غربة
03كانون12015
شريف قاسم
***
عُنوانُ داري : غربتي وبياني = ومقيلُ روحي جنَّةُ الإيمانِ
في الصَّدرِ كنزٌ لايغيضُ من الهدى = ففراتُ شِعري دائمُ الجريانِ
ماعشتُ مفتقِرًا لغيرِ عقيدتي = أبدًا ولم أركعْ لذي طغيانِ
إنَّ الصُّروفَ غدت مراكبَ هِمَّتي = فالعزمُ أقوى ، والقطوفُ دواني
والَّلهُ ـ جلَّ جلالُه ـ ذخري فلا = أخشى تَقَلُّبَ شِدَّتي وزماني
أحيا بنورِ عقيدتي لاأنثني = رغم الظلامِ وقلَّةِ الأعوانِ
أهلُ الرِّباطِ بكلِّ أرضٍ إخوتي = يرعاهُمُ الباري بظلِّ أمانِ
سيروا فما طوت الدُّجُنَّةُ سعيَكم = فبكم تفوزُ شريعةُ الرحمنِ
لاترهبوا بغيَ الطغاةِ فإنَّه = يفنى ويبقى الخيرُ في الشُّجعانِ
عِشتُم على اسمِ اللهِ في هذا المدى = تترقبون الفتحَ في الأحيانِ
والنَّصرُ آتٍ لامحالةَ إنَّه = ومضٌ يرفُّ سَناهُ في الأجفانِ
لايأسَ إنْ نَأَت الدِّيارُ وفتَّ في = عضدِ الرجالِ أذى اللئيمِ الجاني
أنا مسلمٌ ماعشتُ إلا للهدى = فَهُوِيَّتي أسمى من العمرانِ
وأجلُّ من كلِّ القشورِ تبعثرتْ = زيناتُها، وخوتْ بلا تَحنانِ
ألقيتُ أقدامي تسابقُ لهفتي = وتركتُ دونَ دروبها أحزاني
والقلبُ تعصرُه الهمومُ مرارةً = وتلوكُه البلوى بدربٍ ثانِ
لكنَّه قلبٌ يعيشُ مُحَصَّنًـا = بأشدِّ ما للسُّورِ من بنيانِ
يحميه من سهمِ الطغاةِ يقينُه = بالَّلهِ ، بالفتحِ القريبِ الهاني
تسمو هُوِيَّتُهُ النَّقيَّةُ بالتُّقى = وتقودُه للبِـرِّ والإحسانِ
حملتْ مع الجرحِ السَّخينِ همومَنا = في القدسِ في كشمير في الأفغانِ
وبكلِّ صقعٍ ضجَّ في ردهاتِه = أَلَمُ السَّجينِ ، وسطوةُ السَّجَّانِ
فالظلمُ أضرمَ نارَه بشعوبِنا = فانداحَ منفلتًـا بلا أرسانِ
فبكلِّ بيتٍ باتِ أهلوهُ على = ذكرى فقيدٍ غابَ في الطوفانِ
قتلتْهُ أحقادُ البغاةِ لأنَّه = لم يرضَ جَورَ سفاهةِ السُّلطانِ
وبكلِّ حيٍّ ثارَ فيه شبابُه = يفدونَ شرعًا بالدَّمِ الهتَّانِ
وبمعصمٍ قدكبَّلَتْهُ عداوةٌ = لايرتضي بالَّلفِّ والدَّورانِ
يأبى السُّقوطَ سُمُوُّنا ، ففخارُنا = بالدَّينِ ، لابالزورِ والبهتانِ
هو لايدورُ على هواهم أو يرى = إلا سبيلَ الحقِّ والفرقانِ
حملَ العقيدةَ شامخًـا لم يرتكسْ = ورمى فتاتَ الغيِّ للفئرانِ
وإذا استبدَّ الكفرُ في ظلمٍ غوى = واختلَّ كفُّ العدلِ في الميزانِ
الفيتَنا لسنا نجاملُ مَن طغى = من مجرمٍ مستهترٍ أو جانِ
فالروحُ إن ركنتْ لغيهبِ ظلمِهم = قعدتْ فلا تقوى على الطيرانِ
إنَّ العقيدةَ في القلوبِ مكينةٌ = كثباتِ أهل الحقِّ في المَيدانِ
تشتدُّ عاصفةُ الضَّلالِ وربَّما = تسفي الغثاءَ وزمرةَ العُبدانِ
مَن غرَّهم زيفُ العطايا أو لوى = أعناقَهم قسرًا أُولو التيجانِ
ورضوا به ذلاًّ له ركنتْ نفوسٌ ... = ... أوهنتْها لعبةُ الشيطانِ
إنَّا لنحيا بالعقيدةِ عصبةً = في أُمَّةٍ هجعتْ على الأشجانِ
لانتْ لكلِّ مدجَّجٍ بفسادِه = ولكلِّ دجَّالٍ وكلِّ جبانِ
واستسلمتْ وتقاعستْ عن واجبٍ = وكأنَّها ميْتٌ بلا أكفانِ !
شُلَّت عزيمتُها فما هبَّت إلى = هذا الضَّياعِ بقوَّةٍ وتفانِ
لولا شبابٌ بايعوا ربَّ السَّما = وتسلحوا بالصَّبرِ والإيمانِ
لتهاوت الآمالُ في كهفِ الونى = وانهدَّ ركنُ العزِّ في الإنسانِ
ولعلَّهم أقوى بآياتِ الهُدَى = من مكرِ وجهِ الظالمِ الخوَّانِ
نحدو ولم نلمحْ لخالدِنا يدًا = هزَّتْ قناةَ تسابُقِ الفرسانِ
ونرى الدماءَ سخينةً في قدسِنا = وقذائفَ الأشرارِ بالأطنانِ
هل نحنُ عُمْيٌ لانرى ؟ ماذا جرى ؟ = أم أنَّها الأقفالُ في الآذانِ ؟
فلقد رضينا بالهوانِ وبالأسى = وبموتِ شذوِ الفتحِ في البستانِ
مَن ماتَ فيه بعيشِه إحساسُه = فالموتُ يُجدى شأنُه للعاني
رَجَمَ الصِّغارُ يهودَ بغيٍ ما انثنوا = طولَ البلادِ اليومَ بالصَّوَّانِ
لم يرهبوا الموتَ الزُّؤامَ لأنَّهم = شبُّوا بفطرتِهم على القرآنِ
ورأوا بنا الجبناءَ دون حقوقِنا = وميولَنا للمالِ والنسوانِ
ورأوا بنا وجهَ الهزائمِ كالحًـا = والدَّربُ فيه دمُ الشَّهادةِ قانِ
فرضوا مصارعَهم على شرفِ العلى = يتسابقون تسابُقَ الشُّجعانِ
ماتتْ ضمائرُنا فلم نشعرْ بهم = إذْ أقدموا جندًا بلا أعوانِ
وقستْ بأضلعِنا القلوبُ لأنَّنا = عشنا لأجلِ الأصفرِ الرَّنَّانِ
قد يشجبون ؟ وإنَّما هي كِذبةٌ = ياويلهم من كِذبةٍ بلسانِ !
أين البطولاتُ التي ضجَّتْ بها = زورًا حناجرُ قائدٍ سكرانِ ؟
أين النياشينُ الجميلةُ عُلِّقتْ = في الصَّدرِ للجنرالِ ذي النيشانِ ؟
مَن أهلُ حِليتِها ؟ ومَن فرسانُها ؟ = هيهاتَ إنَّ خَواءَها أشجاني !
لم يُحسنوا إلا اصطيادَ شعوبهم = بالكيدِ والتزويرِ والخِذلانِ
قد أتقنوا أكلَ اللذائذِ حُلوةً = وتفنَّنُوا في غزلِ سوءِ هوانِ
كانت بطولاتُ الرجالِ مروءةً = وشهامةً تأبى على الإذعانِ
عشقوا الجهادَ ففيه ركنُ سعادةٍ = أبديَّةٍ تبقى بظلِّ جِنانِ
يروي لنا التاريخُ أنَّهُمُ الفِدا = يوم اللقاءِ لدعوةِ الرحمنِ
ماهم بأهلِ تبجُّحٍ أو أنهم = يستسلمون لخِسَّةِ الإذعانِ
فهُمُ الليوثُ على العدا فاسألْ تجدْ = أفعالَهم تجدي بيومِ طعانِ
راياتُهم رفَّتْ بما في دينِهم = من رحمةٍ وشجاعةٍ وتفانِ
نادوا لدين اللهِ فانقادتْ لهم = أممٌ بغيرِ تلكُؤٍ و توانِ
أممٌ وعتْ سرَّ الرجالِ بدعوةٍ = نُصِروا بها فالنَّصرُ منهم دانِ
وهُمُ الأشاوسُ عزُّهم بسيوفِهم = لابالملاهي والهوى الشيطاني
لا بالمبادئِ غثَّةً ممجوجةً = مستورداتٍ من هوى الصُّلبانِ
ماذا أقولُ ، وللمقالِ مرارةٌ = تكوي لهاةَ الصَّارخِ الَّلهفانِ
* * *ِ=* * *
هذي سبيلُ اللهِ ماضاقتْ على = مَن يسلكون مدارجَ الرضوانِ
نادتْ بهم آلامُ أُمَّتِهم ولم = يصغُوا لآهِ تَوَجُّعِ الحرَّانِ
ناموا على الضَّيمِ الثَّقيلِ وأدلجوا = خلف الهوى لاهين بالنُّكرانِ
وتحزَّبوا يرمون شِرعةَ ربِّهم = بيدِ الجحودِ ،فبئسَ من نكرانِ !
عاثوا فسادًا بالمآثرِ ، وادَّعوا = نهجَ الخلاصِ ، ونهضةَ البلدانِ
إنْ كان عزُّ الناسِ في طغيانِهم = فَلْيُبشروا بالذُّلِّ والخسرانِ
أو كان فخرُ الناسِ في إلحادِهم = ففخارُ هذا الشَّعبِ بالإيمانِ
أو كان سِفرُ الناسِ في تضليلهم = فرشادُ أمَّتِنا سنى القرآنِ
ماكان من عربِ النَّبِيِّ معربدٌ = بعدَ الهدى، وهزيمةِ الأوثانِ
ركلوا أبا جهل الغويَّ بنعلِهم = ورموا عُتاةَ الكفرِ للدِّيدانِ
ماحاربَ الإسلامَ إلا ملحدٌ = ولئنْ تنكَّرَ بانَ كالثُّعبانِ
إنَّ العروبةَ لم تكن لولا الهُدَى = إلا دليلَ الجهلِ والأضغانِ
في الجاهليةِ عشعشتْ عاداتُهم = بِعَمَى بني عبسٍ ، بني ذبيانِ
هذي العروبةُ : أنطِقوها مرَّةٍ = حتى تروا ماكان من خذلانِ
إنَّ العروبةَ يومَ بدرٍ أسلمتْ = ورمتْ ثيابَ الكفرِ والعصيانِ
ورأتْ بمصحفها النجاةَ ورفرفتْ = راياتُ رفعتِها على الأكوانِ
للخيرِ أحياها كتابُ مُحَمَّدٍ = فزهتْ ربيعًا عاطرَ الأردانِ
ولشرعةِ الإسلامِ أذعنَ فرسُهم = وهوتْ صَغارًا رايةُ الرومانِ
وعلتْ بأمَّتنا المآثرُ لم تكنْ = للصينِ في الدنيا ولليونانِ
قد أقسمتْ هذي العروبةُ مرَّةً = لن تلبسَ الثَّوبَ القشيبَ الهاني
إلاَّ على ماكان من نسجِ النَّدى = وعلى كريمِ المنهجِ الرَّبَّاني
فَلْيَأْتِ شطرَ فخارِهم أبناؤُها = وَلْيَرْجِعُوا للدِّينِ والدَّيَّانِ
هيهاتَ يقوى للعروبةِ عودُها = ويلوحُ صبحُ الفتحِ للعربانِ
وتمدُّ أجنحةَ الرخاءِ على الورى = و تردُّ غطرسةَ الزنيمِ الجاني
إلاَّ بدينِ مُحَمَّدٍ وبيانِه = وبخيرِ سُنَّتِه مدى الأزمانِ
فبغيرِها ذقنا الهوانَ ، ولم نزل = متخبطين بتَوْهَةِ الرُّبانِ
وبنهجِ كلِّ مضلِّلٍ لم يَدْرِ ما = وخزُ الضَّميرِ وصفعةُالإذعانِ
ولقد غدتْ بلدانُنا نهبًـا لهم = ولحومُنا تُهدَى إلى الذُّؤبانِ
نحيا بلا روحٍ ولا قلبٍ ولا = فكرٍ ولا رأيٍ ولا وجدان
ونعيشُ أغرابًا على أرضٍ لنا = وكأنَّ أربُعَنَا بلا سُكَّانِ !
* * *=* * *
إنَّ الحياةَ مدارُ كلِّ مسافرٍ = للَّـهِ إنَّ الدربَ ما أعياني
ملعونةٌ إلا الذي يرضاهُ بارئُنا ... = ... بها في دفترِ الرضوانِ
إنِّي لأرجو أن أعيشَ لدعوتي = بمشاعري وجوارحي وبياني
أدعو إلهي أن يُسدِّدَ خطوتي = لأفوزَ بالحسنى برحبِ جِنانِ
إنْ شُقَّت الأرماسُ عن سكانِها = يابؤسَ مَن غفلوا من السُّكَّانِ
هذي الحياةُ تغرُّ كلَّ مغفَّلٍ = والكلُّ في دارِ التَّدافُعِ فانِ
وكفى بها دأبي لِمـا أرجو فما = طولُ اعتسافِ الكربِ قد أثناني
لاأنتمي أبدًا لغيرِ شريعةٍ = للهِ إسلاميَّةِ التبيانِ
ولأحمد المختارِ حبِّي كلُّه = فهو الذي بهُدى الإلهِ هداني
قد يكفهرُّ العيشُ في وجهي ولم = تنل الهمومُ السُّودُ من إيقاني
لمَّـا أزل ْ باللهِ أشمخُ لم أخفْ = من سطوةِ الطاغوتِ والطغيانِ
هو فضلُ ربي حافظي ومؤيِّدي = فَعُتُوُّ لفحِ الحقدِ ما أوهاني
ماكان أقوى من قُوى فرعون في = جبروتِه أو من قُوى هامانِ
ذلاَّ فلم تُدرِكْ يدٌ لهما هوى ... = ... مجدٍ يُنالُ بها سِوى الخسرانِ
إنِّي على العهدِ الوثيقِ ، ولم تزلْ = صفحاتُ إيماني تنيرُ جَناني
أحيا ونورُ اللهِ في قلبي ، وفي = دربي ، وإرثُ المجدِ قد أغناني
في أُمَّةٍ أرجو لها بإبائِها = أن تستعيدَ قيادةَ البلدانِ
يأبى الأباةُ بأن تُساقَ لظالمٍ = سَوْقَ النِّعاجِ لمذبحِ الإذعانِ
أو أن تذلَّ لعابثٍ مستهترٍ = وَغَوٍ أثيمٍ مرجفٍ لعَّانِ
هاهم شبابُ المسلمين توافدوا = في صحوةٍ لم ترضَ بالطغيانِ
هاهم يلبُّون النداءَ ، يحثُّهم = قرآنُ مولاهُم ، وصوتُ أذانِ
والحقُّ رايتُه علتْ بثباتِهم = ورفيفُها الجوَّابُ في الأعنانِ
ولربَّ صوتٍ يستجيبُ لصدقِه = أهلُ القلوبِ الصِّيدِ والآذانِ
ماماتَ في الشَّعبِ الطُّموحُ ، وإنَّه = متحفِّزٌ للثأرِ كالبركانِ
إنْ جالَ في المُهجِ اليقينُ ، فإنَّها= لاتستكينُ لمُديةِ الطَّعَّانِ
قد بِتُّ أستافُ الرجاءَ كأنَّه = أرجٌ يُبدِّدُ غُمَّةَ الأشجانِ
لايأسَ يقصمُ ظهرَنا ، إنَّا على = دِينٍ ، وأمرُ الخلقِ للدَّيَّانِ
نادى بنا الإسلامُ في عصر الأذى = عصرِ الضياعِ بمَهْمَهِ الشَّيطانِ
هُبُّوا فقد طالَ الرقادُ ، وإنَّما = العزُّ كلُّ العزِّ في القرآنِ
* * *=* * *
عنوانُ غربتِنا وإن طالَ النَّوى = بوحُ الرجاءِ لنا من المنَّانِ
في كلِّ فجرٍ هدأةٌ روحيَّةٌ = تحيي المنى بنسيمِها الرَّبَّاني
فيها أبثُّ مع الدُّعاءِ شِكايتي = للهِ ذي العرشِ العظيمِ الحاني
ولعلَّها ساعاتُ أمنٍ فيضُها = هذا القراحُ العذبُ للظمآنِ
هو غايةُ الإسعاد للقلبِ الذي = لم يحتفلْ بالزُّخرفِ الفتَّانِ
هو نفحةٌ من جنَّةٍ فردوسُها = لم تُلْفِه في دهرِنا عينانِ
ياربِّ قد زاغتْ عيونٌ وانثنتْ = هممٌ لطولِ الخطبِ والعدوانِ
والرزءُ والنَّكدُ الطويلةُ كفُّه = خنقتْ مباهجَ رؤيةِ الرُّكبانِ
كانوا وما زالوا جنودَ مُحَمَّدٍ = يفدونَه بالمالِ والولدانِ
وبكلِّ قلبٍ لاينامُ إلى الضُّحى = أو بدَّلَ الإيمانَ بالكفرانِ
ياربِّ أثلجْ بالقبولِ صدورِنا = واقصمْ ظهورَ عصابةِ الشيطانِ
وانصر بنا الدِّينَ الحنيفَ فإنَّنا = سندُكُ صهيونيَّةَ الصُّلبانِ
نشكو إليكَ الظالمين وجَوْرَهُم = والآلةَ الخرساءَ للسَّجَّانِ
فأنينُ إخواني صداهُ بمهجتي = ونهيقُ ذا الجلاَّدِ في آذاني
وسوم: العدد 644