الملاحم
هلْ لي بِهَذي الكَأسِ بَعْضُ ثُمالةٍ
تَسْـقـيـنَ ما أبْقَتْ لـيَ الـخَـمـسـونـا
الـعُـمـرُ أدبَـرَ غَـيـرَ أنَّ رُؤى الـهَــوى
في مُـقـلَتَيـكِ مَـدىً يَفيضُ جُنـونا
أسـطـورَةٌ عَـيـنـاكِ يُنكِرُهـا الــوَرى
ويَـعـيـشُــهــا دَروِيـشُــهُــا مَـفـتـونــــا
مـا زالَ لـيْ نَـهــرٌ يُســاقـيـني بـهـــا
شَـهداً عَلى مَـتْنِ السَّـحابِ مَصـونـا
مـا ليْ وَعَـيـنيْ كـذَّبَتْ ما أنْـكَـــروا
إنّ الـمُـشَـــكّـكَ لـمْ يَـزلْ مَـغْـبــونــا
فَـأنــا بِـهــا، ولَـهـا، وفـيـهــا، آمِـــلٌ،
وأعيـشُ، يُفـنيني الـغَـرامُ هَـتـونـا
خَضراءُ ما اكْتَحَلتْ بِرغْمِ حَرائقٍٍ
بَـيـضـاءُ والــدَّمُ قد كســا جَيـرونا
هاتي دِمَشقُ الكأسَ مُترَعَةَ الرؤى
فالـفـجـرُ يُوشِـكُ أن يزيلَ شــجـونا
وَبِـلالُ أقـبـلَ مِـن مَـديـنَـةِ أَحْـمَـدٍ
يَرجـو بِفِسـطـاطِ الهُـدى مَكْـنـونـا
والقُدسُ أغفَتْ في مَجالي حُلْمَهـا
لــم تَخْـشَ دَجّـــــالا ولا مَـفـتـونــا
تَرمي إلى البيضاءِ مئذنةِ الهُدى
شَــرقـيَّـكِ الـطّـرفَ الأبِيَّ حَـنـونــا
يَتَرَقَّبُ الوَعْـدَ الصَّدوقَ مسـيحَـها
لا يَــدَّعـي لأبٍ كـمـــا يَـفـــرونـــــا
ليذوبَ كالمِلـحِ الـدَّعِيُّ ويَنطَـفي
بِمَـضــاءِ حَـربَـتِـهِ خَـنـاً مَـأفـــونــا
وَوَراءَ غَـرقَـدِهـا تَـمـوتُ بِخَـوفِـهــا
مُـهَــجٌ مُـنــاهــا أنْ نُطــا وَنَـهــــونـــا
والطّورُ أشـرَفَ يَجْتَلي هِمَمَ الأُلى
مِنكِ انطِـلاقَـتُهُـم يُجـيلُ عُـيـونـا
يا وَعـدَ أَحْمَـدَ بالمَسـيحِ تَهَلَّـلـي
رَكْبُ المَـلاحِـمِ حَـثَّـهُ الـحـادونــا
والرومُ تحجزُ في الدّيارِ قواعداً
في صمتِ إخـوانٍ لـنـا خَـذلـــونـا
عجـزاً يشـلُّ لـدى الهــوانِ إبـاءَنـا
والسّـيـلُ جاوزَ إذْ طـما العـثـنـونـا
فَـتَجَـهَّـزي فَـلِـكِـلِّ عِـرْسٍ مَـهْـرُهـا
وأجَـــــلُّ مَـهْـــرٍ فِـتـيـةٌ يَـفْـــدونــا
فـإذا عَـلا صـوتُ الأنـيـنِ بِـدابـقٍ
فاسْـتبشـري من بعـدِ هَرْمَجْـدونا
وَعْـدٌ لَـنـا وَلهُـمْ وَعيـدٌ فاصْـبِري
فـالـقـوسُ أوْتَرَهـا لـكِ الـرّامُــونــا
وَغَداً بِرُوما سوفَ يَرتَفِعُ الـنِّــدا:
الـلّــهُ أكبـرُ! أينَ مـا تَـدعُــــونــا؟
وسوم: العدد 666