* نشرت في مجلة البلاغ ــ العدد 1766 ــ بتاريخ 10/10/1428هـ
*هوامش :
- مُرَّاد : مفرده مارد ، وهم الأعداء الأشداء
- التِّلاد : القديم
- القتاد : الشوك
- إشارة إلى وفاة حفيدي عمر بن محمد أمين العارف ودفنه في غرناطة بإسبانيا
مرحبًا جئتَ رغمَ كلِّ العوادي=فيكَ ياعيدُ فرحتي و ودادي
جئتَ تشدو ، وللقلوبِ اشتياقٌ=لظلالِ القرآنِ في الآمادِ
سبَّحَ اللهَ كونُه ، وتثنَّى=في رحابِ الوجودِ صوتُ الشَّادي
وتناءتْ أوجاعُ قومٍ رمتْهم=بالرزايا فضاضةُ المُـرَّاد (1)ِ
شِيةٌ فيكَ ماقلاها فؤادٌ=في جديدٍ ـ من دهرِنا ـ وتِلادِ (2)
بعدَ صومٍ ـ ياعيدَنا ـ وصلاةٍ=وليالٍ تفيضُ بالإرفادِ
وبتقوىً للهِ ليستْ تُجارَى=في مطافِ السُمُوِّ والإسعادِ
وأنرْتَ الأيامَ حيثُ تهاوتْ=عن رؤى الناسِ دُهمةُ الأحقادِ
وتجلَّيْتَ فرحةً ـ عانقتْها=أُمَّةُ الخيرِ ـ حُلوةَ الآرادِ
لم يُصوِّحْ بستانُ دينٍ حنيفٍ=رغمَ نارِ الغزاةِ والأصفادِ
رغمَ ظُلمٍ و غِلظةٍ ما توانتْ=وأذيَّاتِ ناخسٍ و فسادِ
في فلسطين جرحُنا ، وبكابول .=. وشيشانِنا ، وفي بغدادِ
وبكشمير لوعةٌ ما اجتلتْها=عينُ هذا الزمانِ في الأعيادِ
أُمَّتي أُمَّتي : مرابعُ شجوٍ=ومغاني ... مآتمٍ و سوادِ !!
لاتغُرنَّكَ المباسمُ صُفرًا=في وجوهِ الأسافلِ الأوغادِ
مَنْ أناخوا رحالَهم لهوانٍ=فهْوَ ذخرٌ لذلَّةٍ و انقيادِ
ما أشدَّ الضياعَ في أُمَّتي اليومَ .=. وما أقسى الخطبَ بينَ العبادِ
كم ننادي ـ ياويحَها ـ غيرَ أنَّ .=.النَّاسَ صُـمٌّ لايسمعون المنادي
ضاعَ في العاصفِ الشديدِ نِدانا=كضياعِ الجموعِ والأفرادِ
داهمَ البأسُ أُمَّتي فسفاها=مثل سفْيِ الرياحِ للأعوادِ
يتهاوونَ فوقَ كلِّ انحدارٍ=ويغطُّون في دجى الإخلادِ
إنَّه طيشُهم : قلادةُ زيفٍ=رصَّعوها على صدورِ البلادِ
أتراهم يأتون دربَهُمُ الحقَّ .=.وليلُ انفلاتِهم في ازديادِ !!
أيُّها العيدُ ، والعقيدةُ زادي=ماثنتْ همَّتي يـدُ الأنكادِ
ثقتي باللهِ القديرِ تجلَّتْ= بيقيني ، فبالكريمِ اعتدادي
أنْ أرى أُمَّتي وبيضَ الأماني=و ربيعَ الهدى على ميعادِ
***= ***
عُدْتَ ياعيدُ ما انتظرْتَ فؤادًا=آلمتْهُ يـدُ النَّوى والقَتادِ (3)
وترامتْهُ غربةٌ قد تلظَّتْ=في الحنايا ممضَّةً كالصِّعادِ
من ثلاثين حجَّةً ، والقوافي=راعفاتٌ بالثُّكلِ والإجهادِ
حرمتْهُ الأيامُ ماكان يصبو=في مداها ، إليه من إنشادِ
لأبيهِ وأُمِّه وأخيه=ولجمعٍ من أهلِ بيتي الصَّوادي
هو يرنو إلى الأحبةِ لكنْ=حجزتْهُم عن ناظريْهِ العوادي
غيرَ أنَّ الأخبارَ تأتي تِباعًا=لتثيرَ الأشجانَ عبرَ الفؤادِ
ماتَ منهم كبارُهم ، ليتَ أني=يومَ وُروا الثَّرى من الأشهادِ !!
فأبي قد قضى ، وأُمِّيَ ماتتْ=وأخي ، والعديدُ من أعضادي
وبقايا الأخوالِ كانوا ربيعي=وبقايا الأعمامِ كانوا عتادي
وهو الموتُ ـ جلَّ ربِّي ـ أتاهم=وتولَّى الصَّغيرَ من أحفادي (4)
***= ***
إنهم أربعون : بين حفيدٍ=قد تناءوا ، والبعضُ من أولادي
فرَّقتْهُم يـدُ المكارهِ أشتاتَا .=... ففي الغربِ لي لسانٌ ينادي
آهِ لمَّـا تمزَّقتْ كبدي بعدَ .=... النوى عنهُمُ إلى أكبادِ !!
آهِ ياعيدُ : ماعفتْ بك أفراحي .=... ولا قد قلوْتُ نهجَ رشادي
أنتَ عنوانُ فرحتي بيقيني=فعلى اللهِ ما حييتُ اعتمادي
لهُمُ اللهُ البَـرُّ حيثُ أناخوا=في بعيدٍ أو في قريبِ البلادِ
حسبنا اللهُ لن تضيعَ خُطاهم=رغمَ ليلِ الأغوارِ والأنجادِ
ولعلَّ الرحمنَ يجمعُنا ذاتَ .=... صباحٍ بهم على ميعادِ
ويطيبُ اللقاءُ بعدَ فراقٍ=لقلوبٍ مكلومةٍ وأيادِ
لاتلمْني أيا عذولُ فقلبي=لم يزلْ إي وربارئي في اتِّقادِ
إنَّـه ذَبَّ عن أحبَّةِ عمْرٍ=يفتديهم بروحِه في الجلادِ
خسرَ الشِّعرُ صفقةَ المجدِ لولا=فيضُ تحنانِه بأصفى مِدادِ
فَهْوَ سهمي يرمي العداةَ شغوفًا=بميادين عزتي و جهادي