سامِحِينا جُلَّنار

jolanar23-08-2016.jpg

كتَبَتْ على السَّبورةِ البيضاءِ بالدَّمِ

"سامحينا يا حماةُ " فنحن لم نَحمِ الديارْ

وهتفتُ بعد رصاصةِ الغدرِ: اعذُرينا سامحينا جُلَّنارْ

نحن الصغارْ!

يا زهرةَ الرّمّانِ مُدّي للبراعمِ في ربوعِ القدسِ شريانَ النَّهارْ

فهناك تُشرِقُ مِن أكُفِّ العارفينَ طريقَهم؛ شمسُ الفخارْ

قهروا الأباتشي تخطِفُ الأقمارَ مِن طُهرِ المَدارْ

حَملوا حُطامَ الدارِ ثُمّ تقلَّدوا المِقلاعَ وامتشقوا الحِجارةَ باقتدارْ

كانوا الكِبارْ!

يا بنتَ سبْعٍ كيف تلتهمُ الذئابُ السودُ قلبَكِ ثُمَّ تؤويها السكينةْ؟

ماذا تقولُ إذا اشتكت ظلمًا طفولتُكِ الحزينةْ؟

ستقولُ هذا قلبُها ما مَسَّهُ لونُ الضغينةْ

باتت على أهدابِهِ الخضراءِ ثُمَّ ترَنَّمَت وسَقَت يقينَهْ؛

عُصفورةُ الشَّجنِ التي ما أزَّها داعي الفِرارْ!

***

يا زهرةَ الحريةِ الفيحاءَ تبكيكِ الثكالى في دروبِ المعضميّةْ

يبكيكِ مِحرابُ التَّبتُّلِ والمُقاومةِ الأبيّةْ

تبكيكِ أروِقَةُ المدينةِ حين تبحثُ عن عُروبتِها القديمةِ

في دهاليزِ المعاني العنتريّةْ

سرقوا الضياءَ مِن النجومِ الساهراتِ على تُخومِكِ يا دمشقُ

وأطفأوا النارَ الزكيّةْ

والصبرُ شاخَ على الصواري في انتظارِ الفجرِ وافَتْهُ المَنيّةْ

تركَ المدائنَ تشربُ الألمَ المُعتَّقَ مِن كؤوسٍ بربريةْ

 فجحافِلُ الظلمِ استَبدَّتْ بالقرارْ!

***

تبكيكِ أطواقُ الورودِ.. مِن الضفائرِ شاغرةْ،

وملاقِطُ الشَّعرِ المُراقِ مع الأغاني الطاهرةْ،

وأساوِرُ الذهبِ التي معْ مِعصميكِ توحَّدت في ذكرياتٍ ثائرةْ،

ورَنينُ خَلخالٍ تَقَاطَرَ مِن ثقوبِ الذاكرةْ،

ألوانُ حاديةِ البطولةِ بالنقوشِ الهادِرةْ،

ودُمًى على الشُّبَّاكِ عانت الانتظارْ!

***

صوتَ الفِدا يا جُلَّنارْ

وَهَبَتْ عيونُكِ للمدى أحداقَها فإذا بحِمْصَ ومِلْءُ قبضتِها الجِمارْ

بوشاحِكِ المغموسِ بالدمِ والرَّصاصِ والاعتذارْ؛

كَبَّرتِ في دَأَبٍ يُصارِعُ الاحتضارْ

حتى تَوارَى النبضُ وانقشعَ الغُبارْ!

الآن أعرِفُ: ليس بالأعمارِ مُفتَتَحُ الرِّيادةْ؛

فأميرةُ الأزهارِ في أكمامِها تُخفي أَماراتِ القيادةْ

الآن أعرِفُ أين باتت مُهجةُ الحُلْمِ المُتيّمِ بابتهالاتِ الشهادةْ؛

 سَكَنَت قناديلَ الشآمِ تُنيرُ مِحرابَ العبادةْ

وتضوَّعت عِطرًا مسالكُ الانتصارْ!

***

تَركت لنا تغريدةَ الحريةِ الخرساءِ

عزفًا على وترِ الطريقِ النائي

أتَظلُّ نائمةً أميرتُنا على غَيْمِ الرجاءْ؛

ليعودَ يلثُمُها الأميرُ المُرتَجَى؛

كي تستفيقَ ويُزهِرَ الزيتونُ في بَردِ الشتاءْ؟

يخضرَّ من خُطواتِها دَربُ التَّفاني والنقاءْ؟

صَرَخَت براءتُها- ولَم تأفُلْ- إذا اعتدلَ المَسارْ!

*****

4/2/2012

ودَّعت أهلها أصغرُ ناشطةٍ سياسيةٍ سورية (من معضمية الشام) ، جلنار نقشبندي (7سنوات ) ،

بعد أن فَتَكَ بها رصاصُ الغدر ،أثناء تظاهرةٍ لنُصرةِ حمص ، لتكتُب في الرابع من فبراير (شباط)2012

 حلقة جديدة في مسلسل بطش النظام السوري بالأطفال، وكان آخر مارسمته ريشتُها: يا حماة سامحينا

وظلت تُكبِّرُ بعد إصابتها حتى فارقتِ الحياة.

وسوم: العدد 681, العدد 682