عامٌ تَوَلَّى وأتى عَامٌ جَديدْ=والكُلُّ في حَفَاوةٍ بِهِ وعِيدْ
إلاّ بلادَنا التي تَغُطّ لا تزالُ=في هَمٍّ وفي كَربٍ شديد
أهلاً وسهلاً ضيفَنا وإن تكن=أحوالنا للضّيفِ ليست ما نريد
يؤسِفُنا والحالُ ما رأيتَ=لا شموعَ كي تُضاء لا وُرُودْ
إلاّ دِمانا زينَةً حمراءَ في =أعيادِنا دفّاقةً بها نَجُودْ
يودِّعُ الشهيدَ ها هنا أخٌ=من بعده يدري بأنّه شهيد
لا شيءَ إلا الموت والدماء عن=دنا وعندنا النُّعوشُ واللُّحودْ
فالموتُ صار خيرَ أصدقائنا=والقتلُ والتجويع والتشريد
تطوي قفارَ الدَّهر قد أتيتنا=من خلف تَلَّةِ الزَّمان من بعيد
هل خبرٌ لديك قد يُسعدنا=عن حلمنا المُعثّر الموؤد؟!
وما الذي لديك قد تحمله=للمُثخنين بالجِراح والقيود؟
المثقلين بالهمومِ والأحزان=والخذلان والنكران والجحود
جراحنا ممتدة من إدلبَ ال=خضراءَ حتى غزّةَ الصمود
من مِصْرَ للعراقِ للسودا=ن حتى اليمن المَدْعُوِّ بالسَّعيد
من أمّةٍ قد أصبحت بأسرها=يحرقُها بناره النمرود
من شرقها لغربها للمؤمني=ن الصادقين يُحْفَرُ الأُخدود
هلْ من جديدٍ؟ هل لنا؟=بعضاً من العزاء أم طريقنا مسدود؟
هلْ يا تُرى أشتاتُنا لأَرضنا=من بعد طول غربة تعود؟!
ومن تُرى منّا يطول عمرُهُ=حتى يعيش حُلمَهُ المنشود؟
مُؤَكَّدٌ قد كان فُلَّ عزمُنا=لو عزمنا قد كان من حديد!
لكنه إيماننا بربنا يقينُنا=به قوّتنا وركننا الشديد
عهداً قطعنا أننا لآخِرِ=المِشوار سائرينَ لا نحيد
الفجرُ لا محالَ مشرقٌ=واللّيلُ عنّا زائلٌ مطرودْ
للدّهر ساعة لها عقاربٌ=إلى الوراءِ قَطُّ لا تعود
والحقُّ مهما طال حجب شمسهِ=لا بُدَّ ذات لحظة يسود
هجرتنا، غُربتُنا عن أرضنا=وطنِنا المُمَزَّقِ المهدود
وتِلْكُمُ الأشكالُ من شراذمِ=التطبيع والتطبيل لليهود
بالوا على أصولهم وأصبحوا=عاراً على تاريخنا المجيد
باعوا عمامة النبيِّ ويحَهم!=واستبدلوا القرآن بالتُلمود!
كالمومساتِ لا حياء يُرتجى=لا شيء من شهامةِ الجدود
تقمّصوا مواقف الإبا=ء والفداء والنضال الصُّمود
يُنَدِّدونَ يشجبونَ يزعقون=كاذبينَ يزأرونَ كالأسود
مستبسلين ليس في صفوفنا=بل في صفوفِ المعتدين واليهود
ونحن من غفلتنا تسكرنا=حلاوةُ الأوهامِ والوعود
يا خيبة التاريخ والأمجاد حي =نما تُستبدَلُ الآسادُ بالقُرود!
زالَ القِناعُ وانجلت حقيقة=حقيقة الشيطان للعيان والشُّهود
الحربُ ذاتُها هُنا هُناك وال=جنودُ لو تباينوا ذاتُ الجُنود
ضريبةٌ ندفعها و يا لها=ضريبة البقاء والوجودْ
وهذه الأنهار من دمائنا=لا بدّ أن تَهُدِّ سائرَ السُّدود
وشعبنا الأبيُّ ذو إرادةٍ=كأنّما قُدَّتْ من الجُلمود
وأُمَّةٌ قد صاغها الرّسولُ كُلّ=ما لمحنةٍ تعرضت تجود
يا يومَ ينجلي الظَّلامُ عن بلادنا=وتُكْسَرُ الأغلالُ والقُيود
ويسقطُ الأعوانُ من أبراجهم=وتُهزَمُ الجُموعُ والحُشود
في خيبرٍ جديدةٍ نرقُبُها=ويومِ نصرٍ آخَرٍ مشهود
قد حان وَقْتُها وَوَقْتَها=إلى بلادِنا أعيادُنا تعود
تحلو التَهاني عندها وتُمْطِرُ=الأحلامُ بالسَّلام والسُّعودْ