الناس بسراب الحياة أوثق منهم بحقائقها.
الدهر دوار يروح ويغتدي=يوم مضى وأخوه يومئ للغد
وأنا وأنت على سراه عصابة=تعنو له في سيره المتجدد
يقصي ويدني والأماني حوله=مجلوة بروائها المتورد
نشتاقها ونهيم خلف بروقها=حتى ولو كانت سراب الفدفد
جعل الحياة شهية وشقية=وحبا معايبها غلائل من دد
فكؤوسها ملأى بكل محبب=لكنه شرك الحسان الخرد
تصمي محبيها وتقتل عبدها=وتذل عاشقها اللحوح وتعتدي
الدهر قافلة ونحن ظعائن=تمضي سريعاً نحو داني الموعد
يردي الأنام ولا يبوح بسره=يسطو بهم ويظل عذب المورد
ويظل لا يألوك نصح مجرب=في قبضه يده وفي بسط اليد
إن تَغْفُ عنه فأنت في شدق الردى=وحِذارُ ما ترجوه واقية الغد
* * *=* * *
الحاذرون نفوسهم وعيوبها=هم قائدوها للمآل الأرغد
والتابعون عرامها وأوامها=سرب الشقيين الجفاة الحسد
مالوا عن الجلَّى وكل كريمة=ومضوا سراعاً خلف أشأم أنكد
فهم تداعي طامعين وكاذب=وهم تلاقي الوغد حنَّ لأوغد
الدهر يمضي والحياة غمامة=لمعت كآل في جفون الأرمد
ما فات منه فللبصائر والنهى=ولك الذخائر من صنيعٍ أرشد
يمضي وفي برديه وعد لم يزل=يغري وأسياف له لم تغمد