(( إحساس المسلم تجاه أخيه المسلم ذي الحاجة يؤكد اهتمام الإسلام بالتكافل الاجتماعي
، وانتقال حركة البرمن محيط الأسرة والقبيلة والحي ، إلى الأفق الأوسع والأشمل ،
وذلك بفضل الله تبارك وتعالى ثم بفضل استجابة الرواد من المحسنين الأبرار في مختلف
البلاد الإسلامية على مر العصور . أولئك الرجال الذين شمل إحسانهم جوانبَ عديدة
من حياة الناس ، لتُضمَ إلى قائمة المهام الجليلة المباركة في الخدمات التعليمية والصحية
والمهنية وغيرها مما جــدً في عصرنا هذا . وعملوا أيضا على رفع المستوى المعيشي
الاقتصادي والاجتماعي ... ولتطوير اهتمام الناس بالمجالات الحيوية التي تعودُ بالسعادة
والطمأنينة على الفقراء والمحرومين الذين افتقدوها لسبب أو لآخر .
والمحسنون أفراد اجتباهم ربُهم تبارك وتعالى لعلمه بأحوالهم ، وقد نجحوا في اختبار
القدرة الفائقة في توظيف ما أعطاهم اللهُ من مال . فكانوا أهلا لرضوانه ، ومكانا مباركا
لكرامته في الدنيا والآخرة . وقصصهم العجيبة في حياتهم ، وعند موتهم تزخرُ بها
أسفارُ حكايا المحسنين الصالحين . فطوبى لهم وحسن مآب )) .
رُ دً لي بهجة التقى في المغاني=وافترارَ المنى بنور المثاني
ورفيف الحنان في أضلع الأبرار . =.. يهفو إلى جنى الإحسان
تتسامى القلوبُ بالصفة العليا .=... على منهج الهدى الرباني
أنشأتها عنايةُ اللـــه في الأرض . =...فكانت كالماء للبستان
تد فعُ السوءَ والأذى عن أُناس=أوجعتهم ضراوةُ الأشجان
فيه معنى الإيثار حيثُ تجلى=بالعطايا الندية الأردان
لرجال أثروا النفوسَ سُمُوا=بجمال الآداب لا العنفوان
ترتقي النفسُ بالندى ما استظلت=في ميادين خيره الفينان
وتوالي شعورَها حين تصفو=بتسامي يقينها الريًان
هكذا تخرجُ النفوسُ من الشح .=... وترمي وساوسَ الشيطان
ساقها اللهُ واجتباها إلى الحسنى .=... فنالتْ من فضله المُـزدان
ورجتْ منهُ بالسخاء حياة=طيًبتْها أناملُ التحنان
***=***
كم فقير من جودها تتغنًى=شفتاهُ بالحمد والشكران
ويتيم عادت إليه ابتساماتُ .=... حبور في فرحة الولدان
وأنين في صدر أرملة تُـكوَى .=... فؤادا بالآه والأحزان
قد رعاها أخو المروءة فانجاب .=... الأسى عن فؤادها الحرًان
وحباها بالجود يدفعُ عنها=ثقلَ الدين أو صروفَ الزمان
وغريب قد لاذ في كنف البر .=... و وافى بالسعي دارَ أمان
ما أُحيلى الإخاءَ باتَ بساطا=لاجتماع الأجناس والألوان
ليس للشر فوقه من حضور=والأذى فيه ماله من مكان
هي دارُ الإحسان قامَ علاها=بيد المحسنين في البلدان
عزً دينُ الإسلام إنً محياهُ .=... بسيم في حقلها النشوان
فعطاياهُ : هؤلاء المحبون .=... نشيد المنى بكل لســــان
يومَ لبوا عذبَ النداء وجاؤوا=يتوخونَ طاعة الرحمن
بذلوا مالهم فزادهُمُ اللهُ .=... وأغنى من جوده الهتان
وحباهم ففاض عندهُمُ الخيرُ .=... فآتوا ذا الفقر و الحرمان
وأباحوه للمساجد تُبْنَى=لصلاة مفروضة وأذان
يتهادى على مآذنها الصوتُ .=... ند يا صداه في الآذان
وبها الفضلُ والهدى والتآخي=والتلاقي للعلم والعرفان
يارعى اللهُ مَن أقامَ بيوتا=عامرات بالذكر والقرآن
هم رجال لدينهم أوفياء=ما تخلوا عن دعوة الإيمان
في حناياهُمُ المشاعرُ أذكتْ=جذوةَ الخير ... لم تزل بافتنان
ما تناءتْ عن المواجع في الناس .=... ولا أدبرتْ عن فٍعالٍ حٍسان
فالمشافي لهم لديها أياد=ولذي العجز عندهم قلبُ حان
وانتدبْهم ... فللملمات أهلٌ=ما تراخوا وما بهم من توان
أوقفوا الوقفَ في الحياة وأوصوا=بعدَ موت بما تجودُ اليدان
ذاك مرمى وفائهم يتسامى=في عُلُوٍ ما كان بالحسبان
لا يحبُ الرحمنُ وجهَ بخيل=يتوارى في الجحر كالثعبان
ويجافي الإحسانَ غيرَ جدير=بمآتي نفائس الأفنان
ماتَ من قبل موته إذ تردًى=بمهاوي التبار والخسران
***=***
قيمةُ المــرء في الحياة تُوازي=ما تبنًى في الخير والعمران
ونجاواهُ و المآثرُ إلف=للقلوب النقية الوجدان
ما تناءى أهلُ الندى عن مقام=يتراءى على ابتسام الجنان
إذ رعوا حقً ربهم في غناهم=ليتامى الأرحام والجيران
وذوي الحاجات الذين تلوًوا=في ثياب الآلام والحرمان
إنما المالُ للغني ابتلاء=والدعاوى تحتاجُ للبرهان
وزكاةُ الأموال فرض وركن=بين أغلى الفروض والأركان
ورضا الله لم يكن بالتمني=بئسَ مَن غَرًه نقبقُ الأماني
قم تأملْ ترَ الرجالَ تنادوا=لسباق وما عراهم توان
في المبرات والفضائل والجود.=... وفيما قد طابَ في الأعنان
إنه موكبُ الندى فَتَفَحًص=ما بكف الندى من الريحان
*** =***
أمتي أُنْزلَ الكتابُ عليها=من لدنْ عالم بسر الجَــنان
وحباها بما تطيبُ الليالي=من صفات قدسية ومعان
تلك آثارُها بأقصى البرايا=شـــاهد لا يحتاجُ للبرهان
عرفتها الشعوبُ في الشرق والغرب .=... ببذل من كفها الملآن
تبتغي وجه ربها لا لبغي=أو فساد في الأرض أو بطلان
هي تدعو إلى الإخاء وللبر .=... وتجفو الشقاءَ للإنسان