وسِواه محضُ رعونةٍ قد صاغها.=.السُّفهاءُ أهلُ عبادةِ الأوثانِ
هي ثورةٌ الأبرارِ والفرسانِ=والشَّعبُ مرَّغَ صولةَ الطغيانِ
هاماتُ أهليها الأباةِ أبيَّةٌ=تأبى الخضوعَ لنخبةِ العبدانِ
أو ترتضي ذلَّ الرضوخِ لآثمٍ=أو مجرمٍ أو حاقدٍ خوَّانِ
عاشتْ مآسيها بأيامٍ شكتْ=شكوى الجريحِ بمخلبيِّ الجاني
شربتْ مرارَ الظلمِ من أيدٍ هوتْ=بالبغي والإيذاءِ والعدوانِ
خانوا مواثيقَ المودةِ والإخا=وقد استباحوا حرمةَ السكانِ
فالقتلُ والتهجيرُ والحِمَمُ التي=سقطتْ لظًى بالحقدِ والشنآنِ
أيامُهم سودٌ فلا بشرى لها=فالنَّاسُ بين القهرِ والحرمانِ!
تغشاهم الويلاتُ لمَّا هُجِّروا=وطعامُهم من يابس السُّعدانِ
عبثُ المُولِّين الذين استأسدوا=بغيًا على مَن عاشَ في العمرانِ
فأُولئكم طغيانهم متجرِّدٌ=بالسُّوءَ فِعْلتُم وبالعصيانِ
ماهم كما كان الأُلى من قومنا=حفظوا هناك كرامةَ الإنسانِ
من مسلمين تصدَّرتْ أيامُهم=صدرَ الزمانِ بأكرمِ الإحسانِ
في ظلِّ أمنٍ مارأوا إلا الوفا=لجميعِ مَن عاشوا بلا أضغانِ
وببيئةٍ فيها النصارى واليهودُ .=. ومن أتى للدَّارِ من ضيفانِ
ومن المجوسِ وسائرِ المللِ التي= في ظلِّ حكمِ أوامرِ القرآنِ
لم يَطْغَ مَن كان الهدى دستورَه=والعيشُ فيه كسائرِ السكانِ
تلكم شريعتُنا وتلك ظلالُها=فاحتْ بطيبِ العدلِ والتحنانِ
فاسأل عهودَ الفاتحين فإنَّها=تروي فضائلَ أُمَّةِ العدناني
لم يعرف التاريخُ عنهم غلظةً=تطوي ابتسامَ براءةِ الفتيانِ
هم جندُ إنسانيَّةٍ لم يسلكوا=إلا طريقَ العدلِ لا الطغيانِ
ذاكم هو الحكمُ الذي فيه الهنا=وسعادةُ الإنسانِ في الأزمانِ
فحضارةٌ لم تلتفتْ لبني الورى=إلا لهذا الرُّعبِ والأضغانِ
كم من حروبٍ دمَّرتْ قيما ولم=تحفلْ بغيرِ وساوس الشيطانِ
فالمكرُ بيتُ حضارةٍ أركانُها= قامتْ تناوئُ دينَنا الربَّاني
ولقد نفى أربابُها طعمَ الإخا=فالقتلُ دينُ صويحبِ الديوانِ
ماتَ الضمير فلم تجد ها رحمةً=عاشتْ بغيرِ طهارةِ الوجدانِ
ولئنْ شكوتُ فلستُ أوَّلَ مَن رأى=هذا الفسادَ يقودُ للهذيانِ
لايعبأُ الجبناءُ حين تجرَّؤوا=فشووا الطفولةَ بئسَ في النيرانِ
واستمرؤوا القتلَ الذي شملَ النِّسا=وعدا إلى الشيخ الكبيرِ الفاني
وسجونهم فازتْ بكأسٍ لم تكنْ=إلا لأسوأ مجرمٍ سجَّانِ
ملكوا سلاحَ الرُّعبِ والإرهابِ لم=يرحمْ بريئا عاشَ باطمئنانِ
أنَّى نظرْتَ وجدْتَها مشحونةً=بالكُرهِ والإيذاءِ والحرمانِ
وإذا هُمُ ظمئوا فإنَّ شرابَهم= من علقمِ الآهاتِ والأحزانِ
وحضارةٌ حملتْ أذاها فاغرًا= فاهُ بوجهِ الخيرِ في البلدانِ
وانقضَّ حاملُها الذميمُ معربدًا= عَدْوًا أتى من غابةِ الذؤبانِ
مستكبرًا : عطفاهُ في جبروته= بالبغي تهتزانِ والطغيانِ
متفلتًا مجَّ السَّجايا واعتلى= صهواتِ ما لِتَمَرُّدِ البهتانِ
أَوَهكذا تُرعَى الحقوقُ ! وهكذا= يُرجى لِعَالمِنا ظلالُ أمانِ !
خابتْ أماني الناسِ بل رجمَ الشّقا= مايبتغون اليوم من تحنانِ
وعلى المغاني ندلهمُ نوائبٌ= دكَّتْ وربِّي راسيَ الأركانِ !
أكلَ القويُّ لحومَ أقوامٍ هوتْ= أجسادُهم في تلكم القيعانِ
مكرٌ وغدرٌ في نواصي عصرِهم= يتوعدانِ به بني الإنسانِ
ويقولُ من ريبِ الكلامِ سفيهُهُم= زورًا عليه حضارةُ الشيطانِ
سقطَ النظامُ العالميُّ بِشَرَّ ما= صنعتْ يداهُ وباءَ بالخسرانِ
وهوت شعاراتُ الضَّلالةِ وانطوتْ= خيلاءُ مافي زخرفِ العنوانِ
قد أفلسَ الباغي وأفلسَ فكرُه= وأتتْ عليه عواصفُ الحدَثانِ
وتمرَّغ الوجهُ القبيحُ بشِقوةٍ= لطمتْهُ كفُّ العارِ والخذلانِ
هي لعبةُ الماسون دبَّجها الذي= هو صاحبُ الجبروتِ والسُّلطانِ
فيها تمادتْ لابحقٍّ كفُّه= ترمي جلالَ شريعةِ الرحمنِ
وسباقُها المحموم أعمى وِجهةً= فغوت بلا نورٍ ولا وجدانٍ
بئستْ حضارتُهم وبئس نظامُها= لفظتْه دنيا الناسِ في الأزمانِ
أَوَلَمْ ترَ اللعناتِ تصعدُ للسَّما= لتصبَّ نقمتَها على الأضغانِ
وهم اليهودُ : نساؤُهم ، أموالهم= في الشرق أو في الغرب يُمتهنانِ
باءت تجارتُهم وهذي كرَّةٌ= مشحونةٌ باللؤمِ والعدوانِ
صنعوا زخارفَها كثوبِ بَغِيَّةٍ= وحبوهُ بئس السوقُ بالإتقانِ
لكنَّه سرعانَ ما افْتُضِحَتْ به=دعواهُمُ في البر والإحسانِ
يكفي النظام العالمي دناءَةً= شكوى كرامِ الخلقِ للرحمنِ
يكفيه عارا إذ أباحَ دماءَنا= في القدسِ أو في الشام أو بغدانِ
يكفيه ألوانُ الأذى بعراقنا= يشكو وفي يمنٍ وفي السودانِ
يأتيه يومٌ لامردَّ لبأسِه= أخذ العزيز القاهرِ الديَّانِ
فلقد هوت نظمٌ وعاث بأهلِها= نابٌ لهم صنعوهُ بالكفرانِ
لاتصلح الدنيا بغيرِ شريعةٍ= قدسية الأحكامِ والميزانِ
من مكة الإسلام أشرق وجهُها= بالحق والآلاءِ والإيمانِ
وبنهجها الأعلى تسودُ أُخُوَّةٌ= في العالمين بهيَّةُ الأردانِ
لن تسعدَ الدنيا وإن طال المدى=إلا بدين مُحَمَّدِ العدناني
فالدِّينُ ظلٌّ للمآثرِ نهجُه=ولكلِّ ما في الخيرِ من أفنانِ
في عودةٍ لله إسلاميةٍ=وبسُنَّةٍ نبويَّةٍ ومثاني
وَلْتَبْتَهِجْ دنيا الورى إذ أقبلتْ=في عصرنا خيريَّةُ الرحمنِ