آياتُ وآلاءُ الرَّبيع
عمر أبو عبد النور الجزائري
إذا كان الإنسان حيَّ الشُّعور متيقِّظ العقل فانّ كلّ شيء في الوجود يدلّه على وجود الله عز وجل وعظمته ووحدانيته ، أما من تبلَّد إحساسه وجمد عقله فانه كأنّه لا يرى ولا يسمع ولا يعي ولا يحس أمام الآيات الباهرات التي يزخر بها الوجود من حوله
قال تعالى :" وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لِلمُوقِنينَ وَفِي أَنفُسِكُمْ أفَلا َتُبصِرُون َ" الذاريات 20
وقال سبحانه :" قُلِ انظُرُوا مَاذاَ فِي السَّمَاوَاتِ والأرْضِ وَمَا تُغنِي الآيَاتُ والنُّذُرُ عَنْ قَوْم ٍلاَ يُؤْمِنُونَ "101يونس
فالكفر في الحقيقة مرض في الذّوق، وتبلّد في الإحساس، وجمود في العقل، واهله كالبهائم لا تحرّكهم الا الغرائز والنّزوات ، لذلك لا تدلّهم آيات الكون على شيء
قال تعالى :" وَلَقَدْ ذَرَأنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الجِنِّ والإنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهاَ وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبصِرُونَ بِهاَ وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهاَ أُوْلَئِكَ كَالأنعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ " 179 الاعراف
وقال سبحانه :" أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهاَ أَو آذانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فإنَّها لاَ تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ التِي فِي الصُّدُورِ "46 الحج
وهذه القصيدة نظرة عابرة مفعمة بالأحاسيس إلى ما أودع الله عز وجل في فصل الربيع من آيات وآلاء
| الـجـوُّ طَـلْـقٌ والنَّسيمُ عليلُ والـشَّمسُ تحنوا بالشُّعاعِ صباحاً والـطَّـيرُ غنَّى أعذبَ الأناشيدِ والـمـاءُ يجري في هدوءٍ ونُبلٍ وَارُبَّ صـوتٍ أرسـلـتهُ المياهُ والـرَّغْوُ يعلو صَهْوةً من عُبابٍ والحقلُ أضحى بالفراشِ كَعُرْسٍ والـنَّـحلُ وَلَّى شَطْرَ كلِّ رَحيقٍ فـالـسَّهلُ روضٌ زاخرٌ بالبرايا حـلَّ الـرَّبـيعُ بعد طولِ غيابٍ خـرجـتُ أبغي للجمالِ وِصالا فـقـد رعـاني واحتفى بميولي سبحان ربّي ، كم حوى من جمالٍ سـبـحـان ربّـي مبدعٌ لبديعٍ الـكـونُ لـبَّـى فالجبالُ تصلِّي آيـاتُ ربِّـي في الرَّبيع تجلَّتْ بـعـد الـدَّلائـلِ لا يـقيم ُفؤادٌ الـرَّبـيعُ فصلٌ طاردٌ لاكتئابي شَـدَّ الـجوى إلى الرَّبيع حنينٌ | والـزَّهـرُ زاهٍ والغصونُ تميلُ فـالـسَّقف أحمرُ كالخدودِ أسيلُ وراحَ يـلـهو في الرُّبوعِ يجولُ تـلـقـاهُ عـفوا كاللُّجَيْنِ يسيلُ وَارُبَّ لـحـنٍ أنـشدتهُ السُّيولُ يُـغـري المُشاهِدَ راقصًا ويزولُ الـوردُ عِرْسٌ والعروسُ خجولُ وابنُ العناكبِ في الجوارِ يصولُ والـغـابُ يزهو بالخميلِ ظليلُ والـحـسـنُ فـيه ذائعٌ وأصيلُ أهـوي إلـيـه راغـبـاً وأميل وقـد هـدى لـما تحبُّ العقولُ كـلُّ الـمُـشـاهد رائعٌ وجميلُ إذا وصـفـنـا فـالكلامُ يطولُ والـدَّوْحُ يـدعـو فالجلالُ ثقيلُ حُـسْـنٌ وفـضلٌ والشَّكورُ قليلُ عـلـى الـعـمى إلا بليدٌ عليلُ فـفـيـه يـحلو للهمومِ الرَّحيلُ لـيـت الـرَّبيعَ للمُكوث يُطيلُ |
