بني أميَّةَ قومي بعدَكم هانوا=فاحتلَّ مسجدَكم للَّاتِ عُبدانُ
لم تعنهمْ وا لَذُلِّ القومِ نكبتُهُ=هلْ بعدَ هذا لغزوِ البيتِ إيذانُ!
هانتْ عليهم نفوسٌ باتَ يصرِفها=عن الجهادِ من الأهواءِ ألوانُ
ناموا عن العزِّ، والأعداءُ ساهرةٌ=وكيفَ يقوى على اليقظانِ وَسنانُ!
في كلِّ عاصمةٍ للكفرِ ألويةٌ=تختالُ عزًّا، وللأعرابِ خذلانُ
توحّدوا، وتعاديتُمْ بلا سببٍ=وما سوى ذلكم للكفرِ عنوانُ
وما أشدتم لعزِّ الدَّهرِ قد هدِمتْ=آثارُهُ فهو للطاغوتِ ميْدانُ
جدرانُ مسجدِكمْ لو أنَّها ملكتْ=عيناً تفيضُ لفاضت منه غدرانُ
تُحسُّ كلَّ عمودٍ فيه منكسِراً=وكمْ تودُّ سقوطاً منه جدرانُ!
ودمعُ قلبي، ودمعُ "المُقْمَعينَ" على=ما حلَّ بالمسجدِ المحتلِّ هتَّانُ
ما حرَّكوا ساكناً، والنَّارُ تلفحُهمْ=فاستبردوها، وما اهتموا لِما عانوا
* * *=* * *
بني أميَّةَ باتَ اليومَ مسجدُكمْ=ينوحُ لو تَسمعُ الآهاتِ آذانُ!
والقائمونَ علينا لا يوحِّدُهمْ=إلَّا الخلافُ فهُمْ في الخُلْفِ فرسانُ
تهوّد القومُ، واستشرى تنصُّرهمْ=وللتشيُّع أنَّى سرْتَ أركانُ
أحلافُ شرٍّ على إفنائنا احتشدتْ=فنحنُ عندَ وحوشِ الفُرسِ قطعانُ
لو أننا ما نسينا اللهَ ما سُلِبَتْ=من أمَّةٍ عِزُّها التوحيدُ أوطانُ
ولا غزتنا جيوشُ الحقدِ تُهلكنا=ولا استباحتْ ديارَ الدِّينِ صُلبانُ
في كلِّ حاجاتنا جاءت مقنّعةً=فكلُّ أمرٍ لها في أمرنا شانُ
تذويقُهم كلَّ ما تهواه أنفسُنا=فيه تفنَّنَ للإغواء شيطانُ
عزُّ السِّلاحِ لهمْ، ذلُّ النطاح لنا=حتى لتحسبُ أنَّ القومَ ثيرانُ
دِينٌ لنا تمَّ... دُنيا للطغاةِ غدا=فليسَ في عُرفهمْ دِينٌ، وديَّانُ
وأبعدونا عن القرآنِ يجمعُنا=إذ ليسَ إلا به عزٌّ وسلطانُ
وا طولَ سُهدي لِما نحياهُ من فتنٍ=يضيقُ عنها لهولِ الذُّلِّ تبيانُ
* * *=* * *
بني أميَّةَ واشوقي لجمعَتِنا=على جهادٍ عليه طالَ نسيانُ
عُبَّادُ أضرحةٍ عاثتْ بمسجدِنا=والحقدُ منهم على الإسلامِ بركانُ
يلهونَ فيه وجندُ الظلمِ تحرسهُمْ=كأنَّهمْ بطَراً في ساحِهِ جانُ
نيرانُ حقدٍ غذاها منذ أزمنةٍ=لمحوِ إسلامنا كسرى، وساسانُ
وقبل مسجدِنا كم مسجدٍ حرقوا=عمداً، وحقداً ولمْ يهتزَّ إنسانُ!
ذبح الألوفِ، وحرقُ النَّاسِ آمنةً=ما أدمنوهُ، وكمْ عانَتْهُ بلدانُ!
آلافُ آلافنا بالبردِ قد دفنتْ=وليسَ تسترُ منها العريَ أكفانُ
ولا تَسَلْ عن عذارى فُضِّحَتْ وقَضَتْ=والطُّهرُ كانَ بما كانَتهُ يزدانُ
وحولَ كلِّ فتى قد جنَّدوا رصداً=كي لا تثورَ على الطَّاغوتِ فتيانُ
وحولَ كلِّ فتاةٍ حاجزاً نصبوا=كي لا تُثيرَ إباءَ القومِ نسوانُ
وكلُّ شيخٍ ومعتلٍّ إذا سجدوا=تهمي عليهم من السجَّانِ قضبانُ
ولا تَسَلْ عن ألوفٍ غُيِّبوا ونُسوا=وعن ملايينَ عن أوطانهم بانوا
أما التُّقاةُ الأبرياءُ فهُمْ=لِما اتّقوا لجحيمِ الحقدِ قربانُ
أنَّتْ عليهم قيودٌ لا فكاكَ لها=يسومُها رِدَّةً للكفرِ سجَّانُ
ولا تسلْ عن بلادٍ دُمِّرَتْ بطرًا=وعن ألوفِ أسارى بَعدُ ما بانوا
والسَّاجدونَ لدى الطَّاغوتِ قد مردوا=على النِّفاقِ فهمْ للغيِّ أعوانُ
في كلِّ عرسٍ لهم قرصٌ، وما خجِلوا=فالقلبُ منهم لِما نلقاهُ صوَّانُ
وكمْ أضلَّتْ فتاوى المفسدينَ، وكمْ=تناطحَت في هوى الإفتاءِ عُميانُ!
باسمِ الحسينِ غُزينا، وهو لاعِنُهمْ=وما لهُ في الذي غالوا به شانُ
يدعونَهُ قبلَ أن يُدعى الإلهُ عمىً=وهو الذي يا فدتهُ النَّفسُ إنسانُ
وما الحسينُ الذي ألّهوهُ سوى=شهيدِ حقٍّ له الفردوسُ بستانُ
على الحسينِ سلامٌ في تحيِّتِنا=لنا بها، ولآل البيتِ غفرانُ
وكلُّ من صَلُحوا منهم أئمّتُنا=وإنَّهمْ عند من قد ضلَّ أوثانُ
* * *=* * *
بني أميَّةَ هل روحٌ لكُم بُعثتْ=من القبورِ عسى يهتزُّ وجدانُ!
ماذا أحدِّثُ عمّن بعدَكُمْ هانوا=واحسرتي "فكأن القومَ ما كانوا"
يندى جبينُ العلا والكبرياءِ إذا=لم يقحموا كلَّ من ذلّوا، ومن خانوا
* * *=* * *
بني أميَّةَ يا أهلَ الفتوحِ أما=آنَ الأوانُ لكي يشتدَّ "مروانُ"!
وأن يعودَ لنا في عدلِهِ عُمرٌ=فكمْ بدا منهُ للأخصامِ إحسانُ!
* * *=* * *
بني أميَّةَ ما خاطبتُكمْ عَرَضَاً=فذكرُكمْ في الورى رَوْحٌ وريحانُ
أهلُ الضّلالةِ عاثوا في مدائننا=لم ينْجُ من هدمهمْ للدينِ بُنيانُ
رَخْصُ الجواري لنا، والجارياتُ لهم=لها منَ الكونِ بالإرهابِ إذعانُ
إذا رمت من بعيدٍ أزهقت أمماً=وزالَ كلُّ الذي شادتهُ أزمانُ
فلم يجيدوا سوى ما كانَ قرصنةً=ترتجُّ منها لهولِ الفتكِ أكوانُ
وما أزالُ أُرجّي نصرَ أمَّتِنا=بمن يصحُّ لهم باللهِ إيمانُ
كم قلَّةٍ آمنتْ باللهِ وانتصرتْ=وكم تقهقرَ مهما اعتدَّ كفرانُ!
* * *=* * *
يا ربِّ طالَ هوانُ المسلمينَ فهلْ=من صحوةٍ قادها للعزِّ قرآنُ!
واهاً لقومي وواهاً من تفرُّقهمْ=ألمْ يَحِنْ أن يُرى في القومِ رُبَّانُ!
يعيدُ قومي إلى توحيدِ بارئهمْ=تَلْتَمُّ في وطنِ التوحيدِ أوطانُ
فلا تُرى بعدها للمشركينَ يدٌ=ولا يُرى بعدها للاتِ عُبدانُ