وجْهٌ هاربٌ للوقت
حسن شهاب الدين /القاهرة
مُرِّي سلاماً عابـرًا بقصيـدتي
...
حُطِّي عليها كالطيورِ .. وحدِّثي
كلماتها .. ثم ابْزُغي من جبهـتي
لا صَوْتَ لي إلا الندى .. فثقي به
وخُذيه أبْعدَ مِن صَبيحـةِ غيمـةِ
وسلي النهـارَ على يديكِ .. فإنه
يختارُ يومـا بعد يومٍ.. وُجْهـتي
هو ذا أنا المصباح ..أضوأ ما أُرى
لو تتبعينَ النورَ نحــو حقيقـتي
**
لطفـولةِ الأشيـاءِ أسـعى فاقتفي
أثري على الـمرآةِ صَـوْبَ طفولتي
خوضي معي ماءَ الكواكبِ واسكبي
طعـمَ الحليب على تلعثـمِ خَطوتي
لي أَنْ أبعثـر بـضع عشرة نجمـةً
وأرى بحـارَ اللهِ تصعـدُ شُـرفتي
يـرمي علىَّ الصُّبحُ قُطْنَ ضيائـه
ويزيـد خَيْطـاً في قميص شجيرتي
ولكلِّ أَرْضٍ .. أَنْ تنادِيـني ابْنهـا
ولكلِّ أفق .. أن يصاحب غرفـتي
**
لا وقتَ لي ....
فلأبتكرْ إذن القصيدةَ ..
وَلأضـِعْ في غيبـةٍ صوفيــّـةِ
أختارُ لي لغـةً تنامُ على يــدي
وأخاطبُ الكلماتِ دون تحيـَّـةِ
وأضيء ما بين الحروف وصوتهـا
اسـماً تُناديـني بـهِ جنِّيــَّتي
وأنا .. أقصُّ ضفائرَ الكلماتِ كَيْ
لا ترتدي صُوفَ الدقائق .. عُزلتي
...
سأمُّر مِنْ سَمِّ المجازِ ..فتـابعـــي
خلفي الرحيلَ .. إلي مشارق حكمتي
بكنايةٍ أُخـرى سنعبـرُ ..ريثمــا
أجتثُّ أوثان الرؤى من لوحـــتي
ونمرُّ بالشعراءِ .. عُرْساً من دُمَــى
لأضئَ عُزلتها بأنجمِ وحشــــتي
...
هذا خريفُ الروح ..وَجْهٌ هـاربٌ
للوقتِ ... يبدأ بالقيامة رحلــتي
وحدي إذن ..في جنـَّة مرجومـةٍ
بين الظلال السـودِ أُثبِتُ خيمـتي
سَيْفي بلا حَدٍّ .. وحولَ قصيدتـي
مليـونُ سيفٍ يـستريبُ بلهجـتي
وأنا على طَرَفِ الحيـاةِ مُبَاعَــدٌ
أمشى إلي صوتي .. أُواجهُ ميتـتي
في شاحبٍ من ضـوء قافيةٍ ..أرى
قلبي على الـمرآةِ يرسمُ وُجْهـتي
يرمي السماءَ بوردةٍ .. فتخـطُّ في
صوتي وصيَّتها ..وتلثمُ جبـهـتي
فتهيَّئي لنهايـةٍ أخـرى .. سوى
الموتِ البسيطِ ..
فلن يَمَسَّ قصيدتي