مهر العروس
09تموز2005
خالد فوزي عبده
مهر العروس
شعر: خالد فوزي عبده
غاب المُعَنّى عن حبيبتهِ، وكم طال الغِيابْ
يَطوي المفاوِزَ صادياً ويُـهَـدهِدُ الآمالَ في مـا غابَ عنها طائِعاً | جَلْداً، ويَحلُمُ صبرٍ، ويجترُّ العَذابْ حُراً، وكم كَرهَ الذَّهابْ | بالشَّرابْ
فإلى متى يهفو إلى اللقيا، ويصبو للإيابْ!
كـانـت عـروسـاً لـم تَـطلُبِ المهرَ الذي | فذّةًفي الحُسنِ، خالدةَ الشّبابْ تـرجُـوه غـانيةٌ كعابْ |
لم تَطلُبِ الدُّرَّ النَّضيدَ، ولا النَّفيسَ من لَمْ تطلُبِ الحُبَّ الرقيقَ، ولا التَّأنُّقَ في الخِطابْ لـم تَسألِ الحسناءُ ذاك، فمهرها شيءٌ عُجابْ: | الثيابْ
أنْ يسمَعَ المحبوبُ ما تَشكوهُ من هَولِ المُصابْ
أن يركبَ الأهوالَ مِقداماً، ويقتحمَ الصِّعابْ
كـي يُنقِذَ الحسناءَ من بــإرادةٍ جــبّـارةٍ الـمـجـدُ يـشهدُ أنه مـا شـاب عزمٌ يافعٌ | نهشِ الثعالبِ تعنُو لها الصمُّ الصِّلابْ حـرٌّ عـزيزٌ لا يَهابْ فيه، وعزمُ الدهرِ شابْ | والذئابْ
كم ظلَّ يطلبُ وُدَّها الغالي، ويزهو بالطِّلابْ ولـكـم دَعتْهُ للتفاني في هواها، فاستجابْ |
فـالـعيشُ في والـمـوتُ في إرضائها | إغضابهاموتٌ، وطعمُ الشهدِ صابْ كـم لـذَّ لـلعاني وطابْ |
لبَّى نداءَ الحقِّ والثأرِ المُنادي مُذْ أهابْ
أدّى الجميلةَ مهرَها
جَزلاً يفيضُ بلا حِسابْأدّاهُ مـن جرحٍ عنيدٍ لم يعدْ يخشى أدّاهُ مـن بـؤسٍ وتـشـريدٍ وهمٍّ واغترابْ أدّاه مـن ظـمـأٍ قـديمٍ لم تجد إلا السَّرابْ ما زال ينتظرُ الجميلةَ أن تؤوبَ.. ولا مآبْ وعـروسُـهُ الـحسناءُ تدعوهُ ممزقةَ النِّقابْ وكـأنها تخطو وتعثرُ في الظلامِ أو الضّبابْ وتظلُّ تسأل، وهي تبكي، كيف خَلاّها وغابْ | الحِرابْ
وتـجـرُّ قـيـداً ناهِشاً وتصيحُ: ما مهري وما | يعوي فيغرقُ في الإهابْ ثأري، فيخنُقُها انتحابْ: |
للغائبِ المكروبِ إخوانٌ كِرامٌ، وانتسابْ!
والمهرُ عندي لم يزل مـا ضرَّ لو أدّوهُ من | بـعثاً لآمالي زحفٍ بآسادٍ غِضابْ | العِذابْ
وجحافلِ التحرير، يحدوها دَويٌّ واصطحابْ! فـالمجدُ في عِزِّ الرِّقابِ، ودونَهُ حَزُّ الرقابْ! حـتى يزِفَّ الدَّوحُ بُشراهُ، فتنتفضَ الهضابْ حـتى تَضجَّ قُبورُنا زَهواً، وينتشي الخَرابْ حتى تموجَ سنابلُ الوادي، ويرتعشَ السَّحابْ حتى تُزغردَ خيمةٌ سوداءُ، في حضنِ اليَبابْ حـتـى يمورَ تُرابُنا الملهوفُ شوقاً للصِّحابْ هـل كان هذا المهرُ يعدِلُ درّةً في ذا التُرابْ! كم من سؤالٍ راعشِ الأصداءِ ظلَّ بلا جَواب! |