في رِحابِ الجنةِ الضائعة
08أيلول2007
محمد نادر فرج
في رِحابِ الجنةِ الضائعة
محمد نادر فرج
كم كنتُ أتشوق للقائها، أحمل في نفسي لَهَفاً إلى المجد المثلوم، وشوقاً إلى الجنة الضائعة. لم أكن أتوقع أن يثير ذلك اللقاء ما أثاره فيَّ من شجون. لم أتمالك نفسي من البكاء، فإن تلك الصروح الشامخة بقدر ما أنها شاهدة على رفعة مجدنا، وسموِّ حضارتنا، إلا أنها في الوقت نفسه صورة من صور الخيبة، ومشهد من مشاهد الضياع.
وهي على عظمتها تُجَسِّدُ هول الفجيعة، وفداحة النكبة، وروعة المأساة.
دعـتـني والحياءُ يفيضُ هَمساً فـيـعكسُ وجهُها الوَرديُّ شَوقاً تـشُـيـرُ بمعصمٍ بَضٍّ وتوحي فـتـرمُـقُ حَولها بِخفيِّ طَرفٍ يـزيـدُ شـموخَها حُسْنٌ رتيبٌ وتَـهـمـسُ هلْ توافيني أجبني * * * تـعـالَ فقد سئمتُ الدهرَ وحدي تـعالَ، فقد تَشكَّتْ لي ضلوعي وكـم جاشَ الهوى فأثارَ وَجْدي تـعـالَ تَردُّ لي أشتاتَ روحي لـقد ضاقَ الفضاءُ بحملِ مجدي تُـشـيـرُ بـعـزّةٍ لِزمانِ فخرٍ أتـيـتـكِ نابضاً بالشوقِ قلبي أتـيـتُ أهـزُّ أعطافَ المعالي أسـائـلُ عـن رمـوزٍ خالداتٍ لِـهَـيـبتهم يَغُضُّ الدَّهرُ طَرْفاً أتـيـتُـكِ سائِحاً وجليّ قصدي أسـائـلُ كيف سارَ الأمرُ بعدي أمـا زالـتْ رُبا الزهراءِ تزهو وهـلْ في الناصريَّةِ من جدودي بَـكَتْ واخضلَّتْ الوجناتُ منها ومـن بينِ الدموعِ دَوى صَريخٌ لـقـد أمـضيتُ أعواماً طِوالاً أُجَـالِـدُ غـاصـبي يوماً فيوماً يُـمـزِّقُ أضلعي تدنيسُ عِرضٍ فـلا يُـرعـى لأبـنائي ذمارٌ وبـي أمـلٌ يَـهـيجُ بكلِّ يومٍ سـتـرجـعُ غُدوةً، لا بلْ عَشياً وأصحو والرؤى أضحتْ سَراباً وأرجـعُ لـلـتَّـعـلُّلِ والتمَّني غـداً سـيعودُ صَقرٌ من قريشٍ غـداً سـتُرَدُّ لي أشتاتُ روحي وتـعـظمُ خيبتي ويطولُ أسري ويـطـبقُ بعدَ طولِ الحلمِ يأسٌ فـأسـلـمتُ المعاقلَ والنوادي ومـسـجديَ العظيمُ غدا كنيساً وفـي أرجـائِـهِ قامَتْ رُموسٌ رويدكِ فارحمي عَجزي وضَعفي وقـد نَـكـأتهُ أدمعُكِ الحَيارى ألـيـس أتـوكِ من عَهدٍ قريبٍ أَلـيـسـوا حقََّقوا فيكِ انتصاراً ألـم تَـخْـفِقْ لهم راياتُ نصرٍ أتـسـخرُ بعدَ طولِ العهدِ مِنِّي وأنـتَ، أَ أنتَ، ويحي ثمَّ ويحي تُـشـتِّـتُ شَملَكُم أطماعُ نفسٍ | ويـشـمـخُ فوقَ وجنتِها ويُـزهـرُ مـلئ مَبسِمها النُّوارُ بـإيـمـاءٍ يـواريـهِ الـخِمار وتـوحـي لا تَـرَدَّدُ أو تَـحارُ ويـطـفـحُ من مُحيّاها الفَخَارُ فـإنّـي قـد تَـنـاءتني الدِّيارُ * * * وهـاجَ بـمـهجتي شوقٌ ونارٌ وكـمْ في البعدِ أضناني اصطبارُ وأشـجـانـي الخُزامى والعَرارُ ويـوري فـي حَـنايايَ الأوارُ كـمـا ضـاقتْ بلؤلئها المَحارُ بـهِ شَـمـخَتْ وكانَ لها القَرارُ وتـزهـو فـيـهِ أحـلامٌ كبارُ فـيُـقـشَعُ عن مَعارجِها الغُبارُ تسامَوا في الفَخارِ، فأين صاروا ويـخـفـضُ هـامَهُ لهمُ الوَقارُ بـأن يـلـقى الحِمى قلبٌ يغارُ أَ طـابـتْ فـي مرابِعِها الثمارُ وهلْ في رَوضِها المغصوبِ غارُ بـقـايـا تَـزدهـي بهِمُ الدِّيارُ فـقـد طالَ النَّوى ونأى المزارُ تـفـلَّـتَ ليسَ يَضبِطُهُ الوَقارُ ويَـحدوني على الصَّبرِ انتظارُ وأجـهـدُ لا يُـدانـيني الخُوارُ وفـي الأحـشـاءِ تدليسٌ وعارُ ولا تُـحـمـى مساجدُ أو ديارُ فـيَـخْـطَـفُهُ مِنَ الليلِ النهارُ وأحلامي الخِصابُ بها اخضرارُ وآمـالـي يُـبـدِّدُهـا الـدَّمارُ غـداً لا شـكَّ يـنْـزاحُ الستارُ بـبـَيْـرَقِـهِ و يـلتهبُ الغِمارُ ويُـمـسـحُ عنْ مَفارقيَ الغبارُ كـأنَّ قـريشَ ماتَ بها النِّـزارُ ويـفـضي بي إلى الذلِّ المسارُ وقـد عَـمَّ الـخنا وفشا الجِرارُ وتـعـلـوهُ نـواقـيـسٌ كبارُ لأهـلِ الـبـغـي كَلَّلَها الفَخارُ فـإن الـجـرحَ غارَ به المَغارُ وفـي أحـشـائيَ استَعَرَ الأوارُ وفـي مَـدريـدَ قد عُقِدَ الحِوار وعَـمَّ الـسّـلمُ، وانسَدَلَ السِّتارُ وفـي الـحـمراءِ أينعتْ الثمارُ وتـهـزأ بـي، وأنتَ أخٌ وجارُ أيَـشْـغَـلُكم عن الجُلاّ الهِزارُ وشـيـمـتُها التَّنازعُ والشِّجارُ | الوَقارُ