كُنْ مسلماً
أنس الدغيم
غنّت لنا وُرقُ الحجازِ و صبحُ مكّة قد صفا
و نسيمُ هديِ الله في جنباتها قد هفهفا
و خواطرُ العشّاقِ تسعى بين مروةَ و الصّفا
و البدرُ لاح فحين أبصرَ نورَ طلعته اختفى
لا تسألوا ماذا جرى ؟ جاء النبيّ المصطفى
***************
فكأنما الأمواهُ في لجّاتها رقراقُ عسجدْ
و كأنما الأوراقُ في أغصانها فيضٌ زبرجدْ
حين الهواتفُ ردّدتْ قد جاء أحمدْ
قرّي بهذا الضيفِ عيناً و انعمي يا أمَّ معبدْ
للكون ما يرجوهُ من نعمى و نحن لنا محمّدْ
***************
هذي خيولُ الصبحِ قادمةٌ كأنّ الصّبحَ طارقْ
و محمدٌ يجري هواهُ على سلاليمِ الزّنابقْ
و فصولُ عشّاقٍ على دُهمٍ من التّقوى سوابقْ
حرمٌ شريعتُنا و حبُّ محمدٍ فيه سرادقُ
من لم يخالطْ حبُّ طه قلبَهُ و الله فاسقْ
**************
هذي خواتيمُ الشّذا ترتاحُ في بُسطِ الحقولْ
و قوافلُ الأزهارِ تستفتي النّدى ماذا تقولْ ؟
قال الندى و لـه من المولى إشاراتُ قَبولْ
قولي سلامٌ من سلامٍ إنّه طه الرّسولْ
مَن كان أسوتُه النبيَّ محمداً فله الوصولْ
***************
يا سائلاً عنّا تعالَ إليّ أنبئْكَ الخبَرْ
إنْ أقفرتْ أرضُ القلوب فنحن حبّاتُ المطرْ
أو أظلمتْ سُبلُ الحياةِ فنحنُ في الدّنيا القمرْ
منّا أبو بكرٍ و صاحبُه أبو حفصٍ عمرْ
و إذا أرادَ اللهُ نحن قضاءُ ربّي و القدرْ
**************
تبّتْ يدا من لم يكنْ منّا و تبّ و ألفُ تبّْ
لا مالُه يغنيهِ عن هديِ الإله و لا الذّهبْ
كنْ مسلماً و كفاك عند الله هذا من نسبْ
و اطلبْ رضا مولاكَ مجتهداً و أجمِلْ بالطّلبْ
إنْ لم تكنْ عمراً فلا تكُ في الحياةِ أبا لهبْ
***************
يا سائلاً عنّي تعالَ إليّ أنبئكَ الخبرْ
نبأُ الغرامِ أنا و لي في كلّ قلبٍ مستقرّْ
بغدادُ عاصمتي و أرض الشامِ حاضرتي و مِصرْ
في قلبيَ القرآنُ محمولٌ و في كفّي حجَرْ
و أرتّلُ الآياتِ فالصّحراءُ أغصانٌ يدلّيها الثّمرْ
***************
أنا حبّةُ الله التي تعطي ملايينَ السّنابلْ
إنْ شئتَ سلْ عنّي تجبْكَ سنابكُ الخيلِ الأصائلْ
زيتونُنا يبقى و غرقدُهم و ما زرعوهُ زائلْ
لن تهزمُ النّيرانُ إيمانَ القلوبِ و لا السّلاسلْ
فهناكَ جندُ الله في الفلّوجةِ الفيحا تقاتلْ
***************
طِب خاطراً يا خالداً ... في أرض غزّةَ ألفُ خالدْ
لن يهدمَ الباغونَ ما تبني و ما بنتِ المساجدْ
و الله لن يصلوا و فينا قانتٌ لله ساجدْ
في كلّ شبرٍ من ثرانا الحرِّ ينبضُ قلبُ عابدْ
إنْ يقضِ منّا واحدٌ ... يتبعْهُ منّا ألفُ واحدْ
*****************
من ثورة "الأنبار" من غضب " الرّمادي " من "بلدْ "
من غزّةٍ من قدسنا و من الخليل و من صفدْ
من " قندهارَ " و من ربى " كشميرَ " من كلّ بلدْ
أنا قادمٌ بمعيّة الرّحمن يا طيب المددْ
لا لن أَذلَّ و في فؤادي ( قل هو الله أحدْ )
***********************
لن يقتلوا منّا القلوبَ الآيبات التّائباتْ
لا لن يذلَّ الماجدون و لن تَذلَّ الماجداتْ
ما هان في يدنا الحسامُ الحرُّ أو لانتْ قناةْ
نحن اشترينا جنّة اللهِ و بعناه الحياةْ
فهنا تسيلُ دماؤنا و هناكَ ( حيّ على الصّلاةْ )
******************
من لم يكنْ منّا فليسَ لـه من الرحمن واقْ
نحنُ العراقُ فلا تسلْ يا صاحبي أين العراقْ ؟
بغدادُ ما زالتْ تجوبُ بأرضها الخيلُ العتاقْ
خَطوُ المثنّى فوقَ حبّاتِ التّرابِ الحرّ باقْ
و نعانقُ الموتَ الكريمَ و طابَ في الله العناقْ
**************
كنْ مسلماً تدركْ بعونِ الله غاياتِ الكمالْ
كن في ضمير الكونِ قرآناً و صوتاً من بلالْ
أوصلْ حبالَكَ بالإله تعزّ هاتيكَ الحبالْ
لا تنسفُ الرّيحُ الجبالَ فكنْ بعزمكَ كالجبالْ
و اكتبْ بحبرِ الحبّ و الإيمانِ ديوانَ الرّجالْ
******************
و الله ما المالُ الذي يعلو بصاحبِه و يرفعْ
العمرُ ليسّ دراهماً معدودةً تُجبى و تُدفعْ
العمرُ أنْ تهبَ الإله الرّوحَ خالصةً و تقنعْ
و إذا الذّنوبُ تكاثرتْ فالجأْ إلى الرحمن و افزعْ
لا تيأسنّ من الكريمِ فإنّ عفوَ اللهِ أوسعْ
******
***
كتبها الغنيّ بمولاه :
أنس إبراهيم الدّغيم
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالميّة