يَستحسنُ المجدَ الأثيلَ السؤددُ = ويزيلُ ماتُملي من السُّوءِ اليدُ
والزورُ يهوي بالدَّعاوى أُفرغتْ = من كلِّ ما يأتي الهوى ويُجَسِّدُ
وينيخُ ذو ريبٍ على أبوابِها = ويرومُ مذمومَ الفِعالِ المفسدُ
إنَّ المآثرَ لم تكنْ إلا لِمَنْ = بِهُدى النُّبُوَّةِ في الورى يسترشدُ
أجيالُها تحيا على أنوارِها = وبغيرِها في العيشِ لم يتقيَّدوا
أَوَلَم تَرَ الدنيا بأشهرِ حجِّهم = في حِليةِ الفرحِ المقيمِ تغرِّدُ
هم أدلجوا فهفا الضياءِ بليلِهم = والسَّعيُ في نورِ المحامدِ يُحمَدُ
من مكة : الإسلامُ أشرقَ صبحُه = فبلالُ صنوُ أذانها والموعدُ
والرَّاوياتُ ولم تنم آماقُنا = ونهبُّ صوبَ رحابِها نتعبَّدُ
فالصَّفحةُ البيضاءُ مُلكُ مَن اتَّقى = فالإثمُ ولَّى والذنوبُ تُبَددُ
هي للحجيج رسالةٌ شرعيةٌ = لبَّى نِداها المؤمنُ المتعبدُ
لبيكَ ربَّ الناسِ جئنا نرتجي = من عفوِكَ الفيَّاضِ يحفظُه الغدُ
يوم النشورِ إذا المقابرُ بُعثِرَتْ = والناسُ في وجلٍ فما ملكتْ يدُ
وهمُ الحجيجُ بهم يباهي ربُّهم = مَن في السماءِ وللتَّباهي مشهدُ
اليومَ يُجزَون الجِنانَ مكانةً = طابت ، وطابَ نعيمُها المتفردُ
نفحاتُها في حقبةِ الدنيا لهم = كانتْ بشائرَ من كريمٍ يُقصَدُ
فالحجُ مبرورٌ و ذاك جزاؤُه = يرويه (مسلمُ ) والحديثُ مؤكَّدُ
تحلو مواقيتُ الدُّنُوِّ من الرضا = فالذنبُ يُغفَرُ والخطيئةُ تُبعَدُ
فالحجُّ يمحو ما جناهُ أخو الهوى = واليومَ رايتُه الأثيرةُ تُعقدُ
لبيكَ ياربَّاهُ إني تائبٌ = وأنا بحفظِ عهودِه أتعهدُ
فاغفرْ ذنوبًا يا إلهي أوجعتْ = أحناءَ قلبي ، والمآثمُ تُفسِدُ
وذرفْتُ في عرفاتِ دمعًا طالما = لم يَجْرِ من مقلي التي تتبلدُ
فنسيمُ عفوكِ هزَّني فاعشوشبتْ = في الصَّدرِ دنيا للإنابةِ تشهدُ
قد باتَ يحضنُها ربيعُ مُحَمَّدٍ = فالحرفُ يَهزجُ والقصيدُ يُغرِّدُ
نفحاتُ جودِكَ يا إلهي أيقظتْ = قيمًا على عهدِ الولاءِ تُجَدَّدُ
ولها تعرضتِ القلوبُ فَجَنْيُهَا = أبهى وأغلى إن تباهى العسجدُ
فزخارفُ الدنيا تزولُ ، وإنَّما = يبقى الذي من هَدْيِهِ نتزوَّدُ
في السَّعيِ أو في الجريِ معنىً يُجْتَلَى = بين الصَّفا والمروةِ الناسُ اهتدُوا
يا أُمَّ إسماعيل سعيُك صرحُه = أضحى لكلِّ المسلمين يُشَيَّدُ
في الحجِّ زُهدٌ ، والمشاعرُ موطنٌ = للذكرِ لانَ على نداهُ الجلمدُ
والنَّحرُ من سُننِ الهدى والرَّجمُ في = أيامِه للموبقاتِ تَبَدُّدُ
ومزيَّةُ الإحرامِ فيها رِفعةٌ = للنفسِ عن دنيا الهوى و تَجَرُّدُ
يا أيُّها القلبُ السليمُ حباكَ مَنْ = يهدي إلى رضوانِه ويُسددُ
ها أنتَ عُدْتَ لذاتِكَ المُثلى وقد = أصغيْتَ للقيمِ الحِسانِ تُنَضَّدُ
أبشرْ برضوانٍ به تنجو غدًا = فالنَّارُ وَهْجُ أُوارِها لايخمدُ
هي للعصاةِ ومَن يعيشُ سفاهةً = فيها المخازي والمساوئُ تحصُدُ
شتَّانَ بينَ براءةٍ يسمو بها = هذا الفؤادُ وبينَ فسقٍ يُورَدُ
هذي الشريعةُ لم تزلْ أركانُها = في روحِ أُمَّتِنا الإباءَ تُجددُ
ما أذعنتْ يوما لسطوةِ ظالمٍ = مهما طغى ، فإباؤُها لاينفدُ
أو أُخمدتْ نيرانُ عزَّتِها التي = تأبى على راياتِ حقدٍ تُعقَدُ
قد ألَّفَ الإسلامُ بين شعوبِها = فالوحدةُ ازدانتْ وطابَ الموردُ
أَوَلَم ترَ الجمعَ المباركَ بوركَتْ = أيامُه في أُلفةٍ لا تُوْأدُ
في الحجِ في الصلواتِ في الجُمعِ التي = فيها النفوسُ إلى المآثرِ تَحفدُ
قُلْ للذي جحدَ الشَّريعةَ كافرًا = أَقْصِرْ فنارُ الجاحدين ستخمدُ
مهما عتوا بفسادِهم وضلالِهم = وبشرِّهم يرغي أذاهُ و يزبدُ
وبنارِ أكبادٍ لهم قد أُضرِمَتْ = حقدًا على الإسلامِ لا تترددُ
ومؤامراتٍ صاغها أسيادُهم = في الشرقِ أو في الغربِ بئسَ الحُسَّدُ
لابدَّ من يومٍ ترى أجنادَنا = راياتُهم بهدى النُّبُوَّةِ تُعْقَدُ
فهي البشارةُ للطغاةِ ، تلألأتْ = في وجهِ مَن للهِ ويكَ يُمَجِّدُ
فاللهُ ينصرُ جندَه ويُبِيدُ مَن = كفروا بدينِ المسلمين وعربدوا
فالمُلكُ والملكوتُ مُلكُ يمينِه = أمَّا المُبَشِّرُ فالحبيبُ مُحَمَّدُ
لو شاء أفناهم فلا يبقي لهم = أثرًا فليس لِمَن تمادى منجدُ
قد غرَّهم إبليسُهم فتنمَّروا = ودعاهُمُ داعي الهوى فاستأسدوا
فَهُمُ استباحوا أمَّةَ الإسلامِ لم = يسلمْ من العبثِ البغيضِ موَحِّدُ
إنَّا وإن شهدوا لزورِ حضارةٍ = بينَ الأنامِ فإننا لانشهدُ
بئستْ حضارتُهم وبئسَ زمانُها = إنَّ الحضارةَ بالمكارهِ تُزهدُ
هذي حضارتُهم مع ( الفيتو) نمت = وعلى التآمرِ شرُّها لايُغمَدُ
جاءت بعلمٍ بابُه يبقى على= وَهْبِ العقولِ من المهيمنِ تُحمَدُ
إنا وإن شهدَ الهوى لحضارةٍ = بين الأنامِ فإننا لا نشهدُ
جاءتْ بعلمٍ بابُه يبقى على = وَهْبِ العقولِ من المهيمنِ يُحْمَدُ
لكنَّ أهلَ الفِسقِ قد جعلوه في = أيدي الذين بغوا هناك وعربدوا
فتصحرَتْ بيدِ التَّبارِ حضارةٌ = وجفا محيَّاها الربيعُ الأجودُ
وذوت بها القيمُ الرفيعةُ وانطوتْ = صفحاتُ خيرٍ بِرُّها لاينفدُ
أين الإخاءُ؟ وأين منها رحمةٌ = للخلقِ جافاها الشَّقيُّ الملحدُ
أين السُّمُوُّ بأنفُسٍ خُلِقَتْ لِما = شاءَ الإلهُ ، وفيه يُجلَى المقصدُ !
سيماءُ إنسانيَّةٍ فُقِدَتْ فلم = يُبْصَرْ بدنياهم وربِّك سؤددُ
خانوا عهودَ إلهِهِم واستكبروا = فاجتالهم هذا الضَّلالُ الأنكدُ
واستسلموا لهوى شياطين الأذى = فاقتادَهم مَن للفضائلِ يَجحدُ
هذا مع الهوى الغربيِّ غنَّى والهًا = وأخوهُ شرقيُّ الهوى متبلدُ
والآخرُ المأروضُ أمعنَ في الشَّقا = من حيثُ لايدري وقد يتهودُ
حتى إذا ما التفَّتِ السَّاقانِ في = يومِ المساقِ فبئسَ بئسَ الموردُ
أَوَمَا ترى مَن حجَّ عادَ مكرَّمًا = وإلى الجِنانِ مآلُه إذ يَحفدُ
يا أيُّها السُّفهاءُ غرَّ نفوسَكم = زيفُ الحياةِ ولن يدومَ العسجدُ
حارَبْتُمُ الإسلامَ لكنْ فاتكم = رضوانُ ربٍّ جودُه المُتَزَوَّدُ
أضمرتُمُ الأضغانَ لكنْ خبتُمُ = وحقيقةُ السُّفهاءِ سوفَ تُجَرَّدُ
هي سورُ سخْطِ اللهِ كبَّلَ بأسُها = أيَّامَكم ، وغدًا يحينُ الموعدُ !
مهما يَطُلْ حبلُ المِراءِ ، وغلظةٌ = نيرانُها في كلِّ قلبٍ توقدُ
يأتِ الهلاكُ على حشودٍ بارَزَتْ = ربَّ العبادِ ، فجمعُها يتبددُ
ياأيُّها الإنسانُ ويحك فاستفقْ = من غفلةٍ فالويلُ حولك يورَدُ
عاهدتَ ربَّك عند كعبتِه فَصُنْ = عهدًا وثيقًا للمزايا يُعقدُ
باهى بك الرحمنُ في عليائه = قلبًا سما ، أما الرضا فمُشَيَّدُ
حلَّقتَ في أُفُقِ المآثرِ مؤمنًا = ولأنَّك الأسمى وأنتَ الفرقدُ
في الحجِّ جمعُ المسلمين مُوَحَدٌ = فبه تقيٌّ صالحٌ ومُوَحِّدُ
يقوى به عضدُ المواجهةِ التي = تُخزي العدوَّ ومَن لنا يتصيَّدُ
هو ركنُ دينِ اللهِ لايفنى ولا = يقوى عليه محاربٌ يتهددُ
فَحْوَاهُ للمستشرقين رسالةٌ =عصماءُ ربانيَّةٌ تتجدَّدُ
فاللهُ جلَّ جلالُه هو وحده = مَن في مدى غبرائِه يُتَعَبَّدُ
وله العبادُ من المآثمِ والهوى = ومن الفسادِ وقد أناخَ تجرَّدوا
هو ربُّهم وإليه أوبتُهم غدًا = ولغيرِه في عيشِهم لن يسجدوا
الشَّوقُ يحدوهم ليومِ لقائِه = فلهم نعيمٌ بعدَ ذلك أرغدُ
قد خلَّفوا مُتَعَ الحياةِ وأقبلوا = شطرَ المناسِكِ والقلوبُ تغرِّدُ
من كلِّ فجٍّ حثَّهم إيمانُهم = وإلى المنافعِ أسرعوا كي يشهدوا
هذي هُوِيَّتُهم ، وهذا فخرُها = في العالمين وللهنا لم يفقدوا
وهي الحجازُ وفي رباها لم يزل = ما قد حباها من هُدَاهُ مُحَمَّدُ
في مهبطِ الوحيِ الأمينِ تباشرتْ = بالوحيِ أُمَّتُنا فنعمَ السُّؤددُ
فهنا هنا خطواتُ نورِ المصطفى = وهنا النُّبوَّةُ والمثاني ترفدُ
والذكرياتُ وليس يُطوَى سِفرُها = والصَّالحون من اللبابِ تزوَّدوا
والعجُّ يطربُ في المناسكِ روحَنا = والثَُّّجُّ للجودِ الأثيرِ يُؤكِّدُ
والذِّكرُ أدناهم فما من ذاكرٍ = هيهاتَ ينأى عن مناهُ ويبعدُ
والصَّومُ والصَّدقاتُ والصَّلواتُ ما = أغنى الحفيِّ بها وذاكَ الأسعدُ
اللهُ أكبرُ قد تآختْ أُمَّةٌ = بالمالِ والسُّلطانِ هاهي تزهدُ
وتماهتِ الألوانُ والأجناسُ في = إحرامِهم أما الرياءُ فَمُبْعَدُ
ويُفصِّلُ الآياتِ ربي للورى = حتى يثوبَ العاقلُ المسترشدُ
خيرُ البريَّةِ أُمَّةُ الهادي ولن = يجدَ الحصيفُ سِوى هُداها يُقصَدُ
العالميَّةٌ هاهنا ، لكنَّها = في ظلِّ رحمةِ بارئٍ يُتَعَبَّدُ
أهدى لكلِّ الخلقِ من نعمائِه= فالخيرُ فاضَ ورزقُه لاينفدُ
وأتَتْ شريعتُه القويمةُ منهجًا = للناسِ كلِّ الناسِ حتى يسعدوا
أمَّا الإخاءُ فأُلفةٌ و مودَّةٌ = وتكافُلٌ وتسامحٌ و تَوَدُّدُ
والبيتُ للنَّاسِ الكرامِ مثابةٌ = والبِرُّ من ربِّ العبادِ مُسَدَّدُ
هبَّتْ رياحُ العفوِ منه تَكَرُّمًا = وأولو الإنابةِ من جناهُ تزوَّدوا
فملاذُ أرواحٍ هَفَتْ توَّاقةً = والَّلهُ آمَنَها فليستْ تُطرَدُ
أرأيْتَ رأسًا حاسِرًا متواضعًا = وإزارُه عنوانُ زهدٍ يشهدُ !
مستغفرًا وملبيًا متجردًا = من زينةِ الدنيا جناها يكسدُ
والمخبتون لربِّهم قد عظَّموا = هذي الشعائرَ شأنُها لا يُعضدُ
فاستأنسوا في الحجِّ مأوى آمنًا = للنفسِ لاتشقى ولا تُستبعدُ
واخضلَّت العشرُ الأواخرُ إنها = بجمالِ طلعةِ فجرِها تتورَّدُ
في وجهِها الألقُ السَّماويُّ الذي = ألفى السَّكينةَ في سناهُ مُسَهَّدُ
أيَّامُها نفحاتُ زهوٍ دغدغتْ = أحناءَ قلبٍ من جديدٍ يولدُ
هذي الليالي المقمراتُ استيقظت = لجمالِها الأسنى العبادُ السُّجَّدُ
تهفو نفوسُهُمُ لنيلِ منازلٍ = المرءُ فيها في النعيمِ مُخَلَّدُ
يتنوَّعُ الإغراءُ في دنيا الورى = في مطمعٍ أو مُتعةٍ تُتَوَسَّدُ
لكنَّ مَن فازوا بجائزة الرضا = من ربِّهم يومَ القيامةِ أُفْرِدُوا
هم وحدهم أهلُ المكانةِ هكذا = قد أخبرَ القومَ الكرامَ المشهدُ
أمَّا الذي ولَّى وأدبرَ هازئًا = بالدِّينِ بالقيمِ التي لا تُجحَدُ
متلبسًا حالَ الأثيمِ ولم يكن = إصدارُه عن وعيِ قلبٍ يرشدُ
ضيَّعْتَ ياهذا معالمَ شِرعةٍ = ومشتْ خطاكَ تَنُوفَةً تتوقدُ
أتلفْتَ في سوقِ الهوى حيويَّةً = ومضَيْتَ في آثامِها تتمرَّدُ
فعليك لم تبكِ السماءُ ولا الثَّرى= ولأنتَ في كنفِ الحياةِ المُقعدُ
فيها تولَّى أمرَكَ المذمومَ مَن = للغيِّ والفعلِ القبيحِ يُمجِّدُ
فخسِرْتَ دنياكَ التي لولا الهوى = لسقاكَ من شَهدِ الهدايةِ أحمدُ
صَلَّى عليه الَّلهُ بَلَّغَ دعوةً = ولغيرِ دينِ اللهِ عاشَ يُفَنِّدُ
قد فازَ بالإسلامِ أصحابُ الحِجى = وأولو الضَّلالةِ في التَّبارِ اسْتُعبدوا
يَفْنَوْنَ ما عاشوا وينقلبون يا = ويلَ الجُناةِ إلى جحيمٍ يوقدُ
وَتَنَمَّرُوا وهوتْ مخالبُهم على = طفلٍ رضيعٍ ويلهم واستأسدوا
والفصلُ يومَ الفصلِ لم ينفعْ وإن= ندموا ومهما عمَّروا أو شيَّدوا