تطلبُ القربَ فالوعودُ حِسانٌ
ومن الليلِ هجعةٌ تزدريهـا
هوامش :
- لُهاها : هداياها وجمائلها .
- نعاهـا : أخبر بمجافاتها .
- الباقيات : الأعمال الصالحات .
- اليعبوب : الفرس السريع .
- دانت : اقتربتْ .
- البخت : الحظ ، والنصيب .
- المعرقات : ذات الأصل والعلو والمكانة .
- لُهاها : هباتها وعطاياها .
أيُّ ثاوٍ غفا ، وعافَ سناها = ولِسُقْمٍ في النَّفسِ ما زكَّاهـا
الليالي ، والمستهامون كُثْرٌ = ماتناسوا نوالَهـا ولُهاها
أوْ طَوتْهم غلائلُ التِّيهِ لهـوًا = وانتكاسًا فلم يُجِرْهُم صداهـا
هو ذا الصَّوتُ من غيوبٍ أتاهم = فأشاحتْ نفوسُهم إذْ أتاهـا
فَتَرَدَّتْ ، وما سعتْ لمقامٍ = فالخساراتُ : فَقْدُ طيبِ شذاها
ونفوسٌ قد آمنتْ ، وتزكَّتْ = مسرعاتٍ تُجاهَ شذوِ جَنَاهـا
إنَّمـا النَّفسُ بالمآثرِ ترقى = حيثُ تسمو في العالمين رؤاهـا
وَهَبَتْ نهجَها لكلِّ تقيٍّ = قد زكـا قلبًا طاهرًا أوَّاهـا
في مغاني الشهر الوريفِ بعفْوٍ = يَتَثَنَّى فؤادُه تَيَّـاها
أكرمَ اللهُ الصَّائمين بكأسٍ = آثروهـا ، وزادَهم أحلاهـا
يوم حشرِ الأنامِ والظَّمأُ استشرى = . فناجٍ بصومِه مَن جَنَاهـا
عاشَ في الدنيا للِّقاءِ مشوقًا = لم يزدْهُ العناءُ إلا صَفَاهـا
إنَّها جنَّةُ الخلودِ لنفسٍ = بالمثاني وبالتُّقَى زكَّاهـا
إنَّهـا اليومَ قد تقبَّلَهـا اللهُ . = . فبشرى لهـا بمـا أولاهـا
بوركتْ نفسٌ ماسَفَتْها المعاصي = إذْ أشاحتْ بالوعيِ عن أدناهـا
فرعاها الرحمنُ في كلِّ حـالٍ = وإلى الذِّكرِ في الحياةِ هَدَاهَا
تلك نفسٌ كريمةٌ عرفتْ قيمةَ . = . دنياها فاكتفتْ بعلاها
فَأُنيلتْ من ربِّها درجات= في فراديس رحمةٍ سوَّاهـا
***=لِتُقاةٍ فاستَنْبِئنْ مأواها ***
الخلودُ الفيَّاضُ بالأُنسِ أحلى =من خيالٍ تتيهُ فيه مُنَاهـا
= أنفُسُ الصَّالحين ، مافحواها !
ماازدرتْها من وطأةِ الأرقِ. =. الجيَّاشِ بالهمِّ أو لدنيا نعاها !
إنما للوقوفِ في محشرٍ يحسو . = . من الباقياتِ طابتْ يداها (3)
وَهَبَتْهُ يعبوبَهـا فتهادى = نحوَ أغلى الآرابِ جلَّ مداها (4)
وتعالتْ على الدنايا فما دانتْ . = . نفوسُ الأبرارِ كأسَ شقاها (5)
فشميمُ النَّعيمِ في جَنَّةِ الخُلدِ . = . تهادت إلى النعيمِ خُطاهـا
وإليهِ هَفَتْ بأجنحةِ الشَّوقِ .= . فسبحانَ ربِّها مولاها
نِعَمٌ تجلبُ النُّفوسَ إليها = من لَدُنْ مُنعمٍ يزيدُ عطاها
أفلحَ العبدُ إن تملَّى بصيرًا = في مداهـا عشيَّةً وضحـاهـا
ويفوزُ الذي ترفَّع فيهـا = عن غواياتهـا فمـا دسَّاها
هي نفسٌ ، وهذه منحةُ اللهِ . = . لقلبٍ في العيشِ ماجافاهـا
وهي الشِّرعةُ المنيفةُ للخلقِ .= .وبالبيِّناتِ قد جلاَّهـا
وترى غيرَها على غبشِ الزَّيفِ .= . فللمهلكاتِ قد ألقاها
بئسَ تلكَ النفوس منصرماتٍ = عن مناراتِها وعن أزكاها
ويُماري الجناةُ في الشَّرِّ ظلمًـا = وَعُلُوًّ فبئسَ مَن فيه تاها
قد سباهم غرورُهم فسقاهم = خمرةَ الرَّيبِ مَن دحـا بلواها
ذاك شيطانُهم، تجرُّهُمُ اللعنةُ . = . تهوي بهم إلى طغواها
واشرأبَّتْ أعناقُهُم عنفوانًا = شانَه البختُ فانحنى أقواها (6)
هم جُناةٌ حياتُهم في تبارٍ = صارمتْهـا ملاحةٌ في عَنَاها
ونأوا عن فيوضِ وحيٍ كريمٍ = فيه آياتُ واهبٍ أغلاها
وتعاموا عن معرقاتِ فصولٍ = لم يطبْ فيه عيشُنا لولاهـا
ينطوي عهدُهم ، وكلُّ قبيحٍ = سيرى أهلُه به عقباهـا
رُزِئَ النَّاسُ من فضائعهم . ... = . فانتفظوا والجناةُ مَن سوَّاهـا
لعنَ اللهُ المجرمين تخلَّوا = عن ضميرٍ فمرُّها أشهاها !
وهُمُ المهزومون والغدُ آتٍ = والحكاياتُ صاغها أشقاها
حسبُنا اللهُ إن وجدْنا أذاهم = والمخاليب لؤمُهُم أغناهـا
حُرِمُوا بهجةَ الرِّضا فاستُرقُّوا = لهوى أنفُسٍ تمجُّ هَنَاهـا !
إنَّ ربِّي يعطي المنيبين مالا = ينثني عن كرامةٍ و نَدَاهَـا
وهبَ اللهُ ليلةَ القدرِ جودًا = ينهلُ الصَّالحون منه سَخَاهـا
بوركتْ أنفُسٌ تثيرُ خطاها = في مغاني جلالِها ومناهـا
المآقي في روضِها مشرئبَّاتٌ .= . لأطيابِ صبحِها ومساها
حُللٌ تُبهجُ العيونَ ، وتُغني = مَن أتاها وغبَّ من أصفاهـا
عندها سارعتْ قلوبٌ سباها = مارأتْهُ من رحمةٍ وجَناها
تعسَ القومُ من بني الرِّدَّةِ اليومَ . = . وذاقتْ نفوسُهم ماعراها
من شقاءٍ وغفلةٍ إذْ جَفَتْهُم = ليلةُ القدرِ لم ينالوا لُهَاهَـا
إنَّها العشرةُ الختامُ لشهرٍ = فيه طابت أيامُها ولقاها
فاضَ فيها حنينُنا باشتياقٍ = لرضا اللهِ جلَّ يوم اصطفاها
لو رأتْ خيرَها النَّديَّ نفوسٌ = غافلاتٌ لغيَّرتْ مجراهـا
ولجاءت إلى المدارجِ زحفًـا = تبتغي الصَّفحَ من كريمِ رجاها
فهواها الرخيصُ يقتلُ فيها = ماتمنَّتْهُ من ثمارٍ يداهـا
ويح نفسٍ على الحطامِ ترامتْ = وتخلَّتْ حمقاءَ عن مولاهـا
خسرتْ في منازلِ السوءِ والإفكِ . = . وفي ملعبِ الهوى دنياها
ربِّ أوزِعْنا أن نثيرَ نفوسًا = للمعالي ، ومقتَ مَن أغراها
أشغلَتْها بهارجُ النَّزوةِ الخرقاءِ . = . رفَّتْ وخادعتْ أغباها
أيثوبون ! فالليالي تولَّتْ = مزمعاتٍ ، وخابَ مَن جافاها