وقال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) 42/ الأنعام
وبسُنَّةٍ هلَّتْ بوجهِ مُحَمَّدٍ= صلى عليه اللهُ كلَّ أوانِ
الشعرُ يحملُ دعوتي وبياني=من غيرِ طلسمةٍ ولا بطلآنِ
والشِّعرُ مخضلٌّ بما في نفحه= من صدقِ تحنانٍ ومن عرفانِ
أنقى من الأرجِ الطهورِ وما به= ريب يُميتُ الحقَّ في الوجدانِ
ألفاظه عربيَّةٌ ما دُنِّستْ= بسفاهةٍ غربيةِ الأدرانِ
العنفوان يجولُ في أوزانه= عذبَ المعاني ريِّقَ الألحانِ
أعتى على مَن أدلجوا خلف الهوى= من غيِّهم بالزخرفِ الفتَّانِ
ما ضلَّ مَن سلكَ الرشادَ وما طغى= بحداثةٍ ممقوتةٍ وتوانِ
والشعرُ يحملُ ما بقلبي من أسى= لمآلِ قومي في دجى الأحزانِ
ويثيرُني فرحٌ لآمالٍ أرى= أطيافَها تغفو على أجفاني
وكأنني والحقُ يأتي طيِّبًا= في عالم رغمَ المكارهِ هانِ
وأرى به نفسي تهبُّ كريمةً= بين المروجِ الخضرِ من أكفانِ
وأرى شبابَ المسلمين تضُمُهُم= أيدي النَّهارِ المشرقِ المزدانِ
وتقودُهم بين الفجاج شريعةٌ= فيها الإباءُ وعزمة الإيمانِ
قالوا : النَّوازلُ دلهمتْ في أفقنا= والريحُ تعصفُ بالهدى الرباني
والكفرُ أطبقَ ليس يوقفُ غيُّه= دينٌ مضى من سالف الأزمانِ
أَوَمَا ترى الإسلامَ يُذبحُ عُنوةً= من غيرِ ما نبأ ولا إعلانِ
ويُكَبِلُ الأبرارَ قيدٌ حاقدٌ= والسوطُ يلهبُ ساحةَ الأبدانِ
ويُقَتلون بزيفِ ألفِ قضيَّةٍ= وتُلَفُّ في صمتٍ بكلِّ مكانِ
قلتُ : النوازلُ دلهمتْ وَلْيَحْتَرِقْ= ليلُ الهوانِ بمهجةِ النيرانِ
فالخطبُ عنوانُ الفلاحِ وإنَّه= بمشيئةٍ من سُنَّةِ الدَّيَّانِ
وهي النَّذيرُ الحقُّ تعصفُ ريحُه= في العالَمِ المسجورِ بالطغيانِ
وإذا أتى نصرُ الإلهِ فإنَّه= لابدَّ قبلَ الفتحِ من غليان
فاليوم تسري في القلوبِ مروءةٌ= ليعيدَ فجرُ النصرِ صوتَ أذانِ
فلقد كفى أجيالنا تُغضي على= قهرٍ مريرٍ قاتلٍ و هوانِ
ويدُ الطغاةِ تمزِّقُ الآمالَ بالحقدِ .= . الدفينِ ومُديةِ الكفرانِ
ومضى الرعاديدُ الأذلةُ ما انثنوا= في الفتكِ نفَّذه أخو الذؤبانِ
ماحرَّرَ الأقصى السجينَ مخادعٌ= أو عاش للجُلَّى أخو الخسرانِ
والقدس تشكو والجراحُ تلفُّها= مخضوبة تشكو إلى الركبانِ
للمؤمنين بربهم وبدينهم= وجهادِ ركبِ الإخوةِ الفرسانِ
فإذا بها اختضبَ الترابُ بدافق= من كلِّ قلبٍ طاهرٍ حرَّانِ
وتجاوبتْ أصداءُ كلِّ كتيبةٍ=تأبى فسادَ الآثمِ الخوَّانِ
وتدافعتْ في السَّاحِ دون شهادةٍ= وعلا مع التكبير كلُّ لسانِ
إذْ ذاك تنهدُّ الحصونُ وينجلي= صبحُ الخلاصِ بأوجهِ الشُّجعانِ
ويعودُ للبلدِ العزيزةِ وجهُها= طلقًا وباءَ الظلمُ بالخسرانِ
ستعودُ للأقصى على وهج القنا= راياتُه ميَّاسةَ الخفقانِ
فَلْتنطلقْ أفواجُنا وسلاحُها= سيفٌ موشَّى من سنا القرآنِ
***=***
أعلمتَ ياهذا المُضللُ أنكم= في ضيعةٍ مع ذا الخبيثِ الجاني
وخبرتَ أنَّ حداثةً مشؤومةً= باتتْ بقبر شقيِّها الشيطاني
ما الشِّعرُ ؟ أخبرْني وما أغراضُه=إنْ لم يكنْ للهِ ذي السلطانِ
ولكلِّ مايحيي المشاعرَ رفعةً= في ظلِّ سِفرِ الحقِّ والفرقانِ
ولديكُمُ ماتت مشاعرُكم ولم= تُدركْ به هامَ السُّمُوِّ الهاني
لعبتْ به النزواتُ والأهواءُ في= شكلٍ ومضمونٍ وفي أوزانِ
غرقتْ معاني طلسماتْ أبحرتْ= كسفينةٍ تجري بلا ربَّانِ
دع عنك مالا ترتجيه شعوبُنا= أو تشتريه بأبخس الأثمانِ
سيموتُ في مهدِ الميوعةِ هامدا= ويذوبُ تحت توهُجِ النيرانِ
هيهات تبكيه المعارف إنَّه= مثلُ الغثاءِ يساقُ بالفيضانِ
بانَ السبيلُ لمَن صحا من غفلةٍ= والآخرون مضوا مع الرُّعيانِ
أما الرجالُ المخلصون لأمَّةٍ= فعلى عُلُوِّ المنبرِ السَّحباني
يُصغَى إليهم إن أتوه وغرَّدوا= في مهرجانِ العلمِ والعرفانِ
باقات شوقٍ راق من فوَّاحها= روحُ الأصالةِ فاض في الشريانِ
بعظيمِ مافي الآيِ من قيمٍ زهتْ= يسمو بها صُعُدًا بنو الإنسانِ
وبِسُنَّةِ صاغَ الحبيبُ جلالَها= وجمالَها في السرِّ والإعلانِ
فتحيَّةٌ تُزْجَى إلى أهل الهدى= ماطابَ للإخوان من إخوانِ
فهنا الأُخوَّة والمودةُ أينعتْ= صِدقَ الوفا وطهارةَ الوجدانِ
حيَّوا بها كلماتِ شهمٍ مبدعٍ= مالانَ يومًا للنداءِ الجاني
في واحةٍ مخضرَّةٍ ميمونةٍ= تُنمَى إلى تاريخِها الفينانِ
كانت قفارًا لا اخضرار يزينُها= لاوعي بين شبابها الظمآنِ
فاخضرت الوديانُ بعد يبابها= وتماوجتْ كتماوجِ الألوانِ
والعلمُ أجملُ حُلَّةٍ إن زيَّنتْ= صدرَ الشِّعابِ فوجهها كجنانِ
جئنا نغذُّ السيرَ يحدونا الرجا= وبهزنا الأملُ الوريفُ الهاني
تهفو قوافينا كأنسامِ الصَّبا= ريَّانة كالحلمِ في الأجفانِ
لترفَّ في الأيامِ تعبقُ كالشَّذا= كجنى النخيلِ السَّابقِ الريانِ
وعلى الجبالِ الشُّمِ ألفُ قصيدةٍ= تحدو بركبِ الموكبِ الرباني
أيام لم تَعرف سجلاتٌ لهم= إلا تبابَ غوايةِ الشيطانِ
ولنا خلودُ الحرفِ أغلاه الهدى= وحباهُ بالإيمانِ والإتقانِ
يُملي على الأيامِ طيبَ متونِه= فيروقُ شدوُ الشَّوقِ للآذانِ
هذي طيوفٌ أرَّقتْ أجفانَنا= لم يخبُ نورُ بهائها المزدانِ
ترنو إليه عزيمةٌ لم تندثرْ= قعساءُ إسلاميةُ الخفقانِ
ياصفحةَ الماضي حنانك إنَّنا= نشتاقُ وجهَ قشيبك الهتَّانِ
بصليل سيفٍ وامتشاقِ أسنَّةٍ= وصهيلِ خيلٍ في الصباحِ الدَّاني
فتلهبي بدمائنا وتوهجي= بصدورِنا قدرًا مع الركبانِ
نادِ القلوبَ من الهوانِ فإنَّها= ملَّتْ حياةَ الوهنِ والإذعانِ
***= ***
هذي البراعمُ في ثنايا روحها= مستقبلٌ نضرٌ عزيزٌ حانِ
ما لاحَ لي طفلٌ يخطُّ بنانُه= سطرًا تعلمه على الملوانِ
إلا رأيتُ ربيعَ أمتنا زها= وتدلَّتِ الأثمارُ في الأغصانِ
فهو الأصالةُ والثَّباتُ على الهدى= ولقد قَلى زيفًا من الأوثانِ
وسما بفطرته التي قد وجَّهتْ= وجهَ اليقينِ لخالق الأكوانِ
ما غرَّه مزمارُ دسَّاسٍ ولا = لحنٌ يرنُّ على يَدَيْ نصراني
غنَّى لهدمِ العزِّ في أجيالنا= وأتى بخسةِ فعلةِ الحيوانِ
باسمِ التقدمِ والحداثةِ غرَّه= أنَّ الشبابَ يُساقُ للعصيانِ
أبدًا شبابُ المسلمين يضمُّهم= نهجٌ أصيلٌ ثابتُ الأركانِ
الأرضُ مكَّةُ والعقيدةُ حصنُها= لم ترضَ بالمُتَلونِ الحيرانِ
هذا الشبابُ إذا تسلَّحَ بالتُّقى= ونما على الأخلاقِ والعرفانِ
وتشبَّعتْ فيه الحنايا بالهدى= ورأى جلالَ الله في الأكوانِ
سيقودُ أمَّتَه غدًا شطرَ المنى= ويقيلُ عثرتَها على الميدانِ
ويدوسُ ماصنعَ اللئامُ من الأذى= ويردُّ أهلَ منازلِ الهذيانِ
فاستبشري يا أمَّتي بحبائِه= يغشى المغاني عاطرَ الأردانِ
وتهللي شوقًا وتيهي عزَّةً= بالنُّورِ نورِ اللهِ والإحسانِ
فالنورُ يهديك الحضارةَ حلوةً= من غيرِ طغيانٍ ولا إذعانِ
بكتابِ ربِّ العرشِ جاءَ هدايةً= للعالَمين برحمةٍ وأمانِ
إسلامُنا يدعو إلى العلمِ الذي= يحيي مواتَ النَّبتِ في القيعانِ
والعلم ينسجُ للشعوبِ تقدُّمًا= آثارُه لسعادة الإنسانِ
في البيتِ في الحقلِ النَّضيرِ بكلِّ .= . دربٍ في حياةِ الناسِ في الأزمانِ
هذي الشِّعابُ اخضوضرتْ ربواتُها= وتنفستْ بالروحِ والريحانِ
وتهللت فيها البوادي بالهنا= فيفاء تدفقُ من عيونِ حٍِانِ
وسرى الهدى والعلمُ في أبنائها= جاءا بخيرِ مسيرَةٍ ومعانِ
فعساهُمُ بهما يعيدون الفخارَ .= . وفجرَه عهدًا وليدًا ثانِ
أكبرتُ آمالَ الشعوبِ يشدُّها= عزمُ الشبابِ المؤمنِ المتفاني
وشهدتُ إنْ هبَّتْ بها أرواحُنا= يومَ النفيرِ تموجُ كالبركانِ
للعصرِ عصر المسلمين إذا هُمُ= قاموا لصرختها من القيعانِ
يافجرُ ، ياتاريخُ ، يادنيا خلتْ= بروائع الذكرى وبالفرسانِ
يالهفةً تجري بصبرِ صدورِنا= وبمهجةِ الغلسِ البغيضِ الجاني
فوري هُدى ، وتألقي قبسًا فقد= طالَ الهجوعُ ولجَّ بالشُّبَّانِ
فاسقِ القلوبَ من الشَّريعةِ وانظمي= بالطهرِ صدرَ شبابك الحرَّانِ
حبَّاتُ رملِك ياصحارى جنَّةٌ= فاحتْ مباهجُها على الأكوانِ
إذْ فوَّحتْ عن أمَّةٍ مختارةٍ= أقوى من الظلماتِ والعدوانِ
وسعتْ تنيرُ العالمين بدينِها= وتُعِزُّ دعوتُها بني الإنسانِ
وأتى رسولُ الله يحملُ شرعةً=سمحاءَ ربَّانيةَ التِّبيانِ
يهدي بها الناسَ الذين اسْتُعْبِدُوا= للمالِ والشهواتِ والأوثانِ
فاستعذبَ الفضلاءُ صوتَ نَبِيِّنا= وتواثبوا للعزِّ بعدَ هوانِ
ماقادهم بغيٌ ولا ظلمٌ ولم= يشهدْ عليها الخَلْقُ بالعدوانِ
هي أمَّةٌ جاءت وفي أكنافها= عاشوا حياةَ كرامةٍ وحنانِ
بل أنقذتْ أمما تغشَّاها العنا= ورمى بها الطاغوتُ للخسرانِ
وحمت شعوب الأرضِ في أيامها= من بغي طاغيةٍ وغدرِ جبانِ
فإذا الصحارى جنَّةٌ مزهوةٌ= وعيونُ سلسلِها هُدَى الرحمنِ
وإذا القبائلُ في الجزيرةِ قوةٌ= من خيرةِ الأفذاذِ والفرسانِ
دكَّتْ حصونًا كالجبالِ وحطَّمتْ= للفرسِ تيجانا وللرومانِ
فتحررتْ تلك الشعوبُ وأقبلتْ= تهفو لدين الله بالإيمانِ
كانت سرايا أمةٍ منصورةٍ= لم تأْلُ جهدًا للنهوضِ الباني
واليوم يايومَ النهوضِ المرتَجَى= أشرقْ بصبحٍ هانئٍ هتَّانِ
واليوم ياشعراء أمتنا لكم= صوتٌ لبعثِ نهوضها المزدانِ
فتبرؤوا ممَّا يضرُّ بنهجكم= ممَّن أتوا بالزورِ والبهتانِ
من غربِ دنيانا ومن شرقٍ فهل= قد يُرتَجَى خيرٌ من الذؤبانِ
فحداثة الإفسادِ من أفكارهم= وقذارةُ البيئاتِ والغثيانِ
شطحات مَن تبعوا طلاسمَ حفنةٍ= ممقوتةٍ في الشَّامِ أو بغدانِ
والشعرُ مهدٌ للأصالةِ فاجتنبْ= مازاغ منه بأوجه الهذيانِ
وهو القوافي والعمود يضمُّها= وطهارةُ الإلقاءِ والألحانِ
والقولُ مارضي الإلهُ بصدقِه= وله الثوابٌ بلا عقابٍ دانِ
اللهُ يسألُ في القيامةِ خلقَه= عن زلةٍ كَذِبٍ وزورِ لسانِ
ويُكبُّ أهلُ الإثمِ في وادي لظى= لكلامِ سوءِ جاءَ بالنُّكرانِ
ولكلِّ فنٍّ في الأصولِ مكانُه= يوم الحسابِ فيالَيومِ الجاني
ستعودُ دعوتُنا كسابق عهدها=رغم الطغاةِ وحملةِ العصيانِ
ستعودُ إسلاميَّةً فالمصطفى=أغنى خلودَ العزِّ بالقرآنِ
والعصرُ هذا العصرُ باتَ بحاجةٍ=للأمن في دنياهُ والإيمانِ
واستاءَ من ظلمٍ ومن بغيٍ ومن=شرٍّ يفورُ كألسنِ النيرانِ
ومن المذابحِ لم تذرْ من جَورِها=في الناسِ من طفلٍ ومن نسوانِ
والمكرُ والتَّهديدُ عربدةُ الذي=ماذاقَ طعمَ مكانةِ الإنسانِ
هم أنكروا قيمَ السُّمُوِّ لأُمَّةٍ=وقلوبُهم باتتْ بلا تحنانِ
لكنَّه الجبَّارُ يمهلُ رحمةً=بالتَّائبين وجملةِ العميانِ
إنْ أسلموا للهِ كلَّ شؤونهم=واستسلموا للحقِّ والفرقانِ
نالوا من الله الكريمِ مكانةً=في العيشِ عذبةَ مظهرٍ وحنانِ
ولهم من البشرى فواتحُ سورةٍ =في الخلد يوم الحشر والميزانِ
يتضرعون اليوم قبلً فواته=فغدًا بلا شفعاء للأعوانِ
فإنِ اشمخرُّوا بالسفاهةِ والأذى=وجدوا الجزاءَ عقوبةَ الطغيانِ
=
=