحْدَهُ القَصْدُ في سِرّي وَإعْلاَني
مضيْتَ والقيمُ العليا بك اقتحمتْ = فزهوُهـا بات بالعطارِ جذلانا
مضيتَ بالحقِّ والأمواجُ هادرةٌ = وعشتَ للركبِ والفرسانِ رُبَّـانا
مضيتَ والحقُّ حادي موكبٍ زحفتْ = به البطولةُ بالإسلامِ إخـوانا
مضيتَ والنورُ نورُ اللهِ ما أفلتْ = به الدياجي ولم تهجرْه إذعانا
مضيتَ والظلمُ والطغيانُ حاربكم = فأوهنَتْ يدُكم ظلما وطغيانا
مضيتَ والفجرُ يرنو شطرَ طلعتِكم = رغـم الظلامِ وكنتَ البدرَ مزدانا
مضيتَ ماحفلتْ ياشيخُ قامتُكم = ببأسِ أخطارِها عــزًّا وإيمانا
مضيتَ مـا أجفلتْ يُمناكَ رايتها = تـرفُّ بالحـقِّ تبيانا و عنوانا
مضيتَ فارسَهارغمَ الأذى ولقد = سموتَ بالسُّقْمِ ياعطَّـارُ إحسانا
مضيتَ والعزمُ والإيمانُ مـا برحـا = هـما سلاحُـك أسيافا ومرنانا
مضيتَ شهما أبيًّـا والشآمُ زهتْ = بوجهِكَ النِّضِرِ الآناءَ مِعوانا
مضيتَ فاسلمْ فياطوبى تحدثنا = زكم تطيبُ إذا مـا فُهْتَ نجوانا
أمضيتَها حقبًا والله يكلؤُكم = ففي مغانيك بات الركبُ نشوانا