وكم من أذى نمرود يشهدُ عصرُنا = فمنهم تردَّى والبقيَّةُ تلحقُ
هوامش :
(1) الغيدق : الكثير ، الوافر .
(2) الديسق : بياض السراب وترقرقه .
(3) الجلنار : زهر الرمان .
(4) اللهفان : المتحسر ، الحزين على ما مضى .
(5) يلبق : يليقُ ، وتقال للحاذق في إدارة الأمور .
(6) تفهقُ : يفيض خيرُها لكثرته .
(7) لا ينتِق : لايتصدعُ ،لايتزعزع .
(8) تتنسَّق : تنتظم الخطوب وتتعاقب .
(9) يرنِّقُ : يطيل النظر إليه .
(10) الديسق : لمعان السراب و بياضه .
(11) يَنْفُقُ : يفنى ، يتلاشى ، يضمحل .
(12) التَّشدُّق : التشدق بالكلام دون احتراز .
(13) السُمُّ الزُّعاف : هو السم القاتل في حينه .
(14) موبق : مهلك .
على مقلَتَيَّ الطَّيفُ يهفو ويغسقُ = وبينهما حُلمي الجميلُ المُوسَّقُ
وفي غمراتِ الشَّجوِ في ليلِ غربتي = أبِيْتُ وروحي في سماها تُحَلِّقُ
أرى أمَّتي تشكو الهوانَ وما أتى = لنُصْرَتَِِها حامي رباها المُوفَّقُ
شعوبٌ لها شأنٌ ، كثيرٌ عديدُها = ولكنْ يُجافَى مجدُها المتألِّقُ
يحاصرُها الأعداءُ من كلِّ جانبٍ = وليس لها للردعِ حولٌ ومنطقُ
فكم نكبة تجتاحُها تلوَ نكبةٍ = يشيبُ لها أطفالُها حيثُ تبرقُ
وهم أفسدوها والأعادي تحالفُوا= ومن فتنةِ الإرهابِ هاهم تسوَّقُوا
ولجُّوا لإضعافِ الشعوبِ فأبرموا = تجارةَ إلْهَاءٍ وفيها تفوَّقُوا
كدعوى شقيٍّ باءَ بالإثمِ سعيُه = وإن أوسعوا دعواهُ مدحًا وصفَّقُوا
فكلُّ فسادٍ ضجَّ بالسُّوءِ ليلُه = لقد صنعتْهُ أنفُسٌ ليس تصدُقُ
مثالبُهم كُثرٌ وسيرتُهم أذى . = . غلوّ بمرماها فلا هي تسمُقُ
بهم شنآنٌ للشَّريعةِ لم يزلْ = بأحنائهم يغلي أذاهُ ويَفْهقُ
ألا مَن يعادي الحقَّ فاللهُ خصمُه = وليس له يومَ القيَامةِ مشْفِقُ
وتشهدُ دنياهُ التي باتَ حتفُها = قريبٌ فما دامتْ ستذوي وتخلَقُ
أولئك أهلُ البغيِ والغيِّ والهوى = فمركبُهم في ذي المعامعِ يَغرقُ
أذى الآمنينَ المسلمين بأرضهم = بوحشيَّةٍ تُدمي القلوبَ وتحرقُ
أتينا إليهم بالفتوحاتِ رحمةً = فمغربُ أهلِ الأرضِ لبُّوا ومشرقُ
كتائبُ جندِ اللهِ جاءَتْ فأقبلتْ = إليهم شعوبٌ للِّقا تتشوَّقُ
فقد أنقذتْهم من طغاةٍ هواهُمُ = عروشٌ تُواري ماتريدُ وتمحقُ
ولمَّا هجرْنا دينَنَا وتَضَعْضَعَتْ = لدينا بطولاتٌ بها المجدُ يُورقُ
أتانا عدوٌّ لم يرَ الحقَّ إنَّما = دعاهُ إلى حربِ الشَّريعةِ أخرقُ
فجاؤوا وعاثوا في البلادِ ونكَّلُوا = بأُمَّتِنَا والحقدُ في القومِ أحمقُ
فذاقتْ مغانيها مرارةَ بغضِهم = ومنهم غزاةٌ ويلهم ماترفقُوا
فقد سلبوا خيراتِها وتقاسموا = كنوزا بأرضِ المسلمين وما لَقُوا
ونحنُ تخاذلْنا وقادَ شعوبَنا = شقيُّ تمادى في الفسادِ وأخرقُ
فقاتلُها منها ومنها تخرَّجُوا = وعاقبةُ الإسرافِ بالوهْنِ مُمْحقُ
فأين مروءاتٌ لنا وشهامةٌ = وأين خيولٌ قد هجرْنا و أينُقُ !؟
وأين نَجَاوَانا بليلِ شقائِنا = وأينَ المثاني والحديثُ المُنَمَّقُ !؟
وأين أبوبكرٍ يباركُ صفَّنا = ويجمعُنا فالرايةُ اليومَ تخفقُ
وأين يدُ الفاروقِ تَبْتُرُ حقدَهم = على أمَّةِ الإسلامِ والشَّرُّ يُمحقُ
ونادِ بذي النُّورينِ يُدْرِكْ بجوده = بيُمْناهُ إذْ يشكو فقيرٌ و مملقُ
ونادِ عليًّا فالبلادُ يجوسُها = عدوٌّ لها يأبى الرحيلَ وَيَنْتِقُ
تولتْهُ أقدارُ الإلهِ فَمُزِّقَتْ = فيالقُه والحقدُ فيهم موثَّقُ
أذاقوا الأهالي الآمنين كأنَّهم = وحوشٌ إلى ذبحِ الأناسِ تسابقُوا
تمرُّ على قلبي صُروفٌ مريرةٌ = فيأسى لآلامِ الشعوبِ ويُطرقُ
ذريني أَفِ العهدَ الوثيقَ فإنَّها = مثالبُ إنْ متْنا تعيشُ وتفهقُ
يغالبُني حزني على حالِ أمَّتي = ويغفو بأحداقْيِ الربيعُ المرقرقُ
وأنظرُ والآفاقُ تزخرُ بالرؤى = ويُمطرُني ليلٌ مَن الهَمِّ غيْدقُ (1)
أنامُ وأشباحُ الرزايا تهزُّني = وأصحو ونيرانُ العزيمةِ تبرقُ
فتجمعُ أشتاتي فيشتدُّ ساعدي = فيغرقُ رغمَ الخطبِ زيفٌ وديسقُ (3)
رويدك ! فالأيامُ آتٍ ربيعُها = فهذي الصَّحارى جُلَّنارٌ و زنبقٌ (3)
صدى رنَّ في أرجاءِ روحي ولم يزلْ = حناجرَ تَدوي للجهادِ وتنطقُ
ومَن قالَ إنَّ الحقَّ يبقى لأهلِه = إذا لم يكنْ للسَّيفِ شأنٌ يُفَرِّقُ
فعندَ الثُّغورِ الرَّاعفاتِ خيولُهم = تغيرُ على أرضِ الحنيفِ وتعزقُ
فإن بقيتْ من غيرِ سيفٍ وفتيةٍ = يجولونَ فالأرض الخصيبةُ تُسرَقُ
ومَن يًَأمَنِ الأعداءَ والحربُ خدعةٌ = وأيديهُمُ بالشَّرِّ والغيِ ترشُقُ
وكنَّا يهابُ الظالمون لقاءَنا = وهاهم أتونا لِلِّقا وتفلقُوا
وكانت سرايانا تجوبُ رحابَهم = ويرنو لِلُقيا الخيرِ غربٌ ومشرقُ
وحسبُهُمُ خيرٌ لدينا ورحمةٌ = وقُوَّتُنا تحمي الشعوبَ وتشفقُ
وأما دعاةُ الحربِ والنَّهبِ والأذى = لهم في البرايا يحملُ الموتَ فيلقُ
أردنا لهم خيرًا فصدُّوا وأدبروا = وجاؤوا بما يُشقي الشعوبَ ويُملقُ
لقد وَهَبَ الرحمنُ أُمتَنا الهدى = فسادت به الدنيا وكفَّاهُ تُغدِقُ
فأين ليالينا الحِسانُ وأينَ مَن = لهم في رباها الحقُّ بالعدلِ ينطقُ !؟
جزيرتَنا رُدِّي الليالي هنيئةً = فحقلُ مآسينا الكئيبُ محملقُ
هنا أنْبَتَ الإسلامُ دوحةَ عزِّنا = فذروتُها طالت وفيها التَّأنُقُ
بمكَّةَ لم يُطفِأْ سراجُ هدايةٍ = فذي أممٌ بالبيتِ تسعى وتصدقُ
وإيماءةُ الوحيِ الأمينِ رسالةٌ = لها المسلمُ اللهفانُ بالشَّوقِ يرمُقُ
وفي البيتِ أطيابُ النُّبُوَّةِ فوَّحتْ = تهلُّ على المغنى الوريفِ وتُنْشَقُ
فأيَّامُ بدرٍ مكَّنَتْ شوكةَ الفدا = ويشهدُ للأصحابِ أُحْدٌ وخندقُ
ومؤتةُ سِفرٌ للبطولةِ خالدٌ = يحدِّثُ عن فحواهُ في السَّاحِ فيلفقُ
مدائنُ كسرى لم تقفْ بعد ذُلِّها = قلاعٌ منيفاتٌ لديها ورونقُ
وجندٌ لنا في القادسيةِ كبَّروا = وإذْ بالمجوسِ المفترين تفرَّقوا
وأٌطفئتِ النيرانُ نيرانُ غيِّهم = وجاءَهمُ الإسلامُ بالخيرِ يُغدقُ
لقد فتَحَتْها آيُ وحيٍ وأُمَّةٌ = لها المجدُ مشتاقٌ يميسُ ويَلبَقُ (5)
وهِمتُ إلى اليرموك والطيف شدَّني = وراحَ يُريني الأوفياءَ تسابقوا
على صهواتِ الضُّمرِ طاروا جحاجحًا = وحنُّوا إلى جنَّاتهم وتشوَّقُوا
وصوتُ الفدا قد كان نبضَ قلوبهم = تُردِّدُه بغدادُ شوقًا وجُلَّقُ
ورفَّتْ على الأمصارِ راياتُ فتحِنا = ففي الصِّينِ مرماها وفي الهند تخفقُ
وأندلس الخضراءِ تدنو قطوفُها = فعاشَ عليها الغربُ فالغربِ مملقُ
محقْنا دياجيرَ الضَّلالِ فدينُنَا = نهارٌ على دنيا الممالِكِ مشرقُ
به قد ملكْنا الأرضَ شرقًا ومغربًا = وجذوتُه رغمَ الدجى تتألَّقُ
وهبْنا مغاني الأرضَ عهدًا مُعَطَّرًا = ففوْحُ شذا الإسلامِ يهمي ويعبِقُ
جديرٌ بنا أنْ ننفضَ الوهْنَ والعنا = فعودتُنا لِلَّهٍ أحرى وأخلَقُ
جزيرتَنا لي فيك من سابق الهوى = أغاريدُ لايبلَى جناها ويخلَقُ
شَمَمْتُ بدنياكِ الطبوبَ رخيَّةً = وَسُحْبُكِ خيراتٌ على الأرضِ دُفَّقُ
ولي من حنيني للحجازِ قصائدٌ = بديعُ تَثَنِّيهَارقيقٌ وشَيِّقُ
بأُمِّ القرى أستافُ عطرَ جبالِها =يفوحُ ببيتِ اللهِ فالطِّبُ مُعْرقُ
وألمَحُ مَمْشَى موكبٍ إذْ يقودُه = نبِيُّ الورى والنُّةرُ بالبِشرِ يسبِقُ
فللخزرجِ الأبرارِ عهدٌ وموثقٌ = وللأوسِ شوقٌ للهُدى وَتَعَلُّقُ
وإنا وإن طالَ السُّرَى لَكَتائبٌ =إلى مثلِ أيامِ الأُلى نتحرَّقُ
شبابٌ تخطَّى الكربَ والظلمَ إذْ بغى = وهانَ لديهِ مَن طَغوا وتزندقُوا
ونادى الأُباةَ الصِّيدَ من أمَّةِ الهدى = تعالوا فإنَّ الشَّرَّ بالناسِ مُحدقُ
تعالوا إلى هَدْيِ النَّبيِّ وبايعوا = فإنَّ الرزايا بالأذى تتدفَّقُ
ويا أمَّةَ التوحيدِ هبِّي فإنها = عيونُ الورى ترنو إليكِ وترمُقُ
فقومي من الوهْنِ البغيضِ وجرِّدي = سيوفًا جفاها غمدُها والتَّملُّقُ
وياربِّ لاتُخْزِ انبعاثَ قلوبِنا = ببابكِ ضجَّتْ والتَّضرُّعُ يطرقُ
فرحماكَ ياديَّانُ فالأفْقُ مظلمٌ = وللمسلمين اليومَ صبحٌ سيُشرقُ
فاُمَّتُنا ياربِّ هبَّتْ جديرةً = دعاها هداها فالبشاراتُ تفهَقُ (6)
ستُروَى حقولُ الأرضِ بالخيرِ والمنى = وعاشَتْ يبابًا والتَّصحُرُ مُطبقُ
ولاحت لها راياتُ مجدٍ ورفعةٍ = على أُفُقِ الإسلامِ فاليومَ تخفقُ
فترنو إليها في البلادِ شعوبُها = فتهتزُّ أحناءٌ لها تتشوَّقُ
هي الفطرةُ الغرَّاءُ ماماتَ وَهْجُها = فهذي المثاني بالمآثرِ تنطقُ
وهذا هدى الرحمنِ يبقى جدارُه = فلا يعتريه الهدمُ أو هو يَنْتِقُ (7)
يصون إلهُ العرشِ أركانَ دينِه = ويحفظُها فالشَّرُّ بالخيرِ مُحدقُ
هي الأمةُ الثكلى وغيرُك ربَّنا = أبتْهُم وجاءتْ نحو بابِك تطرقُ
فما وجدتْ في العالمين نصيرَها = سواك وأبواب العداوةِ تُغلقُ
وقد عاجلَتْها من خطوبٌ مريرةٍ = وها هي في آفاقها تَتَنَسَّقُ (8)
وأرواحُ أبناءِ الحنيفِ رخيصةٌ = لدى زمرِ الطاغوتِ فاليومَ تُزهقُ
فلا وفَّقَ الجبَّارُ مَن داهَنَ العدا = ورُوِّضَ كالأنعامِ يجثو ويُطرقُ
يصالحُهُم والفتكُ في دارِ قومِه = فلا رأيُه يسمو ولا القولُ يصدُقُ
به ابْتُلِيَتْ في العيشِ أمَّةُ أحمدٍ = وخانَ الأماناتِ الأثيرةَ أخرقُ
فَتَبًّا لمَنْ ألقى بأُمَّتِه لِمَنْ = هُمُ الشَّانئون الخيرَ والخيرُ غيدقُ
سيلقى مصيرَ المرجفين ويكتوي = بجمرٍ تحاشاه التَّقيُّ المُوَفَّقُ
ويمتعضُ الأبرارُ من ذلِّ أُمَّةٍ = فواقعها المزري من الرزءِ يفهقُ
وتأسى على الماضي المجيدِ ولم تجدْ = أبيًّا يقودُ الركبَ فالقلبُ مشفقُ
على حُرُماتِ مزَّقَ البغيُ سترَها = بظلِّ حكوماتٍ لها تتملَّقُ
فحبُّ الكراسي والتمادي لنيلها = بكلِّ سبيلٍ للهوانِ يُرَنِّقُ (9)
هوى هذه الدنيا يجنِّدُ مَن أتى = إليه وأعمى عينَه زهوٌ وديسقُ (10)
فلا يُحْرِقَنَّ القلبَ قلبَك فاتَّعظْ = فإنَّ مصيرَ المرءِ بالمرءِ محدقُ
ألم ترَ المبكياتِ كثيرةٌ = وأغزرها دمعًا على الدِّينِ يُهرقُ
إذا ضاعَ دينُ الأُمَّةِ انتُهِبَت فلم = تجدْ من يدٍ تُفني العدوَّ وتمحقُ
تجرَّعتِ المأساةَ ذلا وعنوةً = وذاقتْ مرارَ العيشِ فالضَّنْكُ مطبِقُ
ولكنَّها تأبى امِّحاءَ وجودِها = ويأبى على الأعداءِ بالدِّينِ فيلقُ
مكانةُ هذا الدِّينِ باقيةٌ وإنْ = تمادتْ يدُ الطاغوتِ فالبغيُ يُزهقُ
تحصَّنَ قومي عندما حلَّ دارَهم = عَتِيُّ ابتلاءاتٍ وخطبٌ مؤرِّقُ
وقامتْ من الأجداثِ تنفضُ وهنَها = فإيمانُها باللهِ والفتحِ معرقُ
ويكرمُها ربِّي بفتحٍ فلم تَهُنْ = بَلِ ازْدُجِرَ الطغيانُ والشَّرُّ يَنْفُقُ (11)
بنو قارئي القرآن لن يتقاعسوا = فهم موكبُ التقوى الذي يتفوَّقُ
وسُنَّةُ خيرِ الخلْقِ منهاجُ عزَّةٍ = به الوعدُ لاستخلافها لا التَّشدُّقُ (12)
وهذا الأسى الخطبُ فيه مرارةٌ = فقلْ : بجهادِ الأوفياءِ ستُحرقُ
وأما ليالي الظلمُ إن طالَ بأسُها = فإنَّ أذاها لايدومُ ويُقلقُ
ففجرُ اندياحِ النورِ أقبلَ مشرقًا = فأضفى على الأبرارِ هذا التألُّقُ
ويبقى لهذا الشَّرِّ سِفرٌ يردُّهُ = إلى قعرِ جُبّ حيثُ فيها سيُحرقُ
وغابةُ هذا الشَّرِّ باتَتْ جديبةً = وأشواكُها قُدَّت وذا العنفِ يُملقُ
فلا تحسبَنَّ الَّلهَ يغفلُ عن يدٍ = جَنَتْ بالأذى والبغيِِ ماليس يُخْرَقُ
فليس لها أن تدركَ الشَّأوَ عنوةً = وكلُّ خطاها للخسارةِ تُنْفِقُ
هو الإثمُ والإلحادُ والمكرُ صفحةٌ = وقد طُمِسَتْ فالكفرُ هيهاتَ ينطقُ
سقونا بها سُمًّا زُعافًا وما دروا = بأنَّ إلهَ العرشِ يحمي ويُعتِقُ (13)
فأُمَّتُنا كانتْ بدينٍ عزيزةً = وهانتْ بما يجني فتاها ويخفقُ
ويبقى هدى الإسلام في القلبِ لم يمتْ = ولم يَطوِهِ لهوٌ لها وتفرُّقُ
فقرآنُه باقٍ وسُنَّتُه زهتْ = وأجنادُه رغم الطغاةِ تحقَّقُوا
فما غرَّهم زيفُ الحضارةِ أمعنتْ = تثيرُ مخازيها الشبابَ وتغدقُ
وملَّةُ أهلِ الكفرِ واحدةٌ وإن = تلوَّنتِ الأشكالُ فالكلُّ ينعقُ
تنادى الرجالُ المخلصون لدينهم = لردعِ الذي للمصحفَ اليوم يحرقُ
فليس هو الفردُ الذي جاء ذكرُه = ولكنَّه الجَمْعُ الكثيرُ المُنَسَّقُ
فتبًّا لهم والخزيُ عاقبةٌ لهم = ومأوى بيومِ الحشرِ للجمعِ ضيِّقُ
ونارُ بأجسادِ الغُلاةِ تسعَّرَتْ = ولن يُنْظَرُوا يوم الحسابِ ويُعتَقُوا
هو الكفرُ والكفَّارً مهما تَنَوَّعُوا = مدى حقب التاريخِ بالزَّيفِ ينطقُ
وفي الغلسِ المحمومِ بالحقدِ والأذى = إلى المكرِ بالدِّينِ الحنيفِ تسابقُوا
وهيهاتَ للطَّاغين يُذعنُ مسلمٌ = وصولتُه للهِ أقوى وأسبقُ
وإنْ هاجموا فالموتُ عاقبةٌ لهم = وثاراتُ أهلِ الحقِّ بالغزوِ تُحدقُ
فما هانَ قومي رغم وهْنٍ أصابَهم = ففي عُنْقِ ركبِ الصِّدقِ عهدٌ وموثقُ
وأما مواعيدُ السَّماءِ فإنَّها= حقائقُ تُتْلَى والليالي تُصَدِّقُ
يغيثُ بها قومًا أنابوا لربِّهم = أتوا ولهم شوقٌ له وتَعَلُّقُ
فما خابَ فألُ المؤمنين ففجرُهم = سيأتي فيُلفَى فيه بندٌ وفيلقُ
فلا يُحْزِنَنَّ الخطبُ قلبَك وانتهضْ = فهذي جموعٌ في روابيك دُفَّقُ
ولا يُقْعِدَنْكَ اليوم مافعلوا وإنْ = هُمُ قتلوا هذي الأُلوفَ وأزهقوا
فربُّك يدري ياشجيُّ ببغيهم = ويعلمُ إذْ جاؤوا بحقدٍ وسوَّقُوا
وللهِ تصريفُ الأمورِ بحكمةٍ = وشانئُنا المنبوذُ في الأرضِ ممْلِقُ
وإن لاحَ يعوي أو يحركُ ذيلَه = فتلك فِعالٌ بالسَّفاهةِ تفهقُ
ففرعونُها من قبلُ أرغى مكابرًا = وذلَّ حقيرَ النفسِ ساعةَ يغرقُ
فأيقن بنصرِ اللهِ واعلمْ بأنَّها = ليالي ابتلاءاتٍ تمرُّ وتَعْتُقُ
وييقى محيَّانا الكريمُ بزهوه = بعهدِ قتارٌ قد طواهُ ومَوْبِقُ (14)
شريعتُنا أبقى وأنقى وما أتوا = من المللِ الخرقاءِ زيفٌ سيُزهقُ
وقرآنُنا للخَلقِ حُجَّةُ دعوةٍ = تسامى وما للهِ يبقى ويسمقُ
وسُنَّتُنا الغرَّاءُ نورٌ وبهجةٌ = بها حقبُ التاريخِ بالفضلِ تشرقُ
وأمَّتُنا عنها تقاتلُ بغيَهم = عليها بسيفٍ صيغَ للمجدِ يبرقُ
ألا قد بكى المجدُ الحفيظُ لإرثِها = ينادي بعزْماتِ الرجالِ أنِِ اتَّقُوا
فدينُكُمُ الإسلامُ دينُ مُحَمَّدٍ = سينصُرُه الديَّانُ والكفرُ يُزهَقُ
وأيامُنا حُبْلَى وفجرُ خلاصِنا = بمولودِها الميمون بالطيبِ يعبقُ
فعندَ إلهِ العالمين دعاؤُنا = سهامٌ لصدر المعتدين تُمَزِّقُ
ألا أيُّها الناسُ الذين أخافهم = عدوُّ لدينِ اللهِ ياناسُ مرهقٌ
فشاخَ كشمطاء الليالي فشيبُها = يغطِّيه صبغٌ يا أُميمةُ أزرقُ
يسيحُ إذا ماداهمتْه كتائبٌ = تهزُّ الجوى رعبًا فيُطوَى ويُحرقُ
وتلك هي الساعاتُ تنذرُ مَن بغوا = ومَن حاربوا دينَ الإلهِ وضيَّقوا
ألا انتفضُوا فالعزُّ زادُ مجاهدٍ = وليس سيرضى عن جبانٍ يحملقُ
وقد لايرى ماذا يدورُ وقلبُه = خليٌّ من الأحداثِ في الناسِ يَفْرَقُ
فَمَنْ ذا الذي يطوي على النوم جفنَه =وشدقُ المنايا ليس للقومِ يشفقُ
فذكِّرْ أخا الإسلامِ تنفعْهُمُ فقد = لهم تنفعُ الذكرى المريبَ وتغدقُ
سيأتي بها وعظٌ يثيرُ فؤادَ مَنْ = بليل له مهدٌ وثيرٌ ومِرفقُ
أثيراتُ شعري مابَرِحْنَ أضالُعي = يُهَيِّجُهُنَّ الهمُّ والهمُّ يُقلقُ
وقال أُصيحابي ارْتَجِزْها قصيدةً = تُعِدْ موجباتِ المجدِ فالمجدُ يورقُ
فدوحتُه الغنَّاءُ جِذْلُ فخارِها = ويُسقى دمُ الشَّعبِ الجريحِ ويسمقُ
رأى عصرَه بالظلمِ يطوي حقيقةً = وهيهات يطويها الفسادُ المُنَمَّقُ
فمالِكُ هذا الملكِ أنزلَ وحيَه = على المصطفى فالمُجْتَنَى يترقرقُ
فطوبى لِمَن يُهدَى ويؤمنُ بالذي = أتانا من الرحمنِ فالدِّينُ مُعْرِقُ
فصبرًا أخا الإسلامِ صبرًا ولا تَهُنْ = وعِشْهَا عزيزً فالحياةُ ستُمحقُ
فمن عاشَ والإسلامُ نهجُ حياته = فمسعاهُ ميمونٌ ومأواهُ ريِّقُ
فنعمتْ ليالٍ مقمراتٍ بشرعنا = وبئستْ ضلالاتٌ لهم تتخرَّقُ
فَطِبْ يا أخا الإسلام نفسًا فإنَّها = ستُطوى ليالي الظالمين وتخلَقُ
يؤرِّقُنا ليلُ الجفا بين أمَّةٍ = يطولُ وبين الفتحِ والكربُ مطبقُ
فياربِّ آثرْها وسدِّدْ قيامَها = فعونُك ياربِّي من الكربِ يُعتقُ