أربعة وعشرون كانون الثاني 1983م... في ذلك اليوم العصيب... نالت يد الغدر والإجرام من أخي صلاح رحمه الله واثني عشر من إخوانه في مهجعنا وحده (بالإضافة إلى العشرات من بقية المهاجع)..
ولما كنتُ لا أنظم الشعر, توجهت إلى الأخ "أبو حسن" وطلبت منه أن ينظم قصيدة يؤرخ فيها ذلك اليوم, ويذكر إخوتنا الشهداء ببعض الأبيات, وكان ذلك...
الحَمْدُ لله الَّذي بِالأنْعُمِ=قد أكرمَ الشهداءَ خير المَكْرَمِ
وصلاتُهُ وسَلامُهُ أبداً على=من عمُّهُ مَثلُ الشهيد الأعظمِ
يا نائِماً بين الذئاب إلى متى!=أو ما سمعتَ بغدر يومِ المأثم!
بصبيحة الإثنينِ كان عُواؤهم=إذ ينبحون ضحىً بصوتٍ آثِم
يا يومَ أربعةٍ وعِشرين الذي=بكتِ القلوبُ به نَجيعَ العندم
وتجمَّدتْ فيه العيونُ من الأسى=وبدا السوادُ بها حِجارةَ مِنجَم
لم أبكِ خوفاً من قضاء الله, لا..=لكنْ فراقُ القوم صَدَّعَ أعظُمي
كانونُ هذا عَجَّلوه بحقدِهم!=أم دبَّرتْهُ لهم أيادي مجرم!
صنعوا وليمة غدرِهم بلحومِنا=وبدا لهم نابٌ تَقَطَّرَ بالدم
نزعوا "صلاحاً" من غُلالةِ غمدِهِ=لله درُّه من حسامٍ صَارمِ
هل أغمدوه؟ فزال عنه بريقُهُ=في التربِ ..لا.. فالبرقُ ليس بمظلِمِ
إن أقفَرتْ منه الرحابُ فإنه=قد أنذر الأجيَالَ ظلمَ الظالم
ولسوف نذكُرُ صبرَهُ وثباتَهُ=إن شَاء ربي في الزمان القادم
يا خيرةَ الشهداءِ هذا يومُكُم=لله أنتم... راحلونَ لِمُنعِمِ
بالأمسِ كانوا بيننا, وحديثهُم=بقلوبِهِم لا باللسان وبالفم
نظروا إلينا والعيونُ تَكلَّمتْ=رأتِ المَكارم في جِنان المُكرِمِ
واستشعروا قربَ اللقاء بحِسِّهِم=فاستقبَلوه ضحىً بوجهٍ باسِم
في جنةِ الفردوسِ كان لقاؤهم=عند المليكِ الحقِ أحكَمِ حاكمِ
فأعَزَّهم بِجِنَانهِ وبِحِورهِ=وأذاق أهل الكفر خِزيَ جهنَّم
إن يمكُروا.. فاللهُ فوقَ صنيعِهم=أو يَغدِروا.. فاللهُ لَيس بنائم