حنين

مريم محمد قوّش

[email protected]

وفي قلبي حنين بات يصهرني ويحطمني ويلقني إلى نار الطواحينِ

حنين يا بلاد الشرق يصهرني !!!

إذا ما أعلن الشرق العظيم اليوم عند طلوع تلك الشمسْ

حنين بات يا وطني

يمزق كل أوتاري

ويمحو كل أفراحي

حنين بات يا وطني !!

إلى يافا .. إلى عكا ... إلى حيفا

إلى كل الرياحين

إلى الحنون إذ يلقيه ذاك الطل في الأحضان في لهفِ

إلى الليمون إذ يحكي تراث الأرض للإنسان فاعترفوا

إلى أنغام وادينا إلى نسمات عنبرنا فقلبي من معين الحب يرتشفُ

وروحي في بلاد العشق ينجرفُ

فحبك يا بلاد الشرق في القلبِ

و لم يبلى ولم يصدأ !

ففي قلبي أريج من زهور الورد تحرسها أهازيجٌ معتقةٌ

لتحرس قلب مسرانا بريح أثقلت حبا بلون المسك والعنبرْ!

وروحي يا بلاد الشرق يفضحها لهيب الشوق أياما وأزمانا !

إذا ما مرّ ناحيتي خيالٌ هادئ اللونِ

إذا ما أبصرت عيني كرات التبر فوق الغصن لامعة تهدهده ويضحكها وتلمع في ثناياها بريق سُكّرت ألوانه حبا بلون الخمر والعنبِ!

إذا لمعت بأحداقي أريج البرتقالِ الشوقُ يلفحني !!

إذا طافت أمام العين تذكارا مؤرقة تخلد في حنايا القلب أحزانا تحرقني ولا تهدأ! ولم تعرف هدوءا إن تساقط من عيون الكون أمطارا !

إذا ما أبصرت عيناي ثوب الجدة الشقراء في يومٍ به ريح يداعب ما تبقى من جدائلها!!!

إذا ما طرّزت كفٌٌ بها الحناءُ ضاحكةٌ ثيابا من حرير كان منبته نبات التوت في وطني !

إذا ما أبصرت عيني عقالا كان للجد

وقد كانت أنامله ترتبه تهذبه على الرأس ِ

إذا نطقت أمام البحر شكوانا فيسمعها ويبلعها وراء الموج يدفنها كما دفنت بهذا الكون أحلامٌ!!

حنين بات يقهرني

إذا وقفت أمام البحر أنظاري

وراحت ترسل القبلات نحو الأرض ليت الريح تلقفها وتحضنها وتوصلها إلى وطني لعلّ الحب يوقظه ويوقظنا ويوقظ سكر أمتنا ويزرع في ضمير القوم نوّارا من الخيرِ!!

إذا دارت عيوني في بلاد الأرض في لهف!

ففي كل البلاد هنا تراتيل وأنغام وفي وطني تماسيح تمزقه وأحكامٌ

فليت الدهر يمنحنا بقاء في أراضينا ولو يوما !

حنين يا بلاد الشرق يصهرني !

إذا شقت صدى الكلمات أحداقي

وقد وقفت بقرب الشاي في صحف لها في كل يوم ألف ميلادِ

إذا رقصت على أرض المسارح في بلاد الغرب في اليونان في برلين في المكسيك في الدنمارك جيلا من ضحايا الدهر إذ لبسوا سراويلا وأثوابا مطرزة على أنغام دبكتنا وقد كنا نرددها بأوطاني!

إذا سُمعت بواشنطنْ ترانيمٌ لأقدام مسافرة ومسرعةً..

تراني أقطع الأميال في يوم لألقاكِ !

إذا دقت بلندن ساعة التنبيه والتذكير دق القلب محتارا أأسلو من مخيلتي خيال الشرق يا شرق !

إذا لمعت بروما كل عمدان الرخام بدا أمام العين سور القدس نلمسه نقبل رأسه العالي !!!

إذا لمعت أمام العين ألواحا من الألماس في سوق فرنسي

تراءى في جدار النفس أمواجا بطبرية !

وإن سارت جموع الفقر في أوحال عالمنا تبدّى مثل شاهينٍ تضورُّنا تعذبُّنا وفقرُ النفس للأوطان في جسد يؤرقنا وفي زمن يعذنا !

فإني قد تذكرتُ !!!

وذكرانا مؤرقةٌ

وذكرنا مدمرة ٌ

تدمر ما تبقى من جوارحنا !

فيا رباه من سكنوا أراضينا أما انصرفوا!!

فنار الحزن تقذفنا بكفيها وما تقف !

فستونا من الأعوام يا شرق تمزقنا

فستونا من الأعوام يا شرق تحاصرنا

تحيل النوم في عينيّ كابوسا

وتطفئ من عيون الكون فانوسا

فستونا أيا شرقٌ وستونا