مَخَاضُ أُمٍّ وأُمَّة
مَخَاضُ أُمٍّ وأُمَّة
أمُّ صَفَاء
الآمال العظيمة تتطلَّب تضحيات جسيمة ، وتستوجب جرعات مركَّزة من مشارب مرَّة وأليمة ، وكلما اشتدَّت حلقات الأوجاع والألم ، دنت ساعة ولادة الأمل والحُلُم ، هذا صحيح مع ذوي العقول النّاضجة والهِمَمْ ، أمَّا عند ذوي الدَّعَة والخَوَر فالِشِّدة مدعاة لكلّ هوان وهزيمة وخسر .
والقصيدة تصوّر ولادة الأمل بعد المعانات والألم ، لكن ألم ولادة المحبوبِ محبوبٌ .
*
*
وَلَدِي كنتَ جَنينًا في حَشَايْ
وتغذَّيتَ طويلاً من بُنايْ
كنت عندي في زمانِ الغيبِ حينا أمَلا
كنتَ كنزاً قبل يومِ الوَضْعِ تَربُو في مُنايْ
كنتَ روحاً تسكنُ روحَ هَوَايْ
وأتى يومُ لقائي بِمَلاكي
ذلك يومُ رِضَايْ
وأتى كنزُ حياتي سابحاً في يَمِّ ضُرِّي وشَقايْ
مثل موسى في تابوتِ الحِفظِ مَصحوباً بِخَوْفي ودُعَايْ
فعشقتُ الضُّرَّ عِشقا لِمُحَيَّاهُ وروحَهْ
ورأيتُ في آلام الوضْعِ رَوضا لِهَنايْ
فاحتواني زمنَ الطَّلقِ شعورٌ بِحُبورٍ
فغفوتُ حينما ضمَّني غَفوَهًْ
فرأيتُ حُلُما يخطفُ لُبِّي
باسِما مثل رَجَايْ
وكأنَّ غيمةً مُمطرَةً
لَوَّحتْ بالغيثِ حينا في سَمايْ
وكأنِّي بُورَةُ في الأرض أضحتْ خَضِرهْ
عَمَّني الحُسْنُ بِزَهْرٍ واخضِرارٍ
في وِهادي ورُبايْ
وكأنَّ الطَّيرَ يَشدُو في خَميلِي
حامِلا للكونِ أنغامَ سُروري وسَنَايْ
وتَحسَّستُ مَلاكِي
عندما زالَ شُرُودي لِعنَايْ
وتلمَّسْتُ بِشوقٍ أَمَلِي
ها هو اليومَ بِحقٍّ ماثِلاً
لامَسته دونَ رَيْبٍ في جَوَى المَهْدِ يَدايْ
قد نما في جَوِّ ضُرِّي وأنيني وبُكايْ
هكذا الآمالُ تُنجَبْ
هكذا الفتحُ سيولَدْ
هكذا يُبعثُ فَجْرٌ بِهُدايْ
أمَّتي تَخْبطُ في ضُرِّ مَخاضٍ
مُؤلِمٍ يسبقُ فَجْراً لانْعتاقٍ وانطلاقٍ ...
نحو صُبْحٍ وشُروقٍ ...
ثابتٍ في كلِّ نَبْضٍ وشُعاعٍ في رُؤايْ
هكذا النَّصرُ سيأتي
أمَّتي لاحَ شُعاعُ الطَّلْقِ لميلادِ فَتحٍ
فاستعدِّي للبناءْ...
بعناءٍ ودماءٍ ودُعاءْ
وخُذي في الحبِّ روحي وَوَفايْ
وخُذي عَهْدي وبَذْلِي وَوَلايْ
انتهى