فرحةُ العيدِ لم تزلْ في فؤادي = تَتَثَنَّـى بأعذبِ الإنشادِ
لِليالٍ في أمسنِا مقمراتٍ = دانياتٍ ببهجةِ الأولادِ
وابتساماتِ أهلِنا وبنينـا = في وجوهِ الأجدادِ والأحفادِ
وافترارِ المنى بلُقيا تجلَّتْ = بلقاءِ الأرحامِ في الميعادِ
وكرامُ الجيرانِ خفَّتْ خُطاهـم = للتهاني فليس من إيصادِ
كم مشينا إلى المساجدِ نشدو = بجمالِ التكبيرِ في الآرادِ
وتموجُ الدروبُ بالنَّاسِ جاؤوا = للمكانِ المشهودِ في الأعيادِ
لم يزالوا يكبِّرون فَيُلْفَى = رجعُ تكبيرِهم بصوتِ الحادي
فهنا الفضلُ والعقيدةُ تحيي = في حنايا القلوبِ أسمى وِدادِ
عـزَّةُ الدِّينِ ماطوتها الرزايا = أو تخلَّى فرسانُه عن جـلادِ
كم عدوٍّ في جبهةِ الشَّرِ وافى = بصنوفِ الإيـذاءِ والإفسادِ
وأثيـمٍ أضغانُه ما تخلَّتْ = عن طعانٍ لأُمَّــةِ الأمجادِ
فتنادى للبغيِ معْ سفهاءٍ = ليَشُوبُوا أفراحَنا بالتَّمادي
ويُوالون كلَّ صاحبِ حقدٍ = كي ينالوا من روعةِ الأبرادِ
وهـو العيدُ لم يزلْ في سُمُوٍّ = رغـمِ عصفِ الإعصارِ والأنكادِ
أنْبِِئُوهم أنَّ المشاعرَ تبقى = في نفوسِ الشعوبِ والعُبَّـادِ
أخبروهم أنَّ العقيدةَ أقـوى = من فلولِ الأسافلِ الأوغادِ
نَبِّهوهم بما طواهُ عَمـَـاهم = عن خلودِ الإسلام في الآبادِ
سيُوارونَ في التَّبابِ وتُطوَى = صفحاتُ الأشرارِ تحتَ الرمادِ
وسيبقى تكبيرُنا يتعالى = من دمشقٍ إلى ذرا بغدادِ
ومن الشَّرقِ فـوحُه وإلى الغربِ . = . يثيرُ الأطيابَ بين البوادي
أفلحَ المؤمنون فالعيدُ بابٌ = للمزايا الكريمةِ الأبعادِ
فافعلوا الخيرَ قـد أُمرتُم ولولا = عملُ الخيرِ لاترى من جــوادِ
وأطيعوا نبيَّكم كي تنالوا = مبتَغَاكم في جنَّةِ الميعادِ
مَن يُعَظِّمْ للهِ من حُرماتٍ = يتسنَّمْ مدارجَ الزُّهَّادِ
فالتكاليفُ سِفرُها يتجلَّى = بجميل الثَّوابِ يـومَ التَّنادي
والملبُّون إذْ دعاهم إلهي = لرشادٍ فَلْيبشروا بالرِّفـادِ
قالَهـا اللهُ في المثاني فأصغى = للنداءِ الميمونِ خيرُ العبادِ
مَن يُعظِّمْ شعائرَ الله يغنَمْ = من هدايا الرحمنِ طيبَ الـزَّادِ
في الكتابِ المبينِ فخرٌ وعـزٌّ = وقبولٌ ورفعةٌ للعبادِ
فيه ياقوم ذكرُكم وهُداكم = وعـلاكم ومنهجُ الإرشادِ
قرباتٌ لـم تُبقِ للمرءِ ذنبًا = إنْ أتاهـا بنيَّةٍ واعتمادِ
فَتَحَـرَّ الأفعالَ تُرضي فؤادًا = باتَ يرجو الفـلاحَ في الميعادِ
والفتوحاتُ علمُها عند ربِّي = حيثُ سُلَّ الفِــدا من الأغمادِ
وهـو النصرُ من إلــهٍ كريمٍ = ليس ينسى الألى من القُصَّادِ
مَن دعـا اللهَ صادقًا لـم يُخَيَّبْ = وستُطوَى حكايةُ الأصفادِ
إنَّـه اللهُ فاتَّخذْهُ وكيلا = فالأعادي مصيرُهـم للبَدادِ
فَلَدَى شعبِنا العظيمِ يقينٌ = بانتصارٍ فاللهُ بالمرصادِ
وهي السُّنَّةُ الأثيرةُ كانت = وستبقى النبراسَ للروَّادِ
ماوَهَنَّا ولن نهونَ فَــزَادٌ = من كريمِ الميراثِ خيرُ عِمــادِ
فَهُدَى ربَّانيَّةِ الدِّينِ أبقى = من هُــراءِ الفجَّـارِ والأوغادِ
فاقرأ التاريخ المجيدَ وأيقنْ = أنَّ ذا النورَ لم يكنْ للنَّفادِ
نورُ شمسِ الورى يضيءُ فأبصِرْ = ما لفضلِ الأنوارِ في الآرادِ
دعوةُ اللهِ والمناهجُ كُثرٌ = إنَّمـا لم تعشْ لخيـرِ البلادِ
هي عاشت على مصالحِ قومٍ = سخَّروهـا لوأدِ نفعِ العبادِ
هي جاءت صناعةً من أناسٍ = ومصيرُ امتدادِها لِلعوادي
إنَّما شِرعةُ الإلـهِ اصطفاها = ربُّ كلِّ الورى ليومِ المَعادِ
فنظامٌ ذو فطرةٍ أزليٌّ = أبـديٌّ للخيرِ والإرفادِ
يهبُ النَّاسَ فضلَ ربٍّ كريمٍ = نعمًـا لا تغيبُ في الآمادِ
فيه يحظى بالمكرماتِ تقيٌّ = ويُقادُ الكفَّـارُ بالأصفادِ
فملوكُ الخلودِ شُعثٌ وغُبرٌ = حيث عاشوا الحياةَ كالعُبَّـادِ
في محاريبِ أنسِهم قد تجافوا = عن مساوي أهلِ الهوى والرُّقادِ
فهُمُ القومُ ما تناسوا نــداءً = لطريفٍ في عيشهم وتـلادِ
في صلاة تحيي القلوبَ وتُلفي = في ظلال القرآن خيرَ الزَّادِ
وصيام والحج بعدُ ينادي = وزكاة لمـوسرٍ ذي ودادِ
وقيام في الليلِ طوبى لقومٍ = أفردُوهُ للــهِ ذي الإسعادِ
ومزايا أثيرة واهتمام = يتوالى من ساعة الميلادِ
فَهُـمُ أهلُ الرضـا بِسُنَّةِ طــه = وبإحياءِ موسم الأعيادِ
التَّهاني وللزيارةِ أجــرٌ = وتُؤدِّي المعروفَ بيضُ الأيادي
أثمرَ الــوُدُّ من سجايا نفوسٍ = عَلِمُـوهَا عن النَّبيِّ الهادي
وعن الصَّحبِ للورى حفظوها = وبهـا المجدُ في البريَّةِ بادِ
ليس يأتي الزمانَ مهما تسامت = أنفُسُ الناسِ مثلَ أهلِ الرشادِ
ماقلاهُم غيرُ الشَّقيِّ فتبًّا = لغثاءِ الرعاعِ والحُسَّــادِ
قد كفاهـم ربُّ العبادِ امتيازًا = وحباهـم بوافر الإرفادِ
فَهُمُ الصَّفوةُ الذين اصطفاهم = للنَّبيِّ الحبيبِ ربٌّ هـــادِ
فـدعِ الشَّانئين في حسراتٍ = لـم ينالوا منها سوى الإبعادِ
ضلَّلَتْهُم عن الهدى كبرياءٌ = إنْ لجهلٍ أو لامتطاءِ العنادِ
وهمـا أوْقَعَا اللعينَ بنـارٍ = مالها في الجزاءِ من تَهـوادِ
فَلْيذوقوا ثوابَ حقدِ وفِسقٍ = فلظى بانتظارِهـم في الوادي
كم دعوناهـم للحقيقةِ لكنْ = ما أجـابَ الأشرارُ صوت المنادي
يبخلُ الفاسقون عن نفعِ شعبٍ = ويمدونها يــد الإفسادِ
أَوَلَـمْ يبصر الطغاةُ ابتهاجا = في نفوسِ الآباءِ والأولادِ
إنَّهـا الفطرةُ التي ليس تفنى = رغم كلِّ التَّزييفِ والأنكادِ
والرواياتُ كلُّها ستُوارى = وستبقى روايةُ الأعيادِ