آهاتٌ دمشقيَّة
رائد عبد اللطيف
نَصيبُكَ الشوقُ، ما اخْمَدْتَهُ اتَّقَدَا
وحَسبُكَ الدَّمعَ إنْ أمسى النَّوى مَدَدَا
تَظلُّ تذكُرُ والذِّكرى مؤرِّقةٌ
أيامَ كنتَ على أحضانِهَا ولَدَا
أيامَ تمشيْ وحيداً في شوارعِهَا
كأنَّكَ الطيرُ عن أوكارِهِ شَرَدَا
تغازلُ الوردَ إذْ تَحْمَرُّ وجنتُهُ
والياسمينُ إذا لامستَهُ سَعِدَا
آهٍ دمشقُ، فهل ما زالَ عاشقُهَا
يذوبُ شَوقاً إذا غَنَّى لَهُ بردَى؟
أو إنِّها هَرمَتْ، شَاخَتْ مَفارِقُهَا
واسْتوطَنَ الحزنُ في نَيسانِها أبَدَا؟
دمشقُ دُكَّتْ، ولم تسلمْ مآذنُهَا
والكلبُ صارَ على هاماتِها أسَدَا
يا جنَّةَ الأرضِ هل ما زلتِ صَابرةً
أو إنّ صَبرَك- من جَورِ العِدا- نَفِدَا؟!
لا تسألينِيْ عن الإنسانِ في وَطَني
يموتُ قهراً إذا جلادُهُ ارتعَدَا
لا ترتجيْ العالمَ المأسُورَ في قمَمٍ
فإنك النَّصرُ، والنَّصر القريبُ بَدَا
ثورِي وهُزِّي عروشَ الظلمَ في بَلديْ
وزَلزليْ الكونَ لا تبقي بِهِ أحدا
وعداً علينا سنُحييْ فيكِ ثورتَنا
وذاكَ دَينٌ على حرِّ إذا وعدا
سَنُسقطُ الظلمَ في نعشِ الهوانِ فلا
يغرَّكِ الأمسُ، إنَّا قادمونَ غَدَا