هوامش وخربشات حضارية

(إذا الشعب يوما أراد الحياة)

تكالب ضده أعتى البشر

وجاء السباع وجاء الضباع

وكل الأفاعي ذوات الخطر

فذو القرب ينهش من لحمه

وذو البعد يرمي بأقسى حجر

وهيهات تلقى نصير الضعيف

فللشر ينحاش أهل البطر

وكم باد قبلنا من صالحين

وجروا الجراح وما منتصر

فتعسا لمن ظن أن الظلام

لسوف يزول بكر وفر

مضى عصر سيف ورمح وترس

وجاء زمان عظيم الخطر

تخاض الحروب بحاسوب علم

وعبر الأثير وفعل الهكر

وما في الجيوب رنين فلوس

ولكن بنوكا بها تدخر

إذا أنت تجهل هذا الزمان

يخونك سمعك حتى البصر

وما بالأماني سيأتي الصباح

ولا بالصراخ وشتم القدر

لقد جاء عصر الضلال الفظيع

ضلال تجلى بشتى الصور

ضلال تجره أعتى الجيوش

محاط بعلم ووهج الشرر

وفيه يباح لكل الملاح

وغير الملاح ما قد حُظر

وتلهو البرايا وراء الغواني

يحبون أهل الغنا والوتر

وليس لهم في الفضائل شغل

مضى عصرها مثل مر المطر

وأهل الصلاح كمثل قطيع

بليلة برد وفيها المطر

فهم في الوجود حفايا عرايا

وهم في الزمان ضعاف الأثر

يعيشون في غير هذا الزمان

وغرقى بنوم وما مدكر

فما رحبوا بعلوم الحياة

وقد نعتوها بقصر النظر

وهم في اجترار لعلم الهداة

يعيدون بحثا مضى واندثر

فهذا يضعف كل صحيح

وذاك يصحح أوهى خبر

وهذا يقول بدعوى الحلول

وذاك يهيم بأهل الوبر

وآخر يعشق سفك الدماء

وسلب الضحايا وأن ينتحر

وهم يعبثون وهم يلعبون

وهم يلهثون لنيل الوطر

قد احتقروا كل علم جديد

وما فكروا بصعود القمر

تهاوش في كل مصر وعصر

وكل سيزعم قربى عمر

فوا أسفاه وواحزناه

وما من نصيح ولا معتبر

شعوب تهيم هيام السكارى

كمثل جراد غزا وانتشر

ألا فاعتزل أهل هذا الزمان

وعش مستقلا بعصر أشر

وكن راعيأ لقطيع المواشي

تناجي إلهك عند السحر

تفر مع الصبح نحو الفلاة

وتنعم عند اعتزال البقر

لترض بحكم العليم الخبير

فما من محيص ولا من مفر

وسوم: العدد 1044