صَحِبْتَ الدُّجَى
د. محمد ياسين العشاب - طنجة/المغرب
[email protected]
صَحِبْتَ الدُّجَى واعْتَادَكَ النَّجْمُ والبَدْرُ
أَمَـا آنَ يـا لَـيْلُ انْجِلاَؤُكَ عن سَنًا
رَأَيْـتُـكَ يا وِجْدَانُ تَسْبَحُ في الدُّجَى
شَـجَـاكَ ظَـلاَمٌ طَالَ حتى تَعَوَّدَتْ
فـيَـا قَـلْبِ ذُبْ مِمَّا تَرَاهُ وَيَا دَمِي
ودَاعٍ دَعَـانِـي جُنْحَ لَيْلٍ إلى الأَسَى
بِـرَبِّـكَ دَعْـنِـي! فالشَّجِيُّ مُعَذَّبٌ
فـإنْ زِدْتَـنِـي فوقَ الذِي فِيَّ لم يَعُدْ
ولـيـس لِعَانٍ في حِمَى الليلِ رَاحَةٌ
بِـرَبِّـكَ دَعْـنِـي لـلـفُؤَادِ وما بِهِ
* * *
أيـا لَـيْـلُ لا تُـثْقلْ عَلَيَّ ولا تَزِدْ
ولـولا نـجـومٌ فـي سَمَاكَ مُضِيئَةٌ
ولا ذَكَـرَ الـبَالُ الحَبِيبَ ولا جَرَتْ
تَـذَكَّـرْتُ قلبًا كَمْ حَبَاني مِنَ الهوى
فـلـمَّـا بـدَا مِـنِّي السًُّلُوُّ أَسَى بِهِ
وإذ جَـاءَنِـي يـبكِي ويَرْجُفُ لَوْعَةً
فَـيَـا وَيْحَ قَلْبَيْنِ اسْتَحَالاَ مِنَ الأَسَى
شُـغِـفْـتُ بِـبَدْرٍ صَدَّنِي عَنْهُ بُعْدُهُ
شُـغِـفْتُ، وإنِّي قد شُغِلْتُ عَنِ الوَفَا
فـيـا مُـهْجَتِي هاذي حَيَاتِي سَبَيْتَهَا
* * *
أَيَـا لَـيْـلُ كَـمْ أَزْرَتْ بِعِزَّةِ أُمَّتي
ولَـوْ أَدْرَكَتْ مَا اسْتَيْأَسَتْ مِنْ حَيَاتِها
وكـيـفَ لِـمَنْ ضَلَّ السَّبيلَ بِرَأْيِه
مَـتَـى عَشِقَ المَجْدَ الذَّلِيلُ أَوِ ارْتَقَى
إذا خَـفَـضَ الـهَـامَ انكِسَارًا وذِلَّةً
ولَـوْ كـان في دُنْيَاهُ يُبْصِرُ أو يَرَى
ولِـلـنَّـفْـسِ أوهـامٌ وللعقلِ عِلَّةٌ
فَـوَا عَـجَـبًـا مِنْ تَابِعٍ ظِلَّ غيرِهِ
أَلَـمْ يَـرَ كـيـف اللهُ دَمَّـرَ صُنْعَهُ
وأنَّـا ضَـلَـلْـنَـا بالغَريبِ سَبيلَنَا
وأَهْـوَاؤُنَـا أَهْـدَتْ إِلَـيْنَا شُرُورَهَا
وأَنَّ لـنـا نُـورًا سَـلَـوْنَاهُ فانْبَرَى
فَـمَـنْ جَـاءَهُ مِـنَّـا سَـمَا بِفُؤَادِهِ
ونـحـنُ بـه كُـنَّا ولولاهُ ما صَفَتْ
* * *
أَخَا السُّهْدِ لا تَجْزَعْ لَقَدْ أَوْشَكَ الضِّيَا
عَـزَمْـتُ ومـا بَـعْدَ العزيمةِ حَائِلٌ
وكـيـف لعَزْمِي أن يَضِلَّ وإن أَبَى
أُوَاجِـهُ نـفـسي إن تَمَنَّتْ وبُغْيَتِي
أَلاَ فـاشْـهَدِي نفسي عَلَيَّ إذا هَوَتْ
وإنْ أنـا لَـمْ أَعْـبَـأْ بِرُشْدٍ وشَدَّنِيأَخَا السُّهْدِ لا تَحْزَنْ، لَقَدْ أَوْشَكَ الْفَجْرُ!
فـإنَّ شُجُونَ اللَّيْلِ ضَاقَ بِهاَ الصَّدْرُ
وأَرْضُـكَ قََـفْـرٌ ليس يُشْبِهُهُ قَفْرُ!
عَـلَـيْهِ نُفُوسٌ لَيْسَ فيِ طَوْقِهَا صَبْرُ
تَوَقَّفْ، ويا وِجْدَانُ ما مُهْجَتِي صَخْرُ!
فَـقُـلْـتُ: أَمَا يَكْفيكَ مَا كَانَ يَا عُمْرُ
وَسِـرْ لِـخَلِيٍّ لَيْسَ فيِ صَدْرِهِ جَمْرُ!
لَـدَيَّ فُـؤَادٌ، وانـجَلَى عَنِّيَ الصَّبْرُ
وَلـيْـسَ لِـعَانٍ أَنْ يُضيءَ له فَجْرُ
وَزُرْ خَـالِـيًا ما هَاجَ أشْوَاقَهُ الشِّعْرُ!
* * *
شُـجُـونِـيَ أَشْجَانًا فَيَهجُرَنِي البِشرُ
وبَـدْرٌ لـمَـا كـان الفؤَادُ ولا الفِكْرُ
دُمُوعِيَ مِنْ ذِكْرَى ولا هَاجَنِي الذِّكْرُ
ورَوَّى حَـيَاتِي مِنْ هَوَاهُ النَّدَى الغَمْرُ
وأَحْـزَنَـنِـي أنِّـي لـذَلكَ مُضْطَرُّ
نَـذَرْتُ لَـهُ نَـذْرًا فـلَمْ يَشْفِهِ النَّذْرُ
هَـبَـاءً، وأَصْـمَى ما بِقَلْبَيْهِمَا ضُرُّ
بـنَـفْـسِي نَأَتْ رَغْمًا فأَنْهَكَهَا السَّيْرُ
وأَخْفَيْتُ ما لَمْ أُبْدِ، حتى قَضَى الدَّهْرُ
فـلا تَـنْسَ أيَّامًا طَوَى حُسْنَها الهَجْرُ
* * *
شُـجُـونٌ، وأَرْدَتْهَا خُطُوبٌ بها كُثْرُ
فـإِنَّ لـهـا مِـنْ بَـعْدِ ذِلَّتِها نَصْرُ
وأَنْـكَـرَهُ أنْ يَـسْـتَـبِينَ له الأَمْرُ
مَـعَـارِجَـهُ مَنْ دَأْبُهُ في العُلاَ صِفْرُ
بـها شَهِدَ الماضي،ويَشْهَدُهَا العَصْرُ
بِـعَـيْـنَيْهِ لا عَيْنَيْ سِوَاهُ بَدَا الخَيْرُ
وفَـرْطُ سَـقَامِ العقلِ إنْ شَابَهُ الكِبْرُ
يُـفَـاخِرُ فَخْرًا ليس مِنْ بعدِه فَخْرُ!
وأَعْـوَانُـهُ في الشر ليس لهم حَصْرُ
وأَنَّـا بـه قـد مَسَّنا السُّوءُ والضَّيْرُ
وغَـابَ هُـدَانَـا مِثْلَمَا غُيِّبَ الطُّهْرُ!
عَـلَيْنَا دُجًى في قَلْبِهِ الشَّجْوُ والوِزْرُ
ومَـنْ جَـاءَ مِـنَّا غَيْرَهُ سَعْيُهُ خُسْرُ
صُـدُورٌ، ولا كـان الضِّيَاءُ ولا البِرُّ
* * *
ولا تَـسْـأَمِ الـدنـيا، فبعد غَدٍ خَيْرُ
وقَـرَّرْتُ أمـرًا لـيس مِنْ بعده أَمْرُ
فـؤادِيَ أو دُنْـيَـا بأسرٍ هِيَ الأسْرُ
إذا لَـمْ تَـرُمْ خَـيْرًا فيَقْهَرُهَا الخَيْرُ
حَـيَاتِي! فَبَعْدَ الْيَوْمِ لم يَبقَ لي عُذْرُ
إلـى الـهَوْنِ وِجْدَانِي فَمَا لِغَدِي ذِكْرُ