( مزقوا الحجاب الذي كان يغطي رأسها ، فآبت إلى بيتِ أهلِها دامعة العين ، حزينة القلب ، وهي ترى أفواج السافرات تملأ الشوارع بحرية يندى لها الجبين . حرية سعى من أجلها المرتدون الآثمون . دخلت دارَ أهلها وتوضأت ، ودخلت غرفتَها تناجي ربَّها علاَّم الغيوب وتدعوه ، ثمَّ خرجت ووجهها يشرق بنور الهداية واليقين قائلة : إنَّ وعد الله حق . ونصره قريب ... )
ألم تقرئي يا أُختُ في دفترِ العصرِ=حديثَ الأُباةِ القابضين على الجمرِ
يقاطعُهم أمنُ الحياةِ سفاهةً=وفي أضلُعِ الأيامِ يُلقَونَ للحَجرِ
أيُرجَى لمَنْ عاداهمُ الفتحُ والعلى؟=وهم سرُّ ما للفتحِ في طلعةِ النَّصرِ
يقاتلُهم أهلُ الضلالِ ضلالةً=وينهشُهم حقدُ الطغاةِ بلا وِزرِ
أراهم كرامًا حيثُ بانوا ، بعزَّةٍ=وغيرُهمُ في الأرذلين أولي الشرِّ
على قِممٍ لم يدرك الغيُّ شأوَها=ففي رفرف التقوى أجابوا صدى الفخرِ
***= ***
فيا أُختُ حيَّاك العفافُ تقيَّةً=أقيمي على طهرٍ ، وعيشي على بِـرِّ
فموكبُ أهلِ اللهِ ما هدَّه العنا=وليس يبالي بالمكارهِ والجورِ
مضى رافعًا في العالمين شريعةً=ولم يثنِـه خطبٌ تلوَّى على غمرِ
يلاقي أذىً في بالِ فرعون لم تدرْ=رحاهُ ، ولم يعلمْ به أخو مكرِ
على كلِّ صبَّـارٍ تريْنَ يـدَ الأسى=تخطُّ أجلَّ العهدِ في صحفِ الصَّبرِ
ويقطعُ سلسالَ المنى الحُلوَ عنهمُ=دجى قلقٍ قد فارَ في الغيهبِ المـرِّ
وذي أُمتي يا أُختُ يفجعُ قلبَها=أنينٌ سخينٌ إنْ تنفَّسَ في صدرِ
خماركُ عزٌّ ، واحتجابُكِ رِفعةٌ=كفاطمة الزهراءِ تاهتْ على البدرِ
ذري للكلابِ السُّودِ كلَّ رخيصةٍ=تُلاكُ بأشداقٍ على خِسَّـةِ العُهرِ
أيستأنسُ المكدودُ في ظلمِ الأسى=بما تنعبُ البومُ الشقيةُ في قفرِ !1
يسيلُ على الأحناءِ مـرٌّ و علقمٌ=وفي شفتينا يلهثُ الصَّمتُ بالعسرِ
على أيِّ جنبٍ أقلبُ الحالَ لم أجدْ=سوى ألمٍ يضني ، وفاجعةٍ تزري
تبوَّأ قومي في زمانِ ضياعهم=دياجيرَ هولٍ مالها اليومَ من حصرِ
عرا جمعَهم شدقُ الرزايا وكشَّرتْ=فأنيابُها فيهم تغوصُ إلى النَّحرِ
فياحسرةً أدمتْ فؤادي وعجَّلتْ=على مهجتي الجرحَ المدمَّى على الظُّفرِ
فقومي عفتْ أفراحُهم غير أنهم=حيارى لسكرٍ أو سكارى بلا خمرِ
تلقفهم زيفُ الحضارةِ فانثنوا=وساقتْهُمُ الأهواءُ في المهمهِ الوعرِ
فشجوي على قومٍ أعزَّ مقامهم=إلهُ السماواتِ العلى في شرعةِ الخيرِ
وحطُّوا على ماحرَّمَ اللهُ حيثُ هم=نشاوى ، فكانت فيه قاصمةُ الظهرِ
وقد صوَّحتْ كلُّ المبادئِ في الورى=وهاهي أمستْ في مهالكهم تجري
فسبعون عاما للشيوعية انجلتْ=عن العفنِ الممدودِ في جسدِ الكفرِ
فأين نظامٌ عاشَ لينينُ عمرَه=ينمِّقُـه بالموبقاتِ ولا يدري
بلى! سيريهم خالقُ الخلقِ فقرَهم=وأنَّ كنوزَ الكفرِ في جعبةِ الفقرِ
فهل لذوي الألبابِ من أُمَّـةِ الهدى=إيابٌ إلى الديَّانِ ينقذُ من خسرِ
لنا خطواتُ الواثقين ، وإن رمتْ=علينا يدُ الباغين أو دولُ الشرِّ
فأفواجُنا تترى برغمِ قيودِهم=على الدربِ لم تجفلْ من الزاحفِ الدُّثرِ
فياربِّ لاتهلكْ بقايا عصابةٍ=على ملةِ الإسلامِ تحيا مدى الدهرِ
تريدُ لهذا الدين فتحًا وعزَّةً=بصبحٍ قريبٍ قد تبلَّجَ بالنَّصـرِ
فحكامُنا قد جانبوا الحقَّ والهدى=وأغروا بنا الكفارَ في نشوةِ الكِبرِ
ولم يقبلوا محضَ النصائحِ فانثنوا=وباؤوا بخسرانٍ ، وناموا على قهرِ
وكم من دعيٍّ يملأُ الحقدُ جوفَه=يلطخُ وجهَ الخيرِ بالبغضِ والهجرِ
تراه بأكفانِ الهوانِ وقد هوى=على ذلِّه المزري تشبَّثَ بالمكرِ
يعيبُ على مَنْ عاشَ للهِ داعيًا=فيلسعه عصرُ التَّملقِ في العصرِ
وليس لدجَّالٍ وإن عاشَ آمنا=زمانا على ريبِ المفاسدِ من سترِ
فعاقبةُ الأشرارِ شرّ فضيحةٍ=توعَّدهم ربُّ العبادِ على الحشرِ
فقفْ دونَ شرعِ اللهِ كالسيفِ مصلتا=عليهم فهم سرُّ المصائبِ والجورِ
ويا أيها النَّـاسُ الذين تفرقوا=و دينُكًمُ الإسلامِ ثوبوا إلى البَـرِّ
ألا طهِّروا أعمالَكم من فسادِها=و ردُّوا جميلَ الفضلِ للهِ بالشكرِ
ومَنْ لاذَ بالرحمنِ لـم يحْنِ هامةً=لطاغيةٍ يفنى ، ولا لمُدى الكفرِ
فإنَّ عناوين الفلاحِ عزيزةٌ=على مَنْ أناخَ النفسَ في مرتعِ الضَّيرِ