( 1)اللجين : الفضة
( 2)والزرياب : الذهب
أُمُّ الكنوزِ الحُلوةِ الأطيابِ = ماستْ بأبهى زينةِ الآدابِ
ولعلَّها الحقلُ الوريفُ ، وجَنيُه = أشهى من الرُّمَّانِ والأعنابِ
بل إنها الحُللُ الجميلةُ للفتى = ونسيجُ ما للوشيِ من أثوابِ
أغلى إذا افتخرَ المُدِلُّ عليكَ من= زهوِ اللجينِ ، ولامعِ الزِّريابِ ( 1)
بنتُ السَّنى أُختُ العلى وهي القِرى = لأولي النُّهى في غدوةٍ وإيابِ
وهي الينابيعُ السَّخيَّةُ : كفُّها=تروي الظِّماءَ بشهدِها المنسابِ
في البيت مكتبةٌ زهتْ أركانُها=بكنوزِ ماللعلمِ من أرطابِ
أخوايَ ويحهما لها ما أنصفا = إذْ أدبرا عنها بلا أسبابِ
فأخي هناكَ بمغربِ الدنيا نأى = عن ظلِّها الموصوفِ بالإعجابِ
وأخي بمشرِقِها الكريمِ لعلَّه = كأخيه جافاها بغيرِ صوابِ
وهي المنى لهما ، ففي رِدنيهِما = منها شذى لو فاحَ في الأكوابِ
والمزودُ المدرارُ لم يكفأْهُ عن = غرثى الورى صرفٌ دهى وسغابِ
ناديْتُ في أخويَّ : مالكما وقد = عقَدَ الظلامُ النومَ في الأهدابِ
قوما انهلا : هذا ضياءُ شريعةٍ = ( واقرأْ ) أتتْ من بارئٍ وَهَّابِ
قد علَّمَ الإنسانَ ربِّي ، فانشرا = نورَ القلوبِ ، وصحوةَ الألبابِ
فالعلمُ عندَ المسلمين فريضةٌ = جاءت إلى شيبٍ لهم وشبابِ
ومن الكتاتيبِ الرخيَّةِ أشرقتْ = شمسُ المعارفِ أو من المحرابِ
والجهلُ ويحكما تمادى سُبَّةً = في عصرِنا الموسومِ بالإنهابِ
والمكتباتُ فلا تعافا إرثَنا= وَقِفا لها شوقًا على الأبوابِ
واسمعْ أخي نصحي ولا تعجبْ إذا = أسرفتُ في مدحي ، وفي إطنابي
فالمكتباتُ : كنوزُ عهدِ حضارةٍ = وفخارُ ما للناسِ من أنسابِ
لم أرضَ عن أخويَّ لمَّا أدبرا = عنها ، وقد نكصا على الأعقابِ
واستعذبا الزادَ الرخيصَ ، وإنَّما = أغرى الفسادُ هواهما بسرابِ
غذَّتْهُما حِقبًا ، فكانا قِبلةً = لأولي العقولِ وعِليةِ الطُّلاب
نعماهما منها ، وخيرُ يديهما = مافيه من شوبٍ ولا أوصابِ
ولبهجةِ الأيَّامِ في عُمريْهِما = الأفراحُ ما اصفرَّتْ بذاتِ تبابِ
حيثُ السَّنا في ليلِ كلِّ كآبةٍ = يُلقي مناهُ عليهما بلُبابِ
فيُلَفُّ وهمٌ عنهما ، وتثاؤُبٌ = فيه الفراغُ اعتدَّ بالمرتابِ
وترى الفتى أفنى الشبابَ مع الهوى = بين الفسادِ الدُّونِ والألعابِ
عودا فكفُّ المُطلِ ويلكما لوتْ = زهوَ الشبابِ ، ومرتعَ الآرابِ
أودى بعودِكما الهوى ، ورماكما = لسبيلِ ما يُجفَى من الأحبابِ
في المكتباتِ وجرِّبَنْ ينضو الفتى = ماران فوقَ فؤادِه الوثَّابِ
وبعلمها الفيَّاضِ يفقهُ إنْ سعى = قيمَ الهدى ، ومكانةَ الألبابِ
لم يرضَ قيعانًا تغورُ مياهُها = ليعودَ ذا كدرٍ بلا أرطابِ
فهفا مع الأشواقِ يلتمسُ الجنى = والفضلُ موفورٌ مع الأسبابِ
فرشتْ له الأملاكُ من أكنافِها = من رفعةٍ ومكانةٍ و وِثابِ
درجات فخرٍ لم يزلْ يرقى العلى = عندَ الإلهِ المنعمِ التَّوَّابِ
ليس الذي يغدو لعلمٍ نافعٍ = مثلَ الذي يغدو إلى التَّلعابِ
فاستفتِ نفسَكَ يا أخي واربأ بها = عن أن تذوبَ بحسرةٍ و عذابِ
لم ترتقِ الأُممُ التي خفقتْ لها = بيدِ الحضارةِ رايةُ الإدآبِ
إلاَّ بنورِ العلمِ حيثُ يمدُّها = بلبابِ عقلِ الصَّفوةِ الكتَّابِ
لم يسبقونا ! بل توانى عزمُنا = إذْ عُضَّ بينَ اللهوِ بالأنيابِ
وعلى يدِ الوَهَنِ المقيتِ تبعثرتْ = أمجادُ أمَّتِنا مدى الأحقابِ
واليومَ يلسعنا النَّوى ، ويذرُّ ما = في لوعةِ الهجرانِ بالأعصابِ
فالعلمُ يرقى بالنَّبيهِ ويزدري = بقعودِ أهلِ المُطلِ دونَ رِغابِ
لم تحفل القيمُ المنيرةُ بالنُّهى = بصويحبِ الإهمالِ والمرتابِ
أو تمنح الَّلاهي الطَّويلَ غرورُه = ماحيزَ من رتبٍ ومن ألقابِ
مَنْ رامَ بالجهلِ المعالي لم يزلْ = متعثرًا بالوهمِ والأتعابِ
ومَن اغتدى شطرَ المآثرِ بالهدى = عادتْ خُطاهُ بروعةِ الإسحابِ
ألقى جناحيه اللذين استعذبا = قِممَ العلى كالطَّائرِ الجوَّابِ
ومضى يرى بالعلمِ وجهَ تفوُّقٍ = ألقًا كوجهِ الصبحِ غيرَ مُشابِ
ماعاشَ بالخوَّارِ في إقدامِه = أو كان دونَ السَّعيِ بالهيَّابِ
طوبى لأهلِ العلمِ قد غنموا به = أحلى المشارعِ إذْ غدوا لشرابِ
فختامُه مسكٌ ، وأوَّلُ جنيِه = وهبَ الرضا للزَّارعِ الَّلوَّابِ
فرنا بنورِ العلمِ يشكرُ ربَّه = ويردُّه زادًا على الأترابِ
للسائلين عن الحضارةِ حسبُهم = مافي المثاني من هدىً و صوابِ
يامَنْ رجوتُم نهضةً لشعوبكم = إنَّ ادِّكارَ الأمسِ خيرُ جوابِ
فبها انتضينا المجدَ أقمرَ باسمًا = في العالمين برحمةٍ وغلابِ
واستبشرتْ برفيفِ آياتِ الهدى = دنيا الأنامِ وأخصبتْ بِشعابِ
والفاتحون من الرجالِ تراهُمُ = في عالِمٍ أو عابدٍ أوَّابِ
ما امتدَّ نورُ اللهِ إلا عندما = قرأ النَّبِيُّ { اقرأْ } على الأصحابِ