موت قمر
موت قمر
لكم في موتكم موت ولي في ميتتي موت ..
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
رجـلا أمـارسُ مـيـتتي متجلببا
لأزور حـقـل الموت أزرع نخلة
مـتـحـمِّلاً وجعي وشمس حقائقي
نـحـوي أجيء إلى جنوني قادني
أنـفـقـت عمري كي أشاهد برقها
قـولـبـت روحي غيمة أحتاجها
وجـعـلـت أبـراج السما لي قمة
ولـكم فززت على حروفٍ تشتكي
قـحـطٌ تـرابـي والسماء تلبّدت
وأدور ظـامٍِ والـمـفـاوز أقفرت
وحـدي وشـوكـي في يغرز نبله
أمـتـد فـي الظلماء قامتيَ المدى
عـطـش لهاتي والعيون تصحّرت
وتـحوطني جدر وتحطب وحشتي
عـمري هو التاريخ يشعل ما انطفا
أنـا لـست أول من يغيب مسافراً
أرخـصت في أفق الفداء أضالعي
وعـلـى متون الريح عبأت اللظى
ومـسحت عن شجر اليتامى لونها
وأقـمـت كـالأبـراج حائط أمتي
وعـقـدت أعـراف الأسنة ساريا
أمـمـت أول جـمـلة في دفتري
ونـحـتُّ من شجرِ النضال جنائنا
وأعـدت معنى التضحيات وأورقت
ولـقـد أقمت طقوس دفني حاسرا
تـدري الـرسالة حين شلت بنودها
وبـأنـنـا لسنا أواخر مَن مضوا
أنـا أقـمـنـا وقـدَهـا فلتكوِهِم
هـذا أنـا سـطّـرت كل عظيمة
بـغـداد عطري والعراق وسادتي
أنـا نـجمة قدتُ الشعاع مع الدجى
أمـضيت في فلك الخطوب محاربا
أمـشـي ووجـهي ضاربا متحديا
ومـضـيت أختط الطريق بمفردي
أطـلـقـت وجـهي للرياح معاندا
لا حـلـف لي إلا عزيمة أضلعي
وعـصـايَ فيها كم هششْت مآرباً
مـتـحـفّـزا تختالُ سيفا في يدي
لـيـصـدّ غـولا خانني ديجوره
والـمـجـد شـاب بريقه وتبدّلت
كـم مـن دمٍ ما خنت درب مجرتي
أبـصـرتـه عـقم الجميع بذلهم
فـتـألـبـوا جـمْعا وشجَّ سنانهم
أمـسـكـته وعواطفي تطأ الذرى
وهويت فاعتصمت بثغري صرخة
ورضيت أن أبقى يجرحني الصدى
داسـت سـنـابكهم مشاتل موطني
ومشت على صدري رماح عمومتي
صـاحـبت وحدي ميتتي وتخلفوا
وأنـا الـذي قـلّمت أظفر من بغى
أنا جذر هذي الأرض بل وتد العلا
أبـصرت في كل العواصف ميتتي
ومـددت ضـلعي كي يصير مآذنا
أنـا مـا ادعـيـت وإنما حريتي
أمـشـي عـلـى حد الأسنة راكبا
مـا أكـثـر الأعداء حين تطوّحت
كـانـت جـراحُ قـلوبهم منخورة
يـا أنـت يا مولاي يا وطني الذي
دمـي الـمؤهل ما انطفت شرفاته
أبـدا سـتـبـقى لي نهاراتي أنا
لأكـون جـار الله ف عـلـيـائه
لو خيروني غير موتي ما ارتضت
والله لـو عرضوا الدنا وبما حوت
سـيـظل صوت الدم يوشم من جثا
فـانـا الـنشيد البكر خلدني الردىوأسوق غيم الروح في قحط الربى
فـتـعـود تثمر من دماي وتعشبا
ومـآربي احترقت فطحت مخضّبا
حـلـمي وزرت شمال قلبي متعبا
وإذا بـبـرقـي عـاد فـينا خُلّبا
حـتـى تـوزعـني بموتي مكسبا
ورصـدت فـجرا عن بلادي غُيّبا
صـمت العراق كما يعاني المجتبى
بـالـقـيظ وافترعت طريقا متعبا
مـنّـي وأصـمت في دمي مترهّبا
ويـمـد ركـب الموت فيّ المخلبا
ويـزورنـي مـوتـي إليَّ مرحّبا
ومـدار رجـلـي فيَّ أصبح متربا
صـبـري تـأرجـح للعلا متنكّبا
مـن بـعـدما غالوا النهارَ وغَيّبا
فـجـرا وتـطلبني الكواكب كوكبا
وركـبت إعصاري على سفن الإبا
واصـطـدت للجوزاء فانتحر الرِّبا
ومحوت معنى الموت من حقل الظُّبا
وركـبـت كالخضر العباب مُصوّبا
وخـلـقـت كـفّـي للعدو مؤدِّبا
وأنـا الذي أسرجت في الريح النَّبا
وجـبـلت من لوح التراب المركبا
مـن بـعـدمـا عادت يبابا مجدبا
وجـهـي وأشباه الرجال مَنِِ اختبا
أنـي لـها في الدرب أرسم مطلبا
فـي دربـنـا الدامي لنعبرَ موْكبا
هـذي الـمجامر حيث ثرْنَ توثـّبا
وبـصـمـت لـلآتين ما لن يكتبا
وبـه لـنـا الـنهران لذت مشربا
وجـلـست في قصر العُلا مترقبا
ومـضت بي الستون تمشي الهيدبى
سـود الأفـاعـي إنْ نفرْن توثـّبا
هـمّـي بـعـيدٌ ضوؤه ما قطْ خبا
ولـجمت في صدري المُدى متقرّبا
وشـكـيـمـة حازت طريقا ملْحِبا
فـي وجـهـتـي وأشـدها متأهّبا
إن أبـرقت جاءت تؤدِّب مَن كـَبا
مـذ جـفَّ عـزمُ أقاربي وتخشّبا
شـوهـاء ذاكـرة الـسنين وحدّبا
قـاومـت فـيـه مـشرِّقا ومغرِّبا
حـتى استحالوا في العوادي طحلبا
صـدري وفـيهم ألف حقدٍ قد ربا
ودمـي غـدا فـوق الثرى متسرّبا
ورضـيـت ويح خديعة أنْ أُصلبا
صـلـدا وملء جوانحي لن ينضبا
ومـحـاجـري فيها السهاد تكوكبا
ولـهـم أرى خـبـز النفاق ترهّبا
وبي اعتصمت وكنت رمحا أصعبا
ومـددت نـحـو الشمس كفا أشهبا
أوقـفـت جـذع الريح في مكوكبا
وعـلـمـت أن الموت آتٍ والوَبَا
ويـظـل رأسـي صائحا مستعتبا
نـادت وأعـلـنـت النفير الأغلبا
مـوتـي وغيري مثل غيري عُذّبا
كـفي وطحت على التراب مخضّبا
غـيـظـا وتطلب بالمفازة منصبا
قـدسـت بـيتك واعتصمت مقطبا
لـيـضـيء في ليل المفاسد غيهبا
مـثـل الـحـسين من الإله تقربا
لـيـمـد لـي عند الملائكة الخبا
نـفـسي سواه ولست أرغب مذهبا
مـا اخـتـرت إلا لـلشهادة مأربا
حـولي وعزمي ما استلان وما نبا
سـيـظـل وشـم الله فـيّ محببا