سبيل النصر

إلى أيِّ دارٍ غيرِ دارِ الحقائقِ

يَحنُّ فؤادٌ جدَّ سيرُ السّوابقِ

ويَعلمُ أنْ يوماً سَيَتْرُكُ رِمَّةً

ويُسلِمُ رُوحاً لا تبالي بلاحقِ

مَواعِدُها مَجهولةٌ رَغمَ أنّها

لِذي العَقْلِ أو ذي الغَفْلِ أجلى الحقائقِ

لقدْ أصبحَتْ دنياكَ غمّاً مُروِّعاً

وقلبُكَ كالمَأسورِ بينَ المَطارِقِ

قَتولٌ يَراها جَنَّةً كلُّ غافلٍ

رَخيصٍ بأسواقِ النِّخاسةِ نافقِ

ولا يُبصرُ النَّفّاذُ فيها سوى البَلا

يسيرُ إليها فوقَ متنِ الحرائقِ

أزِمَّتُها في كَفِّ كلِّ مُدجِّلٍ

ولاعقِ نعلٍ أو لئيمٍ منافقِ

أقلُّبُ طَرفي في المَدى علَّ بارِقاً

يلوحُ لِعينيْ في مجالِي البوارقِ

فلا يَلتقي إلا ركامَ سَحائبٍ

من المُدلَهِمّاتِ القِتامِ الغوامقِ

نذيراتِ شؤمٍ أم بشائرَ فرحةٍ؟

عليهنَّ للرَّحمَنِ لمْساتُ سائقِ

أتَتْ بوعيدٍ أو بوعدٍ كأنَّها

جزاءُ كذوبٍ أو ثوابٌ لصادقِ

فأقبَعُ في نفسٍ تَلُوكُ عزاءَها

بأنِّي بريءٌ مِن دِماءٍ دوافِقِ

أردتُ لها عزّاً على الأرضِ قبلَ أنْ

تَرقّى فَتَرقى غيرَ مَرقى الأوابقِ

فإنْ كنتُ يوماً قابساً في زِنادِها

فما كنتُ مِقناصاً بفخٍّ وباشِقِ

ولا كنتُ ذا جُبنٍ إذا القومُ أحجموا

ولاحَتْ لرائيها حِبالُ المشانقِ

ولا كنتُ غدّاراً بوجهِ أخي وَفا

ولا ضَـمَّ ثوبُ أمانتي جسمَ سارقِ

أعلِّلُ نفسي أنَّني لم أبِعْ ثرىً

ولم أختلب مجداً بزورِ بيارقِ

فآبَ أناسٌ بالمناصبِ والغِنى

ولم يَعقِدوا خيطاً على قوسِ راشقِ

وأُبْتُ بجسمٍ مزَّقتهُ مخالبٌ

وأنيابُ مُغتابٍ وتلفيقُ حانقِ

وما امْتَرْتُ من ألقابِها ما يَغيظُهم

ولا عُدتُ للأهلينَ منها بدانقِ

ولم أجْنِ منها غيرَ بغضِ قرابةٍ

وطعناتِ غدّارٍ وشتمِ فواسقِ

وإرواءِ غِلِّ الحاسدينَ ونشوَةٍ

لسُمِّ حقودٍ بينَ جَنبَيهِ صاعقِ

وهجرِ أناسٍ خِلتُهم ذاتَ غفلةٍ

إذا جلَّ خَطبٌ بينَ رِدءٍ ورافقِ

فما ثروتي مِن ثورتي يومَ نافقوا

وهابوا لِقائي غيرُ غرزِ العوائقِ

وقطعِ طريقٍ واسْتلالِ مودَّةٍ

بإفْكٍ وزورٍ مِن صدورِ الخلائقِ

وحربٍ دنتْ مِن لُقْمةِ العيشِ لم تزلْ

مَغَبَّتُها تمتصُّ جُهدي ووادقي

فما أطْفأتْ نيرانَ ذي الحِقدِ أو شَفَتْ

غليلَ حسودٍ أو فجورَ زنادق

تصبّرتُ فيها إذ تَصَدّر خاتلٌ

أخاه لِحَلْبِ المالِ في خَلْبِ حاذقِ

فما ساءَني إلا شَراهةُ أكْلُبٍ

ترى الشِّبْعَ حُلْماً في عزاءِ المُلاصقِ

وَدَدْتُ كُنوزَ العالمينَ بِحَوزتي

لأحْشَوَ أفواهاً لها بالورائِقِ

لعلَّ دعاةَ الحَقِّ تَخلو أمامَهم

إلى النّصرِ يوماً واسعاتُ الطرائقِ

فنصفُ سَبيلِ النَّصْرِ تأليفُ طامعٍ

لِيُنجز ما يَبقى رصاصُ البَنادقِ

وسوم: العدد 666