سورية الجريحة

الشيخ ولد بلعمش

إحدى قصائدي لسورية الجريحة كتبتها بعد اقتحام النظام لمدن سورية بالدبابات وتدمير مئذنة مسجد عثمان ابن عفان في ديرالزور

وهذا نص القصيدة لمن طلبه

دارت كأول سقياها النواعير

لكن حماةُ دماً تُسقى وذي الدير

وحمص تشكو إلى العاصي مواجعها

يا أيها النهر أردتك المقادير

كانت لنا الشام محرابا نعانقه

عند البكاء ومنها تفصل العير

ما كان أطهرها أرضا وأقدسها

فكيف قلد فيها الحكم شرِّير؟

وكيف غير دستور بثانية

قل لي بربك ما تغني الدساتير؟

هم يكذبون علينا لا ممانعة

تلك الفصاحة فالجولان مأسور

والناسُ بُحَّت من الشكوى حناجرها

فالنطق بالرأي والنجوى محاذير

بحجة المنطق الثوري كم ظَلَموا

فهل تحقق بعد الظلم تحرير

رأيت مسجد عثمانٍ فذبتُ أسىً

وللمنارة بعد الهدم تكبير

كان الحطام تسابيحا وأدعية

تهوي الحجارة لكن يصعد النور

للَّهِ من خَبِروا البلوى فما رهَبوا

فتك الرصاص وما تأتي الجنازير

نامت براكينهم عُمراً وما خمدت

بهدأة الريح لن تفنى الأعاصير

حوران ياشرف الأحرار إن غضبوا

قولي لكل كرام الأرض أنْ ثوروا

هذا هو الفقه أن العدل شِرعتنا

وأنَّ حامي الحمى وهم وتزوير

فكيف يُؤخذ شعب ضد رغبته

ويدخل السجن من تهوى التقارير

لما رحلت عن الشام اكتويت بها

شوقا وعذبني سهد وتفكير

وكنت أعرف أن الفتح موعدنا

وإن تعجَّل ذو عشق فمعذور

كان الشعاع ربيعا في دمشقَ فلم

يُترك وفي نعشه دُقت مسامير

حتى إذا بلغ السيل الزبى انتفضت

درعا فكان بها للناس تذكير

سقتهم الكأسَ درعا فانتشوا طربا

كنبضة الفجر تغريها العصافير

ما كان مُغتصب الكرسي يفعلها

لوْ لمْ تَذُقْ كسلَ الصبر الجماهير

حييتُ حيَّ صلاح الدين في حلبٍ

والبابَ تحرسه الصِّيدُ المغاوير

وإدلِبًا وعلى جسر الشغور أرى

كتاب فخر به الإيمان مسطور

والرستن الصامد المجروح محتسبا

واللاذقية بحر العزم مسجور

حييتُ ريف دمشق إنه وطن

تعلو الرجالُ به والخرَّد الحور

بالشعر حييتُ قامشلو وثورتها

هل في الهوى من كلام التيه منثور؟

وكيف أكتم أوجاعي إذا نزفت

تلك البلاد وبعض الكتم تقصير

وكيف ترجع يوما مثلما خلقت

للورد مبسوطة منها الأسارير

كل المصائب ممنوع إذاعتها

لولا الشهود وما تُبدي التصاوير

لكن سيروي لنا الزيتون محنته

كما تئن إذا تسقي النواعير