شبكتي بندقية
وقرأتُ يا أُمَّاهُ في عينيكِ حُلْمًا ضَمَّني بِتَرَفُّقِ:
إكليلَ فُلٍّ.. طرحةً بيضاءَ عَطَّرَها انفعالُ الزَّنْبَقِ!
فُستانَ عُرسٍ نَسْجُهُ مِن فرحةٍ
حَمَلَتْ فراشاتٌ رِقاقٌ ذَيْلَهُ فوق الجَناحِ المُشفِقِ!
وأساوري وقلائدي تتلألأُ الأضواءُ مِنْ لألائِها
والعَقْدَ مَخطوطًا بريشةِ طائرِ الأشواقِ
بين جوانِحي – بعد الضَّنى– حَطَّ الرِّحالَ مُؤرِّقي!
عَرشًا مِن الوردِ انتشى مُتَعاليًا
يزهو على كلِّ العُروشِ بِوَردِهِ المُتَأَلِّقِ!
وبأنَّهُ الحِضْنُ الذي ضَمَّ ارتعاشةَ نبضةٍ في ليلةٍ
هي قِمةُ الأحلامِ لِلمُتَشَوِّقِ!
***
وَتُعَدُّ في اليومِ الأثيرِ وَليمةٌ عربيَّةٌ
والعِطرُ قد جادَتْ بهِ جُورِيَّةٌ
ومِن الجِنانِ تَطوَّعتْ حُورِيَّةٌ
عَزَفَتْ على قيثارِها
هَمَسَتْ إلى أوتارِها
فاضتْ ينابيعُ اخضرارٍ مُورِقِ!
الأُفْقُ يَشْدو.. والفضاءُ مَحبَّةٌ
وشُجَيْرةُ الحِنَّاءِ تُهدي زهرَها
لِخِضابِ كَفٍّ بالسرورِ الناطقِ!
وأُزَفُّ لو تَدرينَ يا قَطرَ النَّدى
نُثِرَتْ ورودٌ في طريقِ العُرسِ
وازدانتْ حواشي الجَوْسَقِ!
***
لكنني آثَرتُ يا أُمَّاهُ حُلْمًا كَمْ يُراوِدُ في الكَرَى
والصَّحوِ ذاكرتي العصيَّةْ!
فَتَرَكْتُ حِنَّائي لِأَحمِلَ ما حييتُ البُنْدُقيَّةْ!
وطني الحبيبُ يموتُ مرَّاتٍ ومرَّاتٍ
إذا طلَعَ الصباحُ وفي العَشيَّةْ!
خمسينَ عامًا – بَلْ يزيدُ – تَمَلْمَلَ المَنْفى
وما زِلنا نُفَتِّشُ عَن هُوِيَّةْ!
***
أغرى التتارَ سُكوتُنا
عند المعابرِ كُبِّلت خُطُواتُنا
تحت النِّعالِ حقوقُـنا ودماؤنا
بَل قيلَ إنَّ دراهمًـا ..عِوَضًـا
تؤدِّيها على شرفِ الهُولوكُوسْتِ الضحيةْ !
***
لَن يرجِعَ الوطنُ السَّليبُ حبيبتي
حتى تَدُقَّ البابَ قَبْضَتُنا المُضَرَّجةُ الأبيَّةْ!
فإذا بِأجنادينَ أو حِطِّينَ تَفتَحُ للمُقاومةِ الفَتِيَّةْ!
***
ماتَ الجبانُ مع المخاوِفِ كُلَّ يومٍ مرةً
أمَّا الشُّجاعُ فَموتُهُ رَهنٌ بِذاكرةِ المَنيَّةْ!
فإذا اتَّشَحنا بالجِهادِ فإنَّنا
يومًا سنُدرِكُ ثأرَنا نُحيي القَضِيَّةْ!
وغَدًا أُزَفُّ إلى الجِنانِ يحوطُني
صَخَبٌ مِن البارودِ ينسِفُ عُصبةً للبربَرِيَّةْ!
وسوم: العدد 677