( إلا مَنْ أتَى الَّلهَ بِقَلْبٍ سَلِيْم )
89/ الشعراء
***=***
فأصخْ لِمَا في الذكرِ من ذكرى تكن = مثلَ الذي لأولي المهازلِ فَنَّدَا
البشرياتُ يزفُّها العلماءُ=وجليُّها فاضتْ به الأحناءُ
وبها المثاني رُتِّلتْ آياتُها=يا أُمَّتي والسُّنَّةُ الغرَّاءُ
تقسو الليالي بالمكارهِ والأذى=وعدوُّ دعوتِنا له الخُيلاءُ
لكنَّه الإسلامُ أطفأ نارَهم=فلهم وإن طالَ الصِّراعُ عفاءُ
آثارُ حبِّ المصطفى هذا الفدا=وله الولاءُ اليومَ والإصغاءُ
لاتخشَ إنَّ الَّاهَ بالمرصاد لم=يخذلْ جحاجحةً لربِّك فاؤوا
***= ***
علماؤُنا في الأوبةِ العهدُ انجلى=للَّهِ يُحملُ سِفرُه المعطارُ
هي أوبةٌ : إرثُ النُّبُوَّةِ وجهُها=ولها تحنُّ لفضلِها الأمصارُ
فهمُ الهداةُ الصِّيدُ في ميدانها=وهي القلوبُ وللحبيبِ تُثارُ
والفتحُ يأتي بالفلاحِ صباحُه=ولبغيِ أعداء الحنيفِ العارُ
حملوا اللواءَ عشيَّةَ اعتكرَ المدى=واستفحلتْ في ساحه الأخطارُ
وبفضلِ ما ساقوهُ من قيمٍ ومن =صدقٍ نرى صرحَ الدجى ينهارُ
سبحانَك اللهمَّ أنتَ رجاؤُنا = والبارئُ المعبودُ يغمرُنا نَدَاكْ
ولقد نتيهُ بفتنةِ الدنيا التي = فيها من الأهواءِ حرَّمها هُدَاكْ
ياحيُّ ياقَيُّومُ فالطفْ بالذي = قد جاءَ ملتجئًا ويطمعُ في رضاكْ
أنتَ الرحيمُ بمَنْ خلقتَ وأنتَ إنْ = ضاقتْ بنا الدنيا نَحِنُّ إلى لِقاكْ
ربُّ الملائكةِ الكرامِ وربُّ مَن = أرسلْتَهم للخلقِ مَن جهلوا علاكْ
نفنى وتفنى الكائناتُ وأنتَ لا = تفنى فأنتَ الحقُّ لم نعبُدْ سِواكْ
***= ***
آمنْ بربِّك وحدَه فهو الذي = خلقَ الأنامَ وجادَ بالأفضالِ
وهو المدبِّرُ وحدَه لأمورِنا = فاكفرْ بأهلِ الشركِ والخُذَّالِ
فهمُ الذين أضلَّهم إبليس في = دنيا النساءِ وبهرجِ الأموالِ
ومشيئةُ الديَّانِ ماضيةٌ بما = قد قدَّرَ الخلاَّقُ في الآجالِ
وهو الذي لِمَن اتقى حِصنٌ ومَن = يعصي فذاكَ يُساقُ بالأغلالِ
والفصلُ يوم الحشرِ لم ينفعْ سوى = ما قد مضى من صالحِ الأعمالِ
***=***
إنَّ المروءةَ خَصلَةٌ فيَّاضةٌ = بالخيرِ و الإيثارِ في الأكفاءِ
تدعو إليها شِرعةٌ لمَّا تزلْ = لأُولي السُّمُّوِ وليس للسُّفهاءِ
كّفُّ الأذى والبذلُ والمعروفُ في = نُوَبِ الزمانِ وشدَّةِ البلواءِ
فهي المروءةُ صفحةُ القيمِ التي = وافى بها الإسلامُ للفضلاءِ
أمَّا الرذائلُ والقبائحُ ماهما = إلا لأهلِ الملَّةِ الجوفاءِ
فلأكرمِ الأخلاقِ زهوُ مروءةٍ = تولي بنجدتها أولي ألأعباءِ
***=***
للصَّبرِ لو تدري مآثرُ جَمَّةٌ = يحلو بها الإسهابُ في الإنشادِ
ومن المنازلِ عندَ ربِّك زُيِّنتْ = غُرَفٌ بجنَّتِهِمْ على ميعأدِ
وهي الشدائدُ والمصائبُ والأذى = مَيْدانُ صبرٍ للفتى و جِلادِ
واللهُ يختبرُ العبادَ بصبرِهم = ويُثيبُهُم بالفضلِ والإسعادِ
والصَّابرون على النَّوازلِ إنَّهم = جندٌ إذا صبروا مع الأجنادِ
لابدَّ من فرجٍ وإن طالَ المدى = فالصَّبرُ في دنياكَ خيرُ الزَّادِ
***=***
اللؤمُ للسفهاءِ وصمةٌ خِسَّةٍ = وشقيِّ قومٍ باءَ بالأوزارِ
فالغدرُ والكذبُ المقيتُ شعارُه = وبه الخداعُ فبئسَ من غدَّارِ
والعنصريَّةُ داؤُه فبوجهِه = ظهرتْ إمارتُها مع استهتارِ
قَتَرٌ على الوجهِ المذمَّمِ أسودٌ= من هبوةٍ مأفونةٍ و غبارِ
ونهى الإلهُ عبادَه ألاَّ يُرَوْا= في زمرةِ اللؤماءِ والفجَّارِ
فجزاؤُهم يومَ القيامةِ في لظى = إذْ أفسدوا الأخلاقَ كالأشرارِ
***=***
آمِنْ بربّكَ صادقًا ثمَّ استقمْ = فبها الكفايةُ ، وانْجُ بالتَّوباتِ
ولِصِحَّةِ الإيمانِ سعيُكَ دَعْهُ في = خيرِ الفِعالِ وأكرمِ الرغباتِ
فالَّلهُ يعلمُ إنْ سَعَيْتَ مع التُّقى = وهو البصيرُ بسائرِ الأوقاتِ
في الصَّالحاتِ هي استقامةُ مؤمنٍ = وبها تفوحُ أطايبُ الثَّمراتِ
فالذنبُ يُغفرُ والعنايةُ لم تزلْ = تُرجَى من الرحمنِ ذي الرحماتِ
ولكَ البشارةُ من ملائكةٍ إذا = حانَ الرحيلُ لِعالَمِ الجنَّاتِ
***=***
إنَّ الإخاءَ يصوغه دينُ الهدى = وتضمُّه لطيوبِه الأحناءُ
لم تختبئْ شيمُ الأُخوَّةِ إنَّما = لمَّا رأتْها عينُك العمياءُ
وَأَدَتْ مباهجَه الجميلةَ هكذا = عبثًا رعتْهٌ نفسُك الخرقاءُ
فالوُدُّ يُحيي في القلوبِ هناءةً = ويطيبُ في الحقلِ الوريفِ الماءُ
عشْ واتَّخذْهُ قلادةً وافخرْ به = إنَّ الإخاءَ وضاءةٌ وبهاءُ
وأَعنْ أخاكَ بما استطعتَ فإنَّما = صدقُ الإخاءِ : مودَّةٌ و وفاءُ
***=***
جاء الحنيفُ بخيرِه لِمَن اهتدى = والفوزِ إذْ بالبشرياتِ تجسَّدَا
مَن عاشَ والإسلامُ نهجُ حياتِه = وله أقامَ مكانةً و تعهدَا
فالعمرُ يمضي والليالي تنقضي = بالخيرِ أو بالشَّرِّ إنْ شرٌّ عدَا
واللهُ عونُك إن صدقتَ ولم تجدْ = عونًا سِواهُ إذا هواكَ تمرَّدَا
فاحفظ مبايعةَ الفؤادِ لربِّه =لمَّا سُئِلْتَ وعش هُديتَ مُوَحِّدَا
*** =***
آثارُ حبِّك للنَّبيِّ المصطفى = قيمٌ تفوحُ مع الأريج السَّاري
أضحتْ مزايا الفضلِ منها حلَّةً = والمجدُ يُبقي حُلَّةَ الآثارِ
لم تأتِ إلا بالسُّمُوِّ مكللاً = بطيوبِ حُلوِ النفحِ في الأزهارِ
هذا رسولُ اللهِ قد ملأ الدُّنى = بالخيرِ والرحماتِ والأنوارِ
فاسرجْ عزيمَتَك الحَفِيَّةَ بالهدى = والحقْ بركبِ السَّادةِ الأبرارِ
تلقَ الحبيبَ مبشِّرًا ومرحبًا = بالصَّالحين الصِّيدِ والأخيارِ
***=***
أيامُنا هذي عِجافٌ لم تزلْ = فيها المآسي والمواجعُ تُؤلمُ
الواقعُ المرُّ البغيضُ حصادُه = جمرٌ بأيدينا ، وحزنٌ مبهمُ
لكنْ محيَّاها وما في كنهِهَا = يُنبي ! وصابرُ عُسرِها لايندمُ
يُنبي عن العدد القليلِ فشأنُهم = كالسَّابقين إذا هُمُ لم يسأموا
للنصرِ والرضوانِ ممشاهم وإنْ = طالَ الطريقُ الموحشُ المتجهمُ
والمفسدون وإن تكاثرَ جمعُهم = فَلَهُمْ تبارٌ ثمَّ بعدُ جهنَّمُ
***=***
اللهُ في الشِّدَّاتِ ويحك يُسعفُ = والريبُ من طبعِ الذي لا يعرفُ
إنْ أظلمتْ دنياكَ من خطبٍ عرا = ومن النَّوازلِ بابنِ آدمَ تجحفُ
وإذا أناخَ بدربِك الخطبُ الذي = يطوي مغالبَةَ النفوسِ ويُضعِفُ
وأرتْكَ نفسُك عجزَها عمَّا جرى = وارتجَ قلبٌ في ضلوعِكَ مرهفُ
فالجأْ إلى اللهِ الرحيمِ ولطفِه = واهرعْ إلى مولاكَ لاتتخلَّفُ
تجدِ الإجابةَ من لَدُنْهُ قريبةً = والعينُ من فرحٍ بنفسٍك تذرفُ
***=***
أرأيْتَ كم من فتنةٍ عصريةٍ = تجتاحُ أهلَ الأرضِ في أوقاتِها
فاحذرْ مخادعةً لها إنْ زيَّنتْ = إغراءَها فالشَّرُّ في زيناتها
وكُنِ الحكيمَ إذا هممتَ فإنها = تغري وأهلُ الزيغٍ في حاراتها
واحفظ مقامَك عندَ بارئٍك الذي = ينهاك إذ تدنو إلى خطراتها
فلربما أبحرْتَ في يمٍّ الهوى = فإذا بها ترديك في موجاتهِا
ولئنْ غرقتَ فقد خسرتَ وأظلمتْ = دنياك بئس النفسُ من زلاتِها
***=***
فيمَ الهمومُ أخا اليقينِ بمَن برا = هذا الوجودَ من القديمِ و دبَّرَا
وهو الذي يُرجَى لكلِّ ملمَّةٍ = وهو العليمُ بمَن أتى متحيِّرَا
وهو الحكيمُ فلا تعشْ في حسرةٍ = عمَّا تراهُ إذا الفلاحُ تأخَّرَا
وإذا المكارهُ أحكمتْ أغلالَها = وأتتْ رياحُ العسرِ منها صرصرَا
فاعلَمْ بأنَّ اللهَ ليس مُخَيِّبًا = عبدًا أتى يدعو وشدَّ المئزرَا
فدعاءُ مَن ألقى الرجا في بابِه = سيُجابُ ياهذا وإن طالَ السُّرَى
***=***
إنْ لم تجدْ وصلا بربِّك في الدجى = وهوىً له ، فالحالُ أمرٌ ثانِ
فذخائرُ الليلِ الجميلِ نفيسُه = أغلى من الياقوتِ والمرجانِ
فَكُنِ الذي بالوصلِ ينشدُ ربَّه = شوقًا إليه بلهفةِ الولهانِ
وببضعِ ركعاتٍ تصلِّيها وقد = راقَ القيامُ بهدأة الأكوانِ
فَبِهِنَّ تزكو النفسُ لاتلوي على = مافي حياةِ الناسِ من أضغانِ
لتعيشَ عبدًا للعظيمِ وحينها = لم تخشَ سوءً تَقَلُّبِ الحدثانِ