اليقينُ الفيَّاضُ بالصَّبرِ أغنى= مَن أناخوا ببابِه أولياءَ
هـذه أمَّتي مجيءُ عـلاهـا = قــد تراءى ولم يكنْ إيمــاءَ
لاتسلْهُم فللَّنَبِيِّ عهـودٌ = وأرى وجهَهــا الصَّبيحَ تراءى(2)
وصَناديدُ غــزَّة العــزِّ هـاهـم = ترجمتْها قلوبُهـم شهداءَ
فانتظرْنا إنَّ الغثاءَ سيُطوَى = وستُطوى قاماتُهـم سفهـاءَ
هوامش :
- شمَاء : نفوس شمَّاء أي شريفة وصاحبة الأنفة والعِزَّة والكرم، والتي ترفع رأسها وأنفها اعتزازًا .
- الصبيح : ومعناه المشرق الوجه الشبه بالصباح الجميل وصباحة الوجه مما يحبه العرب ويتفاءلون به .
لاتَسَلْهم وأبعِدِ اللأواءَ = واجتنبْها فلم تزلْ خـرساءَ
بئس تلك القلوبُ باءت بخُسرٍ = وتبارٍ ولم تكن شمَّاءَ (1)
أفسدتْها الأهـواءُ بغيًا وظلمًا = فَحَبَتْها دارُ الفناءِ ازدراءَ
رفرفتْ لا على المآثرِ لكنْ = قد طوتْها أيَّـامُهـا شلاَّءَ
ماتجلَّتْ تلك القلوبُ إباءً = أو أصاختْ فقد أُمِيْتَتْ عَفـاءَ
فَأُصَيْحَابُهـا الذين تناسوا = ماعليهم من واجبٍ أغبياءَ
مـرَّغوها بكلِّ شأنٍ قبيحٍ = والمـُراؤون أصبحوا بؤساءَ
فَهُمُ الهـمُّ والأذى والتَّمادي = قذفتْها كفُّ الضياعِ هبــاءَ
إنَّ تلك القلوب قيدُ انتزاعٍ = من مزايا كانت لهم شفعاءَ!
قيَّدْتْها مطامعُ السُّوءِ لهوًا = وانحسارًا عن الوفاءِ ابتلاءَ
لاتسلْهُم هُـمُ الأكابرُ صُــمٌّ = حبسوا سمعَهم فجافى النِّــداءَ
أَسْرِ شوقًـا دونَ السُّمُوِّ سليمًـا = واهْجُرَنْهـا في دربِك الأهواءَ
وادْنُ بالذَّاتِ ، ذاتِ نفسِكِ حبًّـا= لايُجارى ولا يموتُ عناءَ
ربما تُقعدُ الهمومُ فؤادًا= كانَ قبلَ استفحالِهـا غدَّاءَ
كبَّلَتْهُ الآلامُ ليس يبالي= مَن تخطَّى بعزمِه الأرزاءَ
وامتطى للمنازلاتِ يقينًـا= لايُدارى ، وهمَّةً قعساءَ
ماشكا من مرارةٍ أو توارى= حين ثارتْ بلواؤُها شعـواءَ
إنَّهـا أُمَّتي ، وليس بعارٍ= إنْ بصبرٍ تنازلُ الضَّرَّاءَ !
هي أقوى من الرياحِ السوافي= ومن العاصف الثقيلِ إباءَ
دوَّخوها بحقدِهم ، ورموهـا= بعذاباتِ مكرِهم سفهـاءَ
هذه أُمَّتي ، وهذا نَبِيِّي= يُفتَدَى هذا الحبيبُ فداءَ
سيِّدي يشهدُ الكريمُ علينا= وَهْوَ يُزجي صباحَنا والمساءَ
ماازدرَتْنا نيَّاتُنا أو نكصنا= أو رمينا على الهوانِ اللواءَ
او تولَّتْ أفواجُنا عن جهادٍ= أو ركنَّـا لِمَنْ طغى جبناءَ !
والمراراتُ في الصدورِ لظاهـا= آلمَتْنا ولم نكن ضعفاءَ
ماعجزنا والخطبُ باتَ ثقيلا= أو هُزِمنا والسَّاحُ فاضَ دماءَ
نحن في صفحةِ الوفاءِ بيانٌ= ومن الحرفِ لم يزل طغراءَ
إنَّ مَن يتبع النبيَّ سيبقى= رغم هوجِ المستَنكَراتِ مضاءَ
والأعادي قلوبُهم مظلماتٌ= والأيادي بئسَ النفورُ وِقاءَ
ماتناءَوا عن المكائدِ عصرًا= أو تصدَّوا لغيرِنا غلواءَ
وعلينا هُـمُ العدوُّ وعاشوا= كلَّ آنٍ وقــد أتــوا أعداءَ
سَيِّدي نحن جندُ دينِك نُحيي= مَن أماتَ الجفا ، وأولى النِّداءَ
وتعاهدْنا أن نعيدَ لدنياهم .= . عُلاها والشرعةً الغرَّاءَ
ما انثنيْنا عن نورِ نهجِكَ إنَّا= مابرحنا نعانقُ الأضواءَ
والصباحاتُ والمصاحفُ تُتلَى= حيثُ فاضت آياتُها أشذاءَ
وعرفنا أبوابَ فضلِك لم نُخطِئْ .= . سبيلا ولم نَتِـــــهْ أسماءَ
وعلى الإثمِ قد تمادتْ نفوسُ= في الدنايا وعافت العلياءَ
فانْظُرَنْهُم هُـمُ البغاةُ وفيهم= نَزَقٌ يقلبُ الكلامَ مِـراءَ
فشعاراتُهم ركيكُ افتراءٍ= وأكاذيبُهم تحورُ هباءَ
فضحتْ نسجَها الخبيثَ مآسٍ= ملأتْ رحبَ أرضِنا أشلاءَ
أيُّها السَّادرون في الغيِّ تبًّـا= لِنواديكُمُ تموجُ بـلاءَ
فاستغيثوا أهلَ الهوى بعدوٍّ= قد تلوَّى تَرَبُّصًا وازدراءَ=
تلك أيامُ أُمَّتي شاهداتٌ= وثباتُ الرجالِ هـلَّ رُواءَ
إنَّ أبناءَها الأباةَ أقاموا= في رباها إيمانَهم و الرجاءَ
تتسامى أرواحُهم باشتياقٍ= دونَ عَذْبِ الهدى يرفُّ هناءَ
فَهُمُ اليومَ عُدَّةٌ لِليالٍ= آتياتٍ فاستقرئ الأصداءَ
ليس تثنيهم القيودُ ثقيلاتٍ .= . ويُنسي أليمُها البشراءَ
أو يُواري هراؤُهم ماتراءى= من سنى المجدِ لوحةً عصماءَ
نحن نُسقَى من جودِ ربٍّ كريمٍ= حيثُ يروي رحيقُه الأحناءَ
والكآباتُ ياطغاةُ سَتُطوَى= وأذاها يغادرُ الأحشاءَ
وجفونُ الرجالِ مانامَ فيهـا= عبثُ الوهـمِ أو غفتْ إعياءَ
قـد تولَّتْهُمُ المآثرُ حفظًـا= هكذا يحفظُ الهدى العظماءَ
أعذبُ الحبِّ أن ترى قلبَ عانٍ= في جحيمِ الأرزاءِ يشدو وفاءَ
يكتبُ الشوقُ فيه أغلى حروفٍ= فَيُواري سلسالُه اللأواءَ
فهْوَ واعٍ مُحَمَّدِيٌّ أثيرٌ= وخُطاهُ ما أخطأتْ علياءَ
قد طوى الدهرُ زورَ كلِّ أثيمٍ= وتوارتْ أمداحُه ثكلاءِ
واشمأزتْ من المديحِ نفوس= لم تجدْ في تزويرِه إرواءَ
كَذَبَ المدحُ لم يكن أحمديًّا= والقوافي تآكلتْ أنضاءَ
يعلمُ اللهُ أنهم في رياءٍ= فانظرِ الوجهَ لم يكنْ وضَّاءَ
واسأل النفسَ لم تكن تتلظَّى= بالمعاني وقد شدتْ عسراءَ=
بينَ نبضِ القلوبِ إن يكذب الحرفُ .= . وبينَ الضَّبحِ : البيانُ تناءى
يذبلُ النبضُ فالتَّصنُعُ داءٌ= ويثيرُ الضَّبحُ النَّديُّ المَضـاءَ
يتعامى عن الفضائلِ قومٌ= قد تَغَشِّهُمُ الهوى بُعَداءَ
لم يكونوا من أمَّةٍ أخرجَتْها= رحمةُ اللهِ للورى نعماءَ
لم تُطَهَّرْ قلوبُهم في صباحٍ= بصلاةٍ، ولم يُرَوا أُمناءَ
وهُـمُ البُكمُ ماتلوا : وضحاها = في ليالٍ خلَتْ ولا الإسراءَ
وهُـمُ العُميُ مارأوا وجهَ تاريخٍ .= . أنارتْ صَفْحاتُه الظلماءَ
مـُـذْ تخلوا عن مجدِهم وعلاهم= فحباهم تيهُ الضياعِ شقاءَ
وتراهم والخيرُ بين أياديهم .= . جياعا في سعيِهم وظِماءَ
هكذا المرجفون باؤوا بحملٍ= أثقلَ الظهرَ فاستُنيمَ خَواءَ
والليالي ولم تزل مقمراتٍ= في سمانا ولم تزل لألاءَ
في سكون امتدادِها عبراتٌ= تسألُ اللهَ للقلوبِ التجاءَ
ليلة الإسراءِ الأثيرةِ أعطتْ= لبني الفضلِ رفعةً وارتقاءَ
وتجلَّتْ على العبادِ فهاموا= في محاريبِ قدسِها استهداءَ
ورأوا قدرةَ الإلهِ فخرُّوا= في سجودٍ محبَّةً و ولاءَ
إذ دنا جبريلُ الأمينُ فأدنى= مجتَبَى اللهِ للعلى إدناءَ
فرآها آياتِ ربٍّ عظيمٍ= ناطقاتٍ لمَن وعى إعلاءَ
فجناها أصحابُه واستظلوا= حيث طابت في عيشِهم أفياءَ
قل لِمَنْ جافى سُنَّةَ المصطفى لا= يتعجلْ ضلالُك الأسواءَ
إنَّ في سُنَّةِ النبيِّ انعتاقا= من مخـازٍ جَلَبْتُموها غباءَ
إنَّ مَن حاربَ الشَّريعةَ يشقى= ويرى عنفوانَـه إغواءَ
فيُواريه حتفُه ، ويُغطَّى= بالنفاياتِ عاشها أقذاءَ
أيُّها الفاسقون موتوا بغيظٍ= إنَّ ربِّي لن ينصرَ الأشقياءَ
فبهم ماتَ في الضحى وجهُ صبحٍ= يومَ وافى للعالمين سناءَ
سيِّدي ياحبيبَ ربٍّ عظيمٍ= إنهم شامتون نالوا الجزاءَ
إنهم ليسوا من بطونِ كريمات .= . ولم يُعرفوا هنا نجباءَ
هم تلاميذُ خِسَّةٍ وسفورٍ = ونكوصٍ عليه أخووا ثَواءَ
المزاميرُ دينُهم والبغايا= هنَّ جَرَّيْنَ هؤلاء انكفاءَ
وانحدارًا على المخازي جهارا = مستغلين في الفجور نساءَ
ليس يخضرُّ دربُهم ، فشقاءٌ= يعتريهم ، ولن يكونَ رخاءَ
غير أنَّا نحن الذين ثبتْنا= وحملنـا للعالمين اللواءَ
وسألنا الرحمنَ نصرًا مبينًا= وهو الواهبُ التُّقاةَ الرجاءَ
مايئسنا ولن نعيشَ أذلاءَ .= . فنأسى ، ولن نعودَ وراءَ