سافرتَ علَّ عصيَّ الهمِّ ينحسِرُ =علَّ الّذي كنتَ تهوى عادَ ينتظرُ
علَّ القلوبَ بطولِ البينِ صافيةٌ=تصحو بحبٍّ, بدفءِ الشوقِ تستعرُ
علَّ المسافاتِ لم تزعم مطاولةً=في ليِّ أزمنةٍ تَغنى و تفتقرُ
تعوذُ بالدّربِ مِن طغيانِ أزمنةٍ=يا ويحَ قلبكَ مِمَّنْ بالمدى غدروا
ما للمسافاتِ حارتْ في مُؤازرتي=لمّا رأتْ غربتي بالدمعِ تنهمرُ
دمعُ السنينِ كطوفانٍ توعَّدَنا=ليُغرِقَ الماءَ, حدَّ الموتِ يحتضرُ
و للمسافاتِ أوطانٌ تلوذُ بها=و أنتَ يا وطني أوطانُكَ الحجرُ
آوي إليها لعلَّ الدربَ يلطفُ بي=عند الرحيلِ و لمّا يشفعِ السفرُ
يا دربُ طُلْ بكَ همُّ القلبِ نُرهقُهُ=لا تهدأُ الروحُ في دربٍ بهِ قِصرُ
أتعبتَ أزمنةً للناسِ حاصدةً=و أنتَ من غابرِ الأزمانِ تنتصِرُ
مرّت قوافِلُهم تمضي لغايتِها=مرّ الكرامِ وقد أودى بهم ضجرُ
تظنُّ أنّ أنينَ الأرضِ حاديَها=و أنَّ أدمعَها مِن لوعةٍ مطرُ
مَن عاشروكَ تمادوا في تصبُّرِهم= تقاسموا الصبرَ في أمرٍ بهِ ضرَرُ
لِغربةِ الروحِ منفىً لا حدود لهُ = قيودُهُ وحدةٌ شمطاءَ تأتمِرُ
تعيشُ فيها برغم الأنفِ ملتمِسًا = رجاءَ ربٍّ به الآمالُ تأتزرُ
يا أيُّها الأملُ المنسيُّ كنت لنا = حبًّا يُؤمّلنا بالخيرِ يعتمرُ
لمّا أتيناكَ كنتَ الّلحنَ تعزفُنا = كنت السماءَ لكونٍ ما لهُ عُمُرُ
و الآنَ عانيتَ وهمًا – مثلنا - وقِحًا = سكرتَ. في خمرةِ الأوهامِ تختمرُ
حتى عشقنا المسافاتِ الّتي تَعِبت = من خطونا تعبَ العشاقِ إنْ هَجروا
يبكيكَ إحساسُنا شوقًا لأزمنةٍ = عاشتْ بنا و لنا بالحبِّ تنهمرُ
هبّتْ سنينٌ عجافٌ في مرابعِنا = كعاصفِ الريحِ لا تُبقي و لا تذرُ
و فرّقتْ في نواحي الأرضِ أُلفَتَنا = الكلُّ يبكي و لم يلطفْ بنا القدرُ
و الناسُ في زمنِ الآلامِ يجمعهم = حزنٌ و همُّ و آلامٌ و مُفتقرُ
حيرى يجوبونَ أوطانًا تُحقِّرُهم = و تمنعُ الدفءَ عنهمْ انّهم بشَر
تشرّدوا في مهبِّ الريحِ و انتثروا = نثرَ الغبارِ بصحراءٍ لها شَرَرُ
مَن يشتري الذلَّ لم تفلحْ مقاصدُهُ = و مَن يبِعْ وطنًا يَخزى و يُحتقرُ