يا بائعَ الأمَراءِ عُدْ
يا ثائرًا يا شاعرًا بالهَمِّ والحُزنِ العميقْ
يا فارِسًا يا باحثًا عن مَخرَجٍ مِن ضِيقِ ضيقْ
يا سائلًا والفِقْهُ في أيَّامِنا خَدَمَ العِدا، خَذَلَ الصديقْ
أوَترتجي مِن عَلقميٍّ نَجدةَ الوطنِ الغريقْ؟
قابيلُ عادَ ولم تعُدْ غِربانُنا تُعطي دروسَ الدَّفنِ
للوحشِ المُعربِدِ في المدائِنِ ناهِبًا شَرَفَ الطريقْ
يا أيُّها الحُزنُ المُسافرُ في دِمانا: أَجَّجَ الظُّلْمُ الحريقْ
يا أيُّها الفِقهُ المُكَبَّلُ بالخيانةِ؛ إنْ تَعُدْ حُرًّا طليقْ؛
فارفِقْ بأسئلةِ الحيارَى شاقَهُم مُفْتٍ يَلِيقْ
وَلِغَتْ كلابُ الأرضِ في دَمِنا وما زالتْ تُفَتِّشُ عن مَزيدْ
والذِئبُ مارَسَ عدلَهُ فينا؛ فلا تَثريبَ إنْ قنَصَ الشَّريدْ
أمسى القطيعُ، مع الحَماقةِ، يَمدحُ العَدلَ الفريدْ
وإذا وَريثُ الأنبياءِ إلى بلاطِ المُلكِ يُدْعَى؛ لا يَحيدْ
باتتْ خزائنُهُ تُعاني تُخْمَةً، والقَصرُ مِن سُحْتٍ؛ مَشيدْ
فغَدَا المُدَجَّجُ بالعلومِ؛ مُدَوزِنًا أوتارَهُ؛
يتلو على السُّلْطانِ مِنْ سَقَطِ النشيدْ
عادَ التَّتَارُ وعاثَ في الوِديانِ والأنهارِ جبَّارٌ عنيدْ
صنعاءُ والفيحاءُ والقُدسُ العتيقةُ في انتظارِ
المُطفئينَ النارَ غَذَّتْها حقولُ الزيتِ مِن زمنٍ بعيدْ
سُمِلَتْ عُيونُ الفجرِ في بغدادَ فانتحبَ الرشيدْ
يا بائعَ الأمَراءِ عُدْ؛ واسْتدعِ "سيفَ الدِّينِ" بَأْسَ "العِزِّ" والمَجْدَ التَّليدْ
تبكي القلوبُ دَمًا إذا نَبَتَتْ نِصالُ الذِّكْرَياتِ وعانقَتْ؛
ليلًا؛ سَيُنْغِضُ رأسَهُ مِمَّا رَوَى "الكِنْديُّ" عن أَعجازِ ليلٍ أُرْدِفَتْ
ونجومُهُ ما غادرتْ، وسُدولُهُ تُرخَى على مَنْ تاقَ للفجرِ الوليدْ
*****
9/7/2016
هوامش
بائعُ الأُمراء: العِزُّ بنُ عبدِ السلام / سيف الدين: السُّلطان سيف الدين قُطُز
يُدَوزِنُ أوتارَهُ: يضبِطُها / يُنْغِضُ رأسَهُ: يهزُّها استهزاءً واسْتِصغارًا؛ فهو الألْيَل!
الكِنْديّ: امرؤُ القيسُ أشعرُ شُعراءِ العصرِ الجاهليّ وأشعرُ مَن وصفَ الليل
وسوم: العدد 681