(القسم الأول )
هوامش :
(1)افرنقعوا :تفرَّقوا ، وتبعثروا .
(2) الوزين : حب الحنظل المطحون .
(3) يندى الجبين : يعرق للفضيحة الشنيعة التي حملوا وزرها .
(4)المعرقون : أهل الأصل والمكانة التاريخية .
(5) الظنين : المتهم بالجريمة الكبرى .
(6) الكنين : العدو المستور المختبئ في جحور المؤامرات .
(7)إشارة إلى قول فضيلة الشيخ محمد الغزالي يرحمه الله
(هناك ساعة حرجة ، يبلغ فيها الباطل ذروة قوته ، ويبلغ فيها الحقُّ أقصى محنته . والثَّبات في هذه الساعة الشديدة هو نقطة التحول ) .
يصون العهودَ جنودُ الهدى (القسم الثاني )
وهيهات هيهات يامَن تخونْ = عهودَ الأفاضل في العالمينْ
تصفِّدُ أبرارَهم في السجون = وتسجرُ أكبادَهم في أُتونْ
وتشمخُ كِبرًا وأنت الذميم = فمَن أنتَ في أرضنا مَن تكونْ !
وحزبُك عاثَ بأرضٍ طهور = لشعبٍ كريمٍ ولا يرحمونْ
أذاقوهُ مُرَّ المآسي الشِّداد = كسفك الدماءِ وهم يضحكونْ
وجاؤوا إليه وحوشا بغاب = ومُديةِ حقدٍ بها يذبحونْ
فكم من نساء شكون العذاب = وكم من شيوخٍ بهم من طعونْ
وأطفالُهم تحت كوم الصخور = يَئِنُّون صرعى ولايعلمونْ
ومنهم صبيٌّ صغيرٌ غرير = يردِّدُ قولا بقلبٍ يقينْ
أقُلْتَ بُنَيَّ لربِّ السَّماء = وأخبرْتَ ربِّي بما يصنعونْ
أجابتْ طفولةُ ذاك الغريق = ببحر الدماءِ وشطِّ المنونْ:
سأخبرُ ربِّي بكلِّ الأمور = وكلِّ المجازرِ للمجرمينْ
وما قد جرى في بلاد الشآم = كسفكِ الدماءِ ولا يجفلونْ
أباحوا المحرَّم بئس الجُناة = فليس بخُلْقٍ لديهم ودينْ
فكفرٌ وبغيٌ وشرك بواح = فوهمٌ بتلك الرؤوس وهُونْ
دعاوى ضلالٍ أماتَ الهدى = دجاها فبئسَ وهم يعمهونْ
وهيهات تنطفئُ المشرقات = بنورِ النَّبيِّ الحبيبِ الأمينْ
وهيهات يخبو نهارُ الهدى = بوجه رجالِ الهدى الصَّابرينْ
وهيهاتَ يبقى أثيمٌ طغى = على ظلمِ قومٍ له يمقُتُونْ
وهيهاتَ ينهارُ إسلامُنا = ومن أجله فاضَ شدوُ الحنينْ
تداعوا علينا بما عندهم = من الحقدِ والبغيِ منذ السنينْ
وأبناءُ جلدتِنا قد بغوا = على أهلِهم بئس قوما عمينْ
أناخوا لسطوةِ غزو وما = رأوا أنهم هاهنا يخسرونْ
وسخَّرَ منهم قُواه التي = أُعدَّتْ لِأعدائنا المجرمينْ
فكم قتلوا من كرامِ الرجال = وكم سجنوا من أسودِ العرينْ
وكم نافقوا للعدوِّ الخبيث = فحاربنا كلُّ وغدٍ مهينْ
عدوُّ الشعوبِ أتى بالفساد = وهم للعدوِ اللعين عيونْ
وأهلُ الحضارةِ في عصرِنا = أراهم بما قد أتوا يكذبونْ
فبئست حضارةُ بيعِ النفيس = تديرُ محافلَ للآثمينْ
أخي أيُّها المسلمُ استفيق = وجدَّدْ عهودَك في الصَّالحينْ
فجدِّدْ بدينِك وجهَ الحياة = لكيلا به الناسُ لايحزنونْ
فهاهم شبابُك جندُ الهدى = فلستَ تراهم من اليائسينْ
شمائلُهم في دروب الإخاء = تفوحُ بسيرة طه الأمينْ
تهادوا لنصرةِ دينِ الإله = وتحلو الطلائعُ للمحتفينْ
وأرسوا معاني سُمُوِّ الوفاء = وحبِّ النَّبيِّ وعَذْبِ الحنينْ
فكانوا صدى لأماني العباد = يعيدُ المكانةَ للمسلمينْ
هو اللهُ أمهلَ أهلَ الفساد = عسى أن يؤوبَ بنو السَّابقينْ
ففي نهجهم طابَ شأنُ العباد = وسادوا الورى برؤى المتقينْ
بنور المثاني خطاهم تطيب = فلا يُخدعون ولا يحزنونْ
فيافتيةَ الجيلِ جيلِ الضياع = أجيبوا ولبُّوا نِدا المبصرينْ
فإنَّ الزمان استدارتْ رحاه = وهانَ التخاذل والمفترونْ
وخاب الذين استرقوا العباد = وعاشوا على إرثهم يعتدونْ
وهلَّ انتصارٌ مجيد كريم = برغم جنودِ الهوى والمجونْ
ففي شامنا هانَ أهلُ الهوان = وذلَّ المكابرُ والمجرمونْ
وفرَّ الشَّقيُّ الأثيمُ اللئيم = وأجنادُه افْرَنْقَعُوا هاربينْ(1)
أتوهم جنودُ النَّبيِّ الحبيب = بكأسِ فكانتْ طحينَ الوزينْ (2)
ففرُّوا وفي حبلِ أعناقهم = مآثمُ يندى لها لديها الجبينْ(3)
بطولةُ ركبٍ بساح الفدا = تفوحُ بسيرةِ خيرِ البنينْ
تهادى وبين يديه الفلاح = جميلُ المطالع للمحتفينْ
وأرسى صمودَ الشباب التقاة = بطيبِ الأُخوَّةِ في المسلمينْ
فكانوا صدى لأماني الشعوب = يعيد المكانةَ للمُعْرِقِينْ(4)
فهاهم شباب ونعم الشباب = يردُّون حقًّا رماه الظَّنين (5)
ويهدون شعبا كواه الأسى = نهارَ سرورٍ وكان رهينْ
فجدَّدَ فيهم يقينَ الفؤاد = بنصرِ القويِّ العزيز مبينْ
فياركبَ مغنى المثاني العِذاب = ويانورَ مسعى الرجا واليقينْ
رعاك إلهي برغم القيود = ورغم المآسي بحصن حصينْ
وبدَّدَ عنكَ هجومَ العتاة = وشتَّتَ شملَ بني المرجفينْ
نراكَ فتحلو لدينا الحياة = ولسنا لنخشى العدوَّ الكنينْ (6)
وترحلُ سودُ الليالي العجاف = هباءً ويشرقُ وجهُ القرونْ(7)
فلسنا حزانى على ما مضى = فذا قدرُ اللهِ في العالَمينْ
فيا أملَ الشَّعبِ أنت السفين = ويا غدنا الحُلْو عَذْبًا تبينْ
وأنت الرجاءُ الذي لم يزل = يلبِّي نداءَ النَّبِيِّ لِدينْ
دعِ الغيَّ وامقُتْ بني المحنقينْ= ففيهم شَّقيُّ عدوٌّ مبينْ
لقد ضاقَ بالحقدِ قلبٌ غوى= وقطَّعَ ذا الحقدُ منه الوتينْ
وآثرْ أُخيَّ الهدى والتحقْ= بركبِ الأفاضلِ في الصَّالحينْ
وقُلْها بكلِّ الفخارِ فما= كمثلِ علاها لدنيا ودينْ
وقلْها بصوتٍ يهزُّ الغواة= جنودَ الضَّلالَةِ في المسرفينْ
وقلْها تُردَّدْ صداها العصور= نداءً نديًّا بوُدٍّ ولِينْ
أُحبُّ النَّبيَّ وآلَ النَّبيِّ= وكلَّ الصحابةِ والتَّابعينْ
أُحبُّ الذين اتَّقوا ربَّهم= وعافوا الدنايا وما قد يُشينْ
أحبُّ الذين اسْتَقوا شَهدَهم= من النَّبعِ نبعِ الكتابِ المبينْ
ومن سُنَّةِ المصطفى واستقام= وردَّ الهُراءَ على المرجفينْ
فَمَنْ لم يحبِّ النَّبيَّ الحبيب= فقد باءَ بالخُسْرِ طولَ السنينْ
ومن هو عادى الصِّحابَ الكرام= وألقى خطاهُ بدربٍ مهينْ
وسبَّ الصحابةَ أهلَ الوفاء= مهاجرَهم نِعْمَ والنَّاصرينْ
ومَن سبَّ تلك التي قد سَمَتْ= بِخُلْقٍ كريمٍ و دينٍ مكينْ
حبيبة خير الورى أُمُّنا= وبنتُ الخليفةِ للمسلمينْ
ومَن أنزلَ اللهُ فيها البيان= بيانَ البراءةِ دنيا و دينْ
فعاشت وماتت بظلَّ الإله= وفازتْ به أبدَ الآبدينْ
فتَبًّا لِمَن قد رمى أُمَّنا= بسوءٍ وباءِ به للعذاب المهينْ
فتلك التي أُكرمَتْ في الحياة= ونالت ودادَ النَّبيَّ الأمينْ
ونالتْ من اللهِ ما لم تنلْهُ= نساءُ البريَّةِ في العالمينْ
فقلْ للشَّقيِّ الخبيث اللئيم= وَمَن مثله اليوم في الغابرينْ
فإنَّ النَّبي حبيبُ الإله= وإنَّ الصحابةَ في المدلجينْ
وخابَ أعاديهُمُ في تباب= وَوَلْوَلَ حاديهُمُ في الهالكينْ
وصِدِّيقُنا فاز بالباقيات= رديف النبيِّ بتلك السنينْ
وجاء الغضنفرُ ثاني الولاة= ففاروقُنا الفخرُ في الأولينْ
وعثمانُ نالَ أعالي الجِنان= شهيد الشَّريعةِ في الصَّادقينْ
وفاز عليٌّ وأبناؤُه= فطوبى لهم من أبٍ و البنينْ
أولئكَ أجدادُنا كلُّهم= بهم مَنْ أَتوا بعدَهم يقتدونْ
فمنَّا عليهم سلامٌ وفي= حنايا القلوبِ اشتياقٌ مكينْ
ومَن زاغَ عن نهجهم لم يزلْ= يذوقُ الهوانَ مع المسرفينْ
ويلقى من اللهِ مايستحقُ= عدوُّ الصحابةِ والصَّالحينْ
فياربِّ ندعوك ألا نكون= بهذا الزمان من الغافلينْ
ففيه تمادى الهوى والفساد= وفيه العداوةُ للصَّالحينْ
فياربِّ نصرك إنَّا الذين = بحولِك ربِّ من اللائذينْ
وليس لنا من مجيرٍ سِواك= فقد جاسَ كفارُهم في العرينْ
وسبُّوا الصحابةَ أهلَ الفداء= وأهلَ الوفاء وأهل اليمينْ
جاؤوا إلهي إليكَ النداء= ألا فاستجبْ ربِّ للصَّابرينْ
فقد عاثَ فُجَّارُهم في البلاد=وجاؤوا بحقدٍ طغى يعمهونْ!
وأقرانُهم من جفاة القلوب=أشاعوا السَّفاهةَ في المسلمينْ
فكلبٌ عوى بغناء مهين=وآخر أذعن للمعتدينْ
وقوم تبنَّوا مناهجَ فِسْقٍ=وقومٌ أساؤوا ولا يعبؤونْ
وقوم حذوا حذوَ مَن أمعنوا=وكان هواهم صنوفَ المجونْ
وسمُّوا الخلاعةَ بنتَ التباب=حضارةَ عصرٍ بما يفسقونْ
فترفيههم أفصح عمَّا يجول=بصدرِ الشَّقيِّ الأثيمِ الخؤونْ
وقومٌ أتونا بحزبٍ خبيث=ومبدأ كفرٍ وهم يعلمونْ
وأما الأعادي ففي غيِّهم=حصادُ المكاره عبر السنينْ
فغزوٌ قبيحٌ ومكرٌ شنيع=وكيدٌ يفورُ وحقدٌ دفينْ
وهاهم بأقطارنا يحكمون=بوجهٍ قبيحٍ ولؤمٍ مكينْ
فشعبٌ يئنُ لخطبٍ عرا=وشعبٌ يُهَجَّرُ في العالمينْ
وشعبٌ ينام على جوعه=وآخرُ يشكو فمَن يسمعونْ؟
وقومٌ هنالك من قومنا=رضوها مطايا لِمَن يفسقونْ
وأُمَّةُ خيرِ الورى لم تفقْ=ومسعى خطاها وئيدٌ حزينْ
تداعى عليها طغاةُ الورى=بزحفِ الجيوشِ وما يكتمونْ
لديهم سلاحٌ يبيدُ وكم=تمادوا به وبه يقتلونْ
وكم من عميل حذا حذوهم=وسار لئيمًا كما يشتهونْ
وكم من خؤونٍ لهم لم يزل=يحرِّضُ خِبًّا على الصَّالحينْ
فكم عالم في سجون الطغاة=وكم من أبيٍّ بقيدِ السجونْ
وكم من شهيدٍ بحبلِ الجناة=وكم من طريدٍ وكم من حزينْ
وكم من رضيع أتى حتفُه=بأيدي الجناةِ ولا يأبهون
وشيخ قضى تحت طحنِ الركام=فهدمِ المساكنِ في كلِّ حينْ
ألا لعنةُ اللهِ كانت لِمَن=تقصَّدَ سفكَ الدما مستهينْ
وذاك الذي قد أعان الغزاة=وباعَ العروبةَ للممترينْ
ومَنْ لجَّ في حقدِه واستنامْ=وأعمى العيونَ عن المفترينْ
فقد باءَ بالإثمِ يومَ استنام=وأعطى القيادةِ للفاسدينْ
فَتَبًّا له من ذميمِ الخصالْ=وبعدًا له عن بني الصَّالحينْ
فيا لَلشقيِّ إذا حانَ في=صباح الجزاءِ حسابٌ رصينْ
فكبِّرْ أخي يابنَ فتحٍ يلوحْ=فربُّك أولى بِمَن يتَّقونْ
فإنَّ المثاني أخي خالداتْ=وأعداؤُها في الضلالِ المبينْ
وسُنَّةُ خيرِ الورى لم تزلْ=وثائقَ تُزْجَى خلالَ السنينْ
وتفنى أكاذيبُ إلحادهم=ويُطوى الهُراءُ هراءُ العمينْ
ستأتي النهايةُ رغم العناد=ويأتي الذي بعضُهم يعلمونْ !!!
فياغدنا الحلو لسنا نهاب=ولسنا اليتامى ولسنا نهونْ
يُزجَّى بنا مايرومُ الفخارْ=وغيرُ الهداةِ همُ المفلسونْ
سترحلُ سودُ الليالي العجافْ =ويشرقُ وجهُ المدى للموقنينْ
يُرَوْنِ فَتَبْسُمُ أيامُهم=برغمِ المكارهِ في العالمينْ
فبدَّدَ عنهم إلهُ الوجودْ=وهاهم وربِّي بحصنٍ حصينْ
فياركبَ مغنى جلالِ العهودْ=وبلسمَ مَن في الأسى يُؤسرونْ