"حنينٌ إلى الأوطان ليس يزولُ = وقلبٌ عن الأشواق ليس يحولٌ "
فيا ويحَ قلبٍ غاب عنه أحبةٌ = ويا ويح طيرٍ ما احتواه ظليلُ
وكيف لنبتٍ أن يُريك نضارةً = وليس لجذرٍ تربةٌ وسهولُ ؟
وكيف لغصنٍ ما اعتلتْه أزاهرٌ = يكون له وجهٌ يسرُّ جميلُ ؟
وليس لإنسانٍ مُسلٍّ عن الهوى = وليس له دون الحبيب بديلُ
فيا ويحَ إنسانٍ يشطّ مزارُهُ = ويا ويح ربعٍ ساد فيه دخيلُ
لقد ثار بي شوقٌ إليكم ، أحبتي = كما ثار في جوف العطاش غليلُ
وزاد حنيني للرّبوع وأهلها = وثار لأهل الودّ فيَّ ميولُ
وأوحشني شمٌّ النّسيمِ عليلِه = إذا جاء في فصل الربيعِ رسولُ
ورودٌ وأزهارٌ وأنداءُ غرسةٍ = أظلّتْ أحيباباً وطاب أصيلُ
وغرّد عصفورٌ يشيدُ بنحلةٍ = لنا من جناها الشّهدُ وهو جليلُ
فيا طيب أرضٍ جاء في الذّكرذكرها = وباركها ربّ الورى ورسولُ
فأُسْريَ بالمُختار من بطن مكّةٍ = إلى المسجد الأقصى فطاب وُصولُ
وصلّى إماماً في النبيينَ كلِّهمْ = فطاب مكانٌ في الدّنا ونزولُ
فكيف بأهلٍ لا يهيمون بالذي = يباركُهُ المولى ؟ فليس بديلُ
وكلّ مكانٍ في فلسطينَ مِسْكَةٌ = وصحبُ رسول الله فيه حُلولُ
* * *=* * *
وأنتَ إذا يمّمْتَ " جينينَ " فادّكر = ففيها دماءٌ للشّهيد تسيلُ
تسيلُ وسالتْ في الدّفاع عن الحمى = وحُبُّ الحمى في الدّين فيهِ أصولُ
فلا غروَ إن حنّتْ إليه قلوبنا = ولا لومَ إن ناجى الخليلَ خليلُ
فوالله لولا شوقنا لأحبّةٍ = لَما كان منّا سفرةٌ فتطولُ
وكيف نداوي الشّوقَ من غير سفرةٍ = نعانق فيها الحِبَّ وهو وَصول ؟
لذا كان منّا سفرةٌ وهبتْ لنا = أفانينَ تُهدي جنيَها وتُنيلُ
ولمّا شفى الله الرّحيمُ قلوبنا = من الشّوق، عاد الشّوقُ وهو سؤولُ
ألم يَأْنِ يا هذا الرّجوعُ إلى حمىً = غرستَ الهوى فيهِ وليس يحولُ ؟
فقلتُ معاذَ اللهِ أسلو أحبةً = ولكنّني قد حار فيّ دليلُ
جناحانِ لي ، للغرب هذا يشُدُّني = وآخرُ شرقيُّ الهوى فيميلُ
فما ليَ إلاّ أن أحكّمَ شِرعتي = فيا ربِّ خِرْ لي ، إنّني لَكليلُ
وأدعوك ربّي أنْ تُجمّع شملنا = فتشفي قلوباً والإلهُ وكيلُ