حُبّانِ
رزاق عزيز مسلم الحسيني - السويد
[email protected]حُـبّـانِ مـا فـارقا قلبي وما هانا
حـبُّ الـعـراق تأبّى أنْ يفارقَنا
حـبٌّ تـنـاهى فأعيا وصفُهُ قلمي
أمّـا التي اتخذتْ من أضلعي سَكَنَا
مـا عنَّ لي ذكرُها إلا وقد نبضَتْ
لاتـعـذلـيـنـي فإنّي فيكِ مُفتَتَنٌ
يـهوي لها الطيرُ من عليائِهِ طربا
عـقـدٌ مـن الدّرّ فيكِ بتُّ أنظمُهُ
مـا كـلُّ سـرٍّ يظلُّ الدهرَ مُنكتما
إنَّ الـعـيـونَ بسرّ الحبِّ واشيةٌ
خـطَّ الهوى فيهما من وهجِ أحرفِهِ
مـثـلـ القلوبِ إذا شبّتْ حرائقُها
* * *
لـلـه قـلـبي فما أرساهُ من جبلٍ
إلـبٌ مع الدهرِ كنتِ في مُعاكستي
قـلبي الذي يحملُ الاوجاعَ مُنتشيا
يا شطرَ روحي الذي ما زلتُ أطلبُهُ
بـاقٍـ هـواكِ فما زالتْ لواعجُهُ
لاتقطعي الحبلَ بلْ دومي على مقةٍ
كُـلّي إليكِ فما في القلبِ من أحدٍ
تـيـهي دلالا وأوري زندَ صبوتِهِ
فـوجـهُـكِ الحلوُّ ثاوٍ في مُخيّلتي
* * *
أضحى بكِ القلبُ بعدَ الجدبِ بُستانا
سـقيتُهُ العذبَ من غُدرانِ أوردتي
ريّـا الـبـراعمِ فالاغصانُ حافلةٌ
والـطيرُ يصدحُ في أرجائِهِ غَرِدا
والـسلسلُ الشهدُ يجري في جداولِهِ
آمـنـتُ بالحبِّ حتّى باتَ مُعتقدي
مـنِ ادّعـى كـذبـا الحبُّ مفسدةٌ
مـهـمـا ابتعدنا وتُهنا عن قوافلِنا
يـا توأمَ الروحِ ضجَّ القلبُ منتفضا
شـبّـتْ مـواقـدُهُ تُذكي جوانحنا
تـمـضـينَ ليلكِ كالاطفالِ خاليةً
مَـنْ لي بنومٍ ونارُ الشوقِ تلذعُني
رهـنَ الـتلهّفِ والافكارُ تنهشني
* * *
عـزَّ الـلـقـاءُ وكُـنّا جيرةً أمما
كُـنّـا نـؤمّـلُ والآمـالُ توهمُنا
فـمـا جـنينا سوى الآهاتِ ننفثُها
واهـاً مُـعـذبتي أيّامُنا انصرمَتْ
مـرّتْ علينا كحلمٍ طافَ في عجلٍ
وكم كبحتُ جماحَ الشوقِ مصطبرا
وكـمـ نـزفـنا دموعا جدُّ غاليةٍ
إنّـي تـركتُ ورغمَ البعدِ يفصلُنا
فـيـكِ رأيتُ فنونَ الحسنِ أجمعَها
دعـيـ مـراكـبَنا للحبّ وجهتُها
عُـقبى الشتاتِ عسى الايّامُ تُسعفُناحـبُّ الـعـراقِ ومَنْ بالنّأي أشقانا
لأنّـهُ الـروحُ تـسري في حنايانا
فـوقَ الـكـلامِ إذا ما رمتُ تِبيانا
فـحـبّـهـا راسـخٌ أُسّـا وأركانا
أوتـارُ قـلـبـي لها شوقا وتحنانا
ولـيـسـمعِ الناسُ منّي فيكِ ألحانا
ويـستحيلُ الورى في الصّغْوِ آذانا
والـدهـرُ يـلبسُهُ في الجيدِ مزدانا
وإنْـ تـنـائى عنِ الاسماعِ أحيانا
فـهـلْ رأيـتِ بـعيني سرّهُ بانا؟
أنّـي لـكـم عـاشقٌ سرّا وإعلانا
بـاحـتْ لـنا سرّها طوعا وإذعانا
* * *
أضـنـيـتِـهِ بالجفا ظلما وما خانا
فـي الامنياتِ وفي اللذاتِ حرمانا
إنْ ضامَهُ الضيمُ هزَّ الكونَ غضبانا
وإنْ تـخـفّـى عنِ العينينِ أزمانا
رغم النّوى تلتظي في القلبِ بُركانا
مـا زالَ حـبُّـكِـ جبّارا كما كانا
إلاّكِ يـسـكُـنُـهُـ مُذْ بتُّ ولهانا
إنّـي على العهدِ ليسَ القلبُ سلوانا
يـأبى لهُ القلبُ في الهجرانِ نسيانا
* * *
أجـنـتْ مـغـارسُـهُ فُلّا وريحانا
فـاخـضـلَّ يـابسُهُ وامتدَّ أغصانا
بـأجـمـلِ الـزهرِ أطيابا وألوانا
أحـلـى الاغاريدِ محزونا وجذلانا
حـتّـى غـدا جـنّةً بالحسنِ ريّانا
مُـذْ فـاضَـ مـنبغُهُ نورا وإيمانا
فـقـد نـفـيتُ بهذا الحبِّ أضغانا
دلـيـلَـنـا حـبُّكم يبقى وعنوانا
والـشـكُّ مضطربٌ قد هاجَ طوفانا
والـلـيـلُ يُـمطِرُنا همّا وأشجانا
أمّـا أنـا قـلـقـا أُحـييهِ سهرانا
لـو أغـفتِ العينُ ظلَّ القلبُ يقظانا
هـلِ الـحـبيبُ كما نهواهُ يهوانا؟
* * *
فـهـل نـؤمّـلُ بـعدَ البينِ لُقيانا
أنّ الـجـنى يانعٌ والقطفُ قد حانا
حـالـتْ لـوقـدتِها الانفاسُ نيرانا
بـلا لـقـاءٍ ومـا بُـحـنا خفايانا
حـزنـى بـلا أمـلٍ ظمأى كدُنيانا
وكـم حـمـلتُ جراحَ القلبِ أسيانا
مـا سـحّ مـدمـعُـها ذلّا وإهوانا
قـلـبـي ذبـيحا على كفّيكِ قُربانا
يـاوردةً عانقتْ في الروضِ نيسانا
يـزجـي بها الموجُ مُهتاجا ونشوانا
ويـجـمـعُ اللهُ مـفـتونا ومِفتانا

