الفراغ
أحمد عبد الرحمن جنيدو
سوريا حماه عقرب
إلى أين حبك يأخذني ؟!
والفراغ يكسّرني,
أنا أسئلة ٌ لا تلاقي جواب ْ.
فم النار يشفطني ,
أم أنا النار,
والنار أنت,
أنا أنت, أنت أنا,
وكلانا بذاك الجنون يدور,
كساعة رتم ٍ لرتم ٍ عجاب ْ.
كلانا بعمق المشاعر يقضي سنين الولادة,
يبتر سرد التهاليل,
يخفو وراء الحجاب ْ.
كلانا سؤالٌ يفتّش عن ضحكة ٍ
فوق أرض الإجابة,
يبتكر الوقت عمداً,
يفضّل زحف السقوط
على السفر المستديم
إلى الشمس قبل النحيب,
ويقتل معنى الكلام بصمت السرابْ.
سيسطع نورك بين حنايا فراقي,
وبين زوايا الرجاء,
أهيم بشوق ٍ أهيم,
لأبحر في أمنيات العصافير
عيداً بعيد المنال,
إلى أين تمضي شراعي؟!
أهيم بشوق ٍ أهيم,
تراني عرفت سؤالاً تراني!
تراني بحلم ٍ كسير ٍ,
أسير كذاك العجوز,
عصاه تلازم سوس السنين,
وعتَّ الأماني,
فيمشي ويمشي,
ويدرك خــط َّ البداية قبل ابتدائي,
ويقطع خـط َّ النهاية بعد انتهائي ,
أنا في ازدحام العواطف
أرثي الجوابْ.
ويبرق ليل الصلاة أمامي,
ويهدر صدري قليلاً,
فيطلق ألف عناق,
أنام أبوح وأعشق غيباً,
وأنتظر العندليب يغنّي نشيدي,
يعود على الشجر الإرجوانيْ غرابْ.
سلاماً إلى أمِّ صبري العجوز,
سلاماً نقيّاً إليك,
فلا تسأليني عن اليأس,
والدود بين عظامي,
ولا تسأليني عن الخوف,
يقطن أحشاء جسمي,
ولا تسأليني عن الموت أمي,
لأنَّ الحياة هناك,
وموت الحياة أنا أو دمائي,
أيا صوت نفسي القديم تعال,
ليسق ِ جراحي أزيز الهلاك,
تعال لترفع همس هواك,
أيادي الرجوع,
مناديل ذاك البعيد,
إلى أين تأخذني يا ملاك.
أهيم بشوق ٍ أهيم,
وشيطان نفسي
يراقص صيحات قلبي ,
لماذا تعود؟
لماذا تموت؟
لماذا أخاف الحسابْ.
إلى أين ترجعني يا حبيبي؟
ترابي تعلّم أنْ يشرب الماء من ألمي,
والنشيد الأخير يجالس أوهامنا,
ويضاجع أوراقنا,
ينجب النغل من نبعة العمر,
يدفن فينا سلالاته,
يفتح السرَّ,
كي تقضم الحزنَ أنيابه,
هل تسنُّ ؟!
تكسّر أحلام أنثى الغيابْ.
نشرّع ألف انتهاك ,
ونزرع في رحم الحلم
نطفة طاعوننا,
يولد القبح قبل القبيح,
ويمرغ وقتي بمنديل ليل ٍ,
فنستوطن الطلَّ,
نرقد فيه ثوان ٍ,
لعمر ٍ طويل ٍ,
ونحبل منه بألف اكتئابْ.
إلى أين تقذفني ؟
تستهين بدمعي؟!
وتعلف خنزيرك الوغد من جسدي,
يا قليل الأناقة,
أيضاً ركيك السلوك,
أترفع شأن الخنازير شأنك؟!
شأني رخيص إلى الحدِّ هذا؟!
يساوي بكارة عاهرة ٍ
بالبلاد التي تستمدّ الرجولة
من ( مرمغات) النساء,
إلى أين تأتي ؟
أهيم بشوق ٍ أهيم,
بنيت قصور الخيال بشعري,
ومازلت أبني وأبني,
ويهدم ذاك الصغير اللقيط بنائي,
سأعلن نصري على الملأ,
فافتحْ صناديق شعري تراها,
تنام كورد ٍ على دفتر الشوق,
لا لن تراني لأني أراك,
أنا شبح ٌ سيّد الصمت,
يا ساكناً بالخرابْ.
إلى أين حبك يأخذني؟
أشتهيك, وأرمي المرايا,
وشهوة لحمي القديد,
وشعرك يغزو ليالي الشتاء,
وصدرك يحكي حكايات فصل ٍ,
لهفِّ الثلوج,
طقوس التصاق الغرائز
في سرِّ سحر السرير,
وروحك تبكي ربيعاً,
أنا مترع ٌبالحنين فلا توقطيني,
أنا مثقل ٌ بالأنين فلا تقربيني,
هنيئاً لك الحلم
يا جنّة الأرض ,
يا رغبة ً تأخذ الحقَّ أخْذ اغتصابْ.
ترامتْ لحوم العذارى على العشب,
تسأل عن صيدها,
والصليب يشير فلا تصلبيني,
فقلْ: من يقارب تلك الفضيحة
غير الكلابْ.
إلى أين حبك يأخذني؟
في دمي ينبض البؤس,
يسري ويبكي فيدمي,
صبغت ملامح وجهي الجميل,
كوحش ٍ بدوت,
ومازلت منتظراً نثرة الخبز,
فوق الرصيفْ.
وشكل الرصيف كشكل الرغيفْ.
ومازلت مكتئباً كاكتئاب الحفيفْ.
ومازلت ملقى من البدء
فوق الرصيفْ.
كأني الضياع الذي يعتلي كل وجه ٍ,
كأني الثوابْ.
فلا تغمض العين
حتى تراني بمذبحة ٍ
لاتعيب العذابْ.
إلى أين تركلني يا مصابْ.
أهيم بشوق ٍأهيم,
إلى أين تهدرني يا عقابْ.
أهيم بشوق ٍ أهيم,
إلى أين ترسلنا يا كتابْ.
فنحن الحياة لأنَّ علاقتنا بالترابْ.