في الحديث عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يُوشِك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ). فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: ( بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوَهْن ). فقال قائل: يا رسول الله، وما الوَهْن؟ قال: (حب الدنيا وكراهية الموت( .
قال أهلُ العلم في هذا الحديث الشريف : ( إنَّ ما يقع من تسلط الكفار على أهل الإسلام، وأنه ليس خاصًّا بزمن معين ، جاء في كتاب القيامة الصغرى للأشقر: من علامات الساعة: تكالب أمم الكفر على هذه الأمة.وقد وقع هذا عبر التاريخ أكثر من مرة، عندما تداعت الأمم الصليبية إلى غزوة هذه الأمة، ومرة أخرى عند اجتياح التتار العالم الإسلامي، ولكن هذه النبوءة تحققت في القرن الأخير بصورة أوضح،فقد اتفق الصليبيون واليهود والملاحدة على هدم الخلافة الإسلامية، ثم جزؤوا الديار التي كانت تحكمها، وتقاسموا ديار المسلمين فيما بينهم، وأعطوا فلسطين لليهود، وأصبح المسلمون أضيع من الأيتام على مأدبة اللئام، ولا تزال قوى الشرّ إلى اليوم متداعية لتدمير هذه الأمة، وامتصاص خيراتها، ونهب ثرواتها، وإذلال رجالها، والأمة الإسلامية خانعة ذليلة، لم تغن عنها كثرتها، غثاء كغثاء السيل، وعلتها كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم: الوَهْن: حب الدنيا، وكراهية الموت.( اهـ.
وقال العباد في شرحه لسنن أبي داود: وهذا الحديث منطبق تمامًا على هذا الزمان، والمسلمون اليوم عددهم كثير جدًّا، ولكنهم مشتغلون بالدنيا، وحريصون على الدنيا، وخائفون من الموت، فصاروا يخافون من أعدائهم، وأعداؤهم لا يخافون منهم.لكن لا يعني هذا أنه ما حصل إلا في هذا الزمان، فقد يكون حصل في الماضي، وكذلك يحصل في المستقبل، لكن المشاهد المعاين اليوم أنه حاصل. اهـ
فعلى هذا الاستدلال بهذا الحديث على ما يصيب المسلمين في الشام من تكالب الأمم عليهم صواب نسأل الله أن يعجل بنصرهم، وأن يهلك عدوهم .
فصهيونية اليهود اليوم جمعت جنود أكثر من عشرين دولة في حربها على غزة ، والمسلمون يتفرجون على عمليات القتل والتدمير والتهجير ، بل فيهم مَن أراد هذا الغزو لإفناء أهل فلسطين ، ولتمييع القضية الفلسطينية .
وللقائد الإسلامي النبيل نجم الدين أربكان ــــــ رحمه الله ــــــــ كلام دقيق في هذا الشأن حيث يقول : ( الصهيونية هي تمساح ، وهذا التمساح فكُّه العلوي أمريكا ، وفكُّه السفلي أوروبا ، وعقله إسرائيل ، وجسدُه المتعاونون الخــونة الموجودون بيننـا ).
*العصماء : الصعبة المنال فلا ينال مكانتَها عــدوٌّ ولا مرجفٌ .
يتواثبون تواثبَ السفهـاءِ = من كلِّ صوبٍ ضاقَ بالأعداءِ
هذا يهدِّدُ بالقتالِ معربدا = والآخــر استعدى بغيرِ حياءِ
والآخر المذمومُ لــوَّحَ هازئًــا = بالأمَّـةِ الثكلى وباستعلاءِ
وهنا مكيدةُ عابثٍ في أمنها = وهناك خِبٌّ لــجَّ بالإيـذاءِ
تبًّـا لهم أعداء إنسانيَّةٍ = عاشوا على الأحقادِ والبغضاءِ
وعلى العداءِ لديننا ونبيِّنا = وعلى الأذى والطعنةِ الـرَّعناءِ
منهم تضمُّهم الصدورُ لأنهم = أبناءُ آدم بينَ أهـلِ إخـاءِ!
لكنَّهم كفروا بما أولاهُـمُ = منَّـا كريمَ الجيرةِ الحسناءِ
فتنكَّـروا وأتـوا بما لـم يحسنوا = ردَّ الجميلِ لتلكم النَّعماءِ
كنا وكانوا في ربوع بلادِنا = أهـلَ الوفاءِ فليس من غلواءِ
خانوا العهودَ المُسْتَقاةَ من الهدى = بكتابِ دينِ الشِّرعةِ الزهـراءِ
كنا وكانوا لانـزاع ولا هــوى = في حـــدِّه البتَّارِ وقْــدُ الـــــــدَّاءِ
هـو دينُنا الرحمنُ أنزله على = خير البريَّـةٍ صاحبِ الإسراءِ
ماكان إلا رحمةً لبني الورى = وهــدايةً تُلفَى لدى الـفضلاءِ
لكنَّهم جحدوا فتاهوا وانثنوا = عن سيرةِ تُرجَـى من الأمناءِ
هذي لياليهم تولَّـى شرُّهم = فيها قيادةَ فتنةٍ بلهــاءِ!
صفَّ اليهودُ ركابَهم وبأمرِهم = ساروا لحربِ الشِّرعةِ الغــرَّاءِ
فلأهلها منهم دمارٌ شاملٌ = بالقتــــلِ والتهجيرِ والإقصاءِ
وبكلِّ مايرمي إلى محــو الهدى = وبكلِّ مافي المكرِ من ضــرَّاءِ
وأتى بها (النَّتِنُ) البغيضُ معربدا = ومهدِّدًا للعـربِ بالإفنــاءِ
ويصولُ هذا الوغـدُ بين ربوعنا = بالحربِ والتهديدِ والإيـذاءِ
ومحافلُ الإجرام في غبرائنا = يتلونون تَلَوُّنَ الحرباءِ
وهم الأفاعي سمُّهم مدرارُه = بقلوبِ ركبِ الحقِّ والحنفاءِ
ولقد تداعوا كالوحوشِ بما لهم = من قوةٍ ومكيدةٍ ودهـاءِ
والعربُ قادَتُهم بلا فعلٍ يُـرَى = دفعا لشرِّ تكالُبِ السفهاءِ
هانوا وهانتْ أمَّــةٌ أيامُها = كانت لعـزِّ كتائبِ النُّجبــاءِ
عاشتْ بعـزٍّ ليس ترضى بالونى = والوهـنِ والأوزارِ و الأهواءِ
قـد حكَّمتْ دين الإلــه فلم تزل = منصورةً في غُمَّــةِ الهيجاءِ
فتحتْ رحابَ الأرضِ تملؤها المنى = وتزيلُ عنهـا وطأةَ الأعباءِ
وتقيمُ عـدلَ عقيدةٍ لاتحتفي = إلا بما في الخيــرِ من أنــداءِ
تلك الليالي مقمراتٌ بالهدى = بالأمنِ والإيمانِ واللألاءِ
هي حجَّـةٌ في وجـهِ كلِّ مُضلِّـلٍ = متخاذلٍ غــاوٍ من العملاءِ
إنـي أراها مقبلاتٍ وجهُهـا = نَضِـرٌ كوجهِ الليلةِ القمراءِ
لا. لن تزولَ جذورُها فشعوبُها = في الأرضِ إسلاميَّةُ الأصداءِ
سيعودُ في الأرض التي ضاقت على = سكانها من شدَّةِ البلواءِ
ذاك اللـواءُ بما يجدِّدُ يومَها = تكبيرَ جندِ اللهِ في الأرجاءِ
أَوَتَسْتَكِيْنُ الأمَّــةُ العظمى وفي . = . القـرآنِ وعـدُ الآيــةِ العصماءِ *
أما مفاهيم الطغاة فإنَّها = عمياءُ مثل الرؤية العمياءِ !
لم يدركوا ما في الخفايا من يــدٍ = ترمي أباطرةَ الأذى لفَناءِ
عاشوا وما علموا بأنَّ وراءَهم = يوما وليس لديه من نصراءِ
والأمـرُ يومئذٍ لِمَن كفروا به = فالنَّـارُ مأواهــم بلا استثناءِ