مهر العروس

مهر العروس

شعر: خالد فوزي عبده

غاب المُعَنّى عن حبيبتهِ، وكم طال الغِيابْ

يَطوي  المفاوِزَ صادياً
ويُـهَـدهِدُ الآمالَ iiفي
مـا غابَ عنها iiطائِعاً


جَلْداً، ويَحلُمُ iiبالشَّرابْ
صبرٍ،  ويجترُّ العَذابْ
حُراً، وكم كَرهَ الذَّهابْ

فإلى متى يهفو إلى اللقيا، ويصبو للإيابْ!

كـانـت عـروسـاً iiفذّةً
لـم تَـطلُبِ المهرَ iiالذي

في الحُسنِ، خالدةَ الشّبابْ
تـرجُـوه غـانيةٌ كعابْ
لم  تَطلُبِ الدُّرَّ النَّضيدَ، ولا النَّفيسَ من iiالثيابْ
لَمْ تطلُبِ الحُبَّ الرقيقَ، ولا التَّأنُّقَ في الخِطابْ
لـم تَسألِ الحسناءُ ذاك، فمهرها شيءٌ iiعُجابْ:

أنْ يسمَعَ المحبوبُ ما      تَشكوهُ من هَولِ المُصابْ

أن يركبَ الأهوالَ مِقداماً، ويقتحمَ الصِّعابْ

كـي  يُنقِذَ الحسناءَ من
بــإرادةٍ iiجــبّـارةٍ
الـمـجـدُ يـشهدُ iiأنه
مـا  شـاب عزمٌ iiيافعٌ



نهشِ  الثعالبِ iiوالذئابْ
تعنُو لها الصمُّ الصِّلابْ
حـرٌّ عـزيزٌ لا iiيَهابْ
فيه، وعزمُ الدهرِ iiشابْ
كم ظلَّ يطلبُ وُدَّها الغالي، ويزهو بالطِّلابْ
ولـكـم  دَعتْهُ للتفاني في هواها، فاستجابْ
فـالـعيشُ  في iiإغضابها
والـمـوتُ في iiإرضائها

موتٌ، وطعمُ الشهدِ صابْ
كـم لـذَّ لـلعاني iiوطابْ

لبَّى نداءَ الحقِّ والثأرِ المُنادي مُذْ أهابْ

أدّى الجميلةَ مهرَها     جَزلاً يفيضُ بلا حِسابْ

أدّاهُ  مـن جرحٍ عنيدٍ لم يعدْ يخشى iiالحِرابْ
أدّاهُ مـن بـؤسٍ وتـشـريدٍ وهمٍّ iiواغترابْ
أدّاه مـن ظـمـأٍ قـديمٍ لم تجد إلا iiالسَّرابْ
ما  زال ينتظرُ الجميلةَ أن تؤوبَ.. ولا iiمآبْ
وعـروسُـهُ الـحسناءُ تدعوهُ ممزقةَ iiالنِّقابْ
وكـأنها تخطو وتعثرُ في الظلامِ أو iiالضّبابْ
وتظلُّ تسأل، وهي تبكي، كيف خَلاّها وغابْ

وتـجـرُّ قـيـداً ناهِشاً
وتصيحُ:  ما مهري iiوما

يعوي فيغرقُ في الإهابْ
ثأري،  فيخنُقُها iiانتحابْ:

للغائبِ المكروبِ إخوانٌ كِرامٌ، وانتسابْ!

والمهرُ عندي لم يزل
مـا ضرَّ لو أدّوهُ من

بـعثاً لآمالي iiالعِذابْ
زحفٍ بآسادٍ iiغِضابْ

وجحافلِ  التحرير، يحدوها دَويٌّ واصطحابْ!
فـالمجدُ  في عِزِّ الرِّقابِ، ودونَهُ حَزُّ الرقابْ!
حـتى  يزِفَّ الدَّوحُ بُشراهُ، فتنتفضَ الهضابْ
حـتى  تَضجَّ قُبورُنا زَهواً، وينتشي iiالخَرابْ
حتى  تموجَ سنابلُ الوادي، ويرتعشَ iiالسَّحابْ
حتى  تُزغردَ خيمةٌ سوداءُ، في حضنِ iiاليَبابْ
حـتـى يمورَ تُرابُنا الملهوفُ شوقاً iiللصِّحابْ
هـل كان هذا المهرُ يعدِلُ درّةً في ذا التُرابْ!
كم من سؤالٍ راعشِ الأصداءِ ظلَّ بلا جَواب!