هوامش :
- انبتار : انقطاع ، افتراق .
- سقي : مفرد أسقية ، وهي السحابة كثيرة الماء .
- الجلَّنار :زهر الرمان .
مصحفي منهجي فعندي الفخارُ = وَبِكفيَّ رايتي والشعارُ
والمواثيقُ مزهراتٌ بصدري = دانياتٌ قطوفُها والثمارُ
إلفُ روحي : روضُ المثاني ولولا = مُجتناها لَمَا تناءى التَّبارُ
هدأةُ الليلِ خيمتي ماتناءى = عن مُناها الأفاضلُ الأبرارُ
بنديِّ الترتيلِ يبتهجُ القلبُ =وتصفو الآناءُ والأسحارُ
وبليلي آياتُه ونهاري = تتجلَّى في أُفقِها الأنوارُ
وبأحناءِ قلبيَ الشوقُ أذكاهُ =حنينٌ لايعتريه البوارُ
هجرَ الممحلَ الموشَّى بشوكٍ = فاجتباهُ ربيعُه المعطارُ
وتولِّي نوازعُ النفسِ ثكلى = لم تجدْ في يقينه ما يُثارُ
ليس بالتائهِ الولوعِ بدنيا = زيَّنتْها بالبهرجِ الأوطارُ
بين وحلِ الآثامِ ترتعُ نفسٌ = فلها معْ شيطانِها إصرارُ
قد جفاها الذي يؤاخي المثاني = فتحاشاهُ في الغدوِّ العثارُ
وتثنَّى بالبيناتِ كريمًا = كلما هزَّ نفسَه التذكارُ
في لقاءٍ وبشرياتٍ عِذابٍ = آخرَ العمرِ إن تدانى احتضارُ
جلَّ ربي قرآنُه عربيٌّ = جاءَ فيه للصَّالحين ادِّكارُ
وهُداهُ للعالمين رشادٌ = ونجاةٌ وعزَّةٌ ويسارُ
إنَّ نورًا لولا سناهُ لضلَّتْ = أعينُ الخَلقِ واعتراها العَوارُ
يومَ جاءَ النَّبِيُّ يتلو عليهم = آيةَ اقرأْ وللهدى أخيارُ
فاستجابَ الأبرارُ ، فاقتُلعَ الشَّرُّ =فعالي صروحه تنهارُ
كيف لاتخشعُ الجبالُ وتسَّاقطُ =خوفًا ، فالمُنْزِلُ الجبَّارُ
لمثانيه الجاهليةُ ولَّت = ليس يقوى على الهدى الكفارُ
وسيبقى القرآنُ مادامت الدنيا =ويُطوى ما أحدثَ الفجَّارُ
لايغرنَّك الفسادُ بأرضٍ = إن طغى أو تألَّبَ الأشرارُ
هو زيفٌ إعصارُه يتلاشى = وبشدقيه يُبلَعُ الإعصارُ
عِشْ بقرآنِك الكريمِ عزيزًا = فبغيرِ القرآنِ ذلٌّ وعارُ
وبغيرِ الإسلامِ ضنكٌ وبغيٌ = وغُلُوٌّ وخيبةٌ واندحارُ
أحيِ دنياكَ بالتلاوةِ واعلمْ = أنَّ في النأيِ عن سناهُ اندثارُ
نحنُ أحياءُ بالكتابِ وهاهم = رغم كلِّ الزيناتِ فيها صغارُ
ليس ترقى الشعوبُ إلا بما أنزلَ =ربي وبشَّرَ المختارُ
فَلْيَروا مايشاءُ كلُّ أثيمٍ = من ضلالاتِه فبئسَ الإسارُ
وعليهِ فَلْيتَّقُوا اللهَ في الذكرِ =وإلا فللعُتُوِّ النَّارُ
أيُّها الحافظُ المكرَّمُ رتلْ = ما حوتْهُ الأحناءُ والأسفارُ
واخشَ مولاكَ فالمنازلُ أعلى = ليس للراغبِ المنيبِ انبتارُ (1)
وكنِ الماهرَ التقيَّ لتحظى = فجنانٌ ورفعةٌ وافتخارُ
وعِشِ العمرَ للمثاني رفيقًا = تنلِ الأنسَ ماله إدبارُ
فالمثاني رواؤُها ليس يبلى = والنعيمُ المقيمُ نعم الدَّارُ
زيِّنِ القرآنَ الكريمَ بصوتٍ = لايُجاريهِ في الأداءِ هزارُ
وتدبَّرْهُ فَهْوَ معجزةُ الخالقِ =للخلقِ ماعراهُ اندثارُ
فلربي الثناءُ والحمدُ أحيا = أمتي الدهرَ فيضُه الزَّخَّارُ
وأراها السبيلَ هَديًا و وعيًا = فاستنارتْ بوحيهِ الأفكارُ
من سَقِيِّ التنزيلِ روَّتْ صدورا = وحباها ثجَّاجُه المدرارُ (2)
ورنتْ روحي شطرَ أفْقٍ تعالى = ماشدا فيه آثمٌ مهذارُ
الكتابُ المكنونُ ترتيلُه الأجودُ =يُرجَى أثيرُه المعطارُ
وفيوضُ الآياتِ في هدأةِ الليلِ =شفاءٌ سحَّاحُها وادِّكارُ
فالمثاني وحيٌ تنزَّلَ شذوًا = ليس يرقى لزهوِه الجلنارُ (3)
فازدهتْ صفحةُ اليقين بقلبي = إذ سناها عند الظلامِ منارُ
فازَ أهلُ القرآنِ بالسَّبقِ يُدني = مُرْتَقَاهُم إلى الرضا استبصارُ
ما اعتراهم هبوبُ مِلَّةُ جانٍ = شحنتْ غثَّ سعيِه الأوزارُ
يُنْشِئُ الذكرُ في القلوبِ شموخا = ما تلاشى شلاَّلُه الهدَّارُ
آهِ ما أعذبَ التلاوةَ فجرًا = حيثُ تصغي النجومُ والأقمارُ
حيثُ تدنو ملائكُ اللهِ قربا = لايُداني العذوبةَ المزمارُ
قد ترشفتُ من ينابيعَ فاضتْ = من حواميم قدسِها الأسرارُ
القلوبُ الظماءُ للألقِ العذبِ =ابتشاشاتُها النَّديَّةُ غارُ
في علاها تبوَّأتْ من رضا اللهِ =محاريبَ زانَها استبشارُ
ما لإبليس والغواية فيهم = أثرٌ يُجتَلى عليه انحدارُ
فنفوسُ الأبرارِ ألهمها اللهُ = وأغنى اعتدادَها استغفارُ
مارَجَاهُ الشيطانُ ساعةَ ( أنظرني ) =سرابٌ وزيفُه منهارٌُ
فالسباقُ السباقُ للملأ الأعلى =من الذكرِ زادُه الإيثارُ
وجناحاهُ رفرفا ماتدانتْ = فيهما هِمَّةٌ ففيه تُثارُ
إنه الوحيُ ماتقادمَ لكنْ = في مُناهُ استظلتِ الأخيارُ
فالمثاني للصَّادقين فلاحٌ = وثوابٌ وموئلٌ مُختارُ
ولحُفَّاظها الكرامةُ كانت = والقصورُ الحِسانُ والأنهارُ
في جِنانِ الخلودِ إذ تتراءى = درجاتٌ لهم فنعمَ القرارُ
قالها المصطفى عليه صلاةٌ = وسلامٌ من ربِّه وافتخارُ
قالها : اقرأْ . للمتقين وأثنى = لاعلى الهجرِ ماله استثمارُ
إنما يدركُ الثناءُ جموعًا = لم تغادرْ آناءَها الأذكارُ
فأفيقي من غفلةٍ عشتِ فيها = قيدَ وهْنٍ ، فللفنا إنذارُ
إذْ تمادتْ غوائلُ الدهرِ فيها = مجحفاتٍ ماعاقها مضمارُ !
وبها نامت القلوبُ وأغفتْ = عن أيادي ابتزازها الأبصارُ !
كيف لاتنهضُ القلوبُ لخطبٍ = وعليه اسْتُبيحتِ الأمصارُ !
كيف تغضي على النوائبِ دهرًا = والشَّكاوى عنوانُه والمرارُ !
أَوَتُجْتَاحُ أُمَّتي وهْيَ دارٌ = مُنتَماها إليه كانَ الخيارُ !
وعليها عينُ الزمانِ لشجوٍ = قد عراها همَّالةٌ والديارُ
يوم أخوتْ على الفجائعِ يشكو = لبنيها مرَّ الفراقِ الذِّمارُ
هكذا حالُ أمتي ، ولديها = ماتُواري ثقيلَه الأسفارُ
أَوَمَا أنَ أنْ تهبِّي شموخًا = مثلما كنتِ حثَّك الإبكارُ !
وتعيدي الراياتِ تخفقُ مجدًا = وتولِّي عن أفْقك الأخطارُ !
أنتِ خيريةُ المثانيَ جلَّتْ = عن مآلٍ يرومُه ختَّارُ !
فاستردِّي بطاعةِ اللهِ عزًّا = ضيَّعتْهُ الأوزارُ والإدبارُ !
مركبُ الفوزِ والنجاةِ قريبٌ = ولديك الأبرارُ والأخيارُ
فالمثاني تهدي لأكرمِ فوزٍ = أحرزَتْهُ من قبلنا الأنصارُ
بيديها يا أُمتي رحماتٌ = فلهذا الشَّقا المريرِ اندثارُ
والمفاهيمُ للهدى مسفراتٌ = قد تغنَّتْ بِعَذْبِهَا الأطيارُ
هي في الآيات الكريمة نورٌ = قد تسامى فشأنُه الإكبارُ
وَهْوَ في السُّنَّةِ الشريفةِ نهجٌ = قد جفاهُ الكفارُ والأشرارُ
فأقيميهما هُويَّةَ جيلٍ =أنهكتْهُ الأوهامُ والأطوارُ
كي تنالي مكانةً لم تصلْها = أُمَّةٌ ردَّ خطوَها استكبارُ