رباعيات الأنفة

يا أخا الفطنةِ : ما الخيرُ انطوى=فيك ، أو ماتَ بدنياك الرجاءْ

أنتَ من فرسانِ قرآنِ الهدى=مَنْ تسامى المجدُ فيهم والثَّنــاءْ

عشْ جناحًا طاهرَ اللمحِ على=قِممِ البرِّ وأفنانِ العلاءْ

واحمل الرحمةَ للناسِ كما=تحملُ السُّحْبُ إلى الآفاقِ مـاءْ

***=***

أبطأَ السُّوءُ بمَنْ يحملُه=ورمى المكرُ عليه شـــرَّه

فاحذرَنْ ألسنةً ليِّنةً=يحملُ الأفعى عليها غدرَه

لاتُصدِّقْ أو تثقْ يومًا بمَنْ=عاشَ ذا وجهينِ يخفي مكرَه

خصلةٌ مذمومةٌ في ناقصٍ=فرَّقتْ في ســوءِ حالٍ أمـرَه

***=***

لك قلبٌ أُكرمَ الوعيُ به=بضياءِ العقلِ في آدابِه

فارْقَ للأسمى بروحٍ مؤمنٍ=واهجر اللهوَ على أخدانِه

لاتعشْ نهبَ الهوى مسترسلا=فضياعُ المرءِ في تلعابِه

زلَّ مَنْ يجهلُ مرمى عيشِه=واستخفَّ الطيشَ في أسبابِه

***=***

لاتعاشرْ كلَّ خـوَّارٍ جبانْ=فهو الحملُ الثَّقيلُ المجهدُ

لاتُقـمْ رأيًا له . إنَّ الذي=يقتلُ العزمَ جبانٌ يُقصَدُ

وامضِ بالهمَّةِ في نورِ الحِجَى=عـزَّةً تسمو ، وفعلا يُحمَدُ

واهجر البغيَ وإن أُوتيتَ ما=يدفعُ الباغي لِما لا يُحمَدُ

***=***

لم يكدْ ينفشُ من طغيانِه=فوقَ أشلاءِ ضعيفٍ أُقعِدَا

إذْ رماه اللهُ من نقمتِه=حيثُ لبَّى مَنْ دعا واستنجدا

أمدُ الظُّلمِ قصيرٌ فاتَّعظْ=واخشَ أنْ تظلمَ يوما أحدا

دعوةُ المظلومِ سهمٌ قاتلٌ=في يـدِ الغيبِ إذا ما سُــدِّدا

***=***

عثراتُ الجهلِ في كبوتِها=نزلَ الغيُّ دياجيها و حـلْ

فاطلب الرشدَ ــ هُدَىً ــ من عالم=و ذرِ الجاهلَ كالأعمى عطلْ

مَنْ أتى الجاهلَ يسترشدُه=تاهَ في آرائِه القلبُ و ضـلْ

إنما الجاهلُ حقلٌ يابسٌ=مَنْ فيه لخيرٍ ما وصلْ

***=***

يأسِرُ القلبَ ـ فحاذرْ ـ طمعٌ=وارضَ من كدِّك ما أعطى الإلهْ

ليس للإنسانِ إلا ما سعى=كتبَ اللهُ له رزقَ الحياهْ

كم فقيرٍ جاءَه الخيرُ غِنَىً=وغنيٍّ أدبرَ اليومَ غِناهْ

إنما الرزقُ على اللهِ الذي=تملأُ الدنيا من الجودِ يـداهْ

***=***

اخلعِ الذُّلَّ ، و وجِّهْ ناظريْك=شطرَ بابِ اللهِ يمنحْـكَ الهباتْ

وازدرِ السُّؤلَ الذي يمضغُه=حسرةً مَنْ ألفَ العيشَ الفُتاتْ

لاتســلْ في حاجةٍ غيرَ الذي=برأ الخلقَ وأحيا وأماتْ

أمرُه في خلقِه يمضي ، فكم=فـرَّجَ الكربَ ، وكفَّ النَّـائباتْ

***=***

المروءاتُ مغاني هممٍ=لم تجدْها في صدورِ النائمينْ

فأفقْ مستعذبًا طعمَ العلى=بمثاني النُّورِ في ظلِّ اليقينْ

وتقلَّبْ بينَ أبرادِ الهدى=وتخيَّرْ ومضةَ النُّورِ المبينْ

تجد العيشَ : مزايا حُلوةً=لم تجدْها في دروبِ التائهينْ

***=***

قـمْ و ناجِ اللهَ في الليلِ البهيمْ=وادْنُ من محرابِه ، وارفعْ رجاكْ

وتبتَّلْ بخضوعٍ مُبدِيًـا=بثَّـكَ المـرَّ بأحناءِ دُعاكْ

يا إلهي : أنتَ بي أعلمُ من=قلبيَ الخافقِ في ظلِّ عُلاكْ

ضقتُ ذرعا بكروبٍ دلهمتْ=فأغثني يا إلهي بهداكْ

***=***

لاتقلْ عن غدِكَ الآتي ولا=تقرأِ الفنجانَ في كفَّيْ شقيْ

ودعِ الأمرَ لمَنْ دبَّره=فسوى اللهِ كذوبٌ و دعيْ

والليالي نحنُ لانعلمُ ما=حملتْ من بشرياتٍ أو نعيْ

فالمشيئاتُ لربِّي وحده=سخطَ الجاحدُ منها أم رضيْ

***=***

امضِ مستعصمَ قلبٍ بالذي=من دجى التيهِ أتانا بالضياءْ

و اسلك الدَّربَ أبيًّا مسلما=لايغرَّنَّكَ كيدُ السُّفهاءْ

قوةُ البغيِ ومَنْ يملكُها=أمرُها يملكُـه ربُّ السَّماءْ

و رفيفُ الفرجِ القادمِ لم=يقوَ أن يمنعَه أهلُ العماءْ

***=***

لم نكنْ نخشَى عدوًّا بطشُه=ثبجُ الظُّلمِ ، وموجُ الرَّهباتْ

فلدَينا فوقَ ماتدركُه=عينُ مَنْ عادى الهدى والأُمنياتْ

سفنُ الحقِّ لها من ذاتها=قوَّةٌ تمخرُ بحرَ النكباتْ

أَ تُبالي بأعاصيرِ العنا !=هي أعتى من رياحٍ عاصفاتْ

***=***

أنتَ . مَنْ أنتَ ؟ ففي قبضتِه=فامضِ ، واعلمْ أنك العبدُ المهينْ

فإذا كنتَ لبيبا فطنا=فتوقَّفْ قائلا في كلِّ حينْ :

ربِّ لاتأخذْ حياتي بغتةً=بذنوبي يا إلهَ العالمينْ

واهدني في كلِّ حالٍ إنني=لضعيفٌ في غياباتِ السنينْ

وسوم: العدد 1098