عُيونُ المَها

عبد الرحمن العشماوي

رائعة ومبكية

منذ زمن لم يبدع العشماوي مثلها !!!

1- عيونُ المَها بينَ الرَّصافة والجسْرِ

بَكينَ عراق المجدِ منْ شِدَّةِ القهْر

2- فليتكَ ياابنَ الجَهْمِ تُبصرُ ما جَرَى

وما اقتَرَفتْ إيرانُ فيها منَ الغَدْرِ

3- وما نَشرَ الإفرنْجُ فيها منَ الأسى

ومن حالةِ الفوضَى الكريهةِ والذُّعرِ

4- عيونُ المهَا يذْرفنَ دَمْعاً كأنَّهُ

تدَفُّقُ شلَّالٍ تحدَّرَ منْ صخْرِ

5- رأينَ دِماءً تصبغُ النّهر حُمْرةً

وأبصرْنَ أشلاء الأحبَّةِ في النَّهْرِ

6- وأبصرْنَ آلافَ الضَّحايا ،دِماؤها

على كُلِّ شبرٍ في عراق الأسى تَجْري

7- رأينَ طُغاةً لا يُراعونَ ذِمَّةً

قد الْتحَفُوا ثوب الضلالَةِ والكُفْرِ

8- يُبيحُونَ قتلَ الطِّفلِ تمزيقَ جسمِهِ

وإنْ أحسنوا ألْقوهُ في لُجَّةِ البحرِ

9- فرَوَّعهن الحالُ حتى كأنَّما

وقَفنَ على جمْرٍ وسِرْنَ على جَمْرِ

10- عيونُ المها ما عُدْنَ يُغرينَ شاعِراً

وما عدْنَ يُوقظنَ الصَّبابة في الشِّعرِ

11- رأينَ عراقَ المجْدِ في كفِّ ظالمٍ

يَجورُ بلا عُرفٍ لديهِ ولا نُكْرِ

12- تغذَّى غذاءَ الرَّفْضَ حتى غَدَا بلا

ضميرٍ ولا عقلٍ وصارَ بلا فِكْرِ

13- رأيْنَ عراقاً لو رآهُ خليفةٌ

بنى فيهِ صرحَ العلم والمجْدِ والفخْرِ

14- لهَزَّ حساما يخطف العين برقُهُ

وأعْلَنَها حرباً تُلوِّحُ بالنَّصرِ

15- لقد صارَ ياابن الجهم وجهُ عِراقِنا

بلا مُقْلةٍ ترنو إليْنا ولا ثَغْرِ

16- تدَاعَى عليهِ الغاصبون وأمَّتي

على ما يسوء القلب من حَالهَا المُزْري

17- تُسارِعُ في الأعداءِ ترجو موَدَّةً

وتلكَ - وربِّ البيتِ - قاصِمَةُ الظَّهْرِ

18- وكيفَ تنالُ  النَّصرَ والعِزَّ أُمَّةٌ

تسيرُ إلى الأعْداءِ مَكشوفَةَ النَّحْرِ

19- رُصافَتُك ارْتاعتْ وأصبحَ ليْلُها

حزيناً بلا نجْمٍ يلُوحُ ولا بدْرِ

20- عيونُ المها تشكو جَفافَ قلوبنا

فلا نحنُ نُغْريها ولا كُحلُها يُغْري

21- تَهَاوى على أهدابِها ليلُ حسرةٍ

كتَائِبُها السَّوداء تقصِفُ بالفجْرِ

22- وأنَّى ترى مايشرح الصَّدر ظبية

تُحدِّثها الظَّلْماء عن (مقْتدى الصَّدْرِ)

23- وعنْ مالِكِيٍّ ملَّك الحقدَ قلبَه

وعنْ كُلِّ مأفونِ الهَوى سيّءِ الذِّكْرِ

24- لَئنْ كنتَ ياابنَ الجهْمِ أبصرتَ ظبيَةً

أصابتْكَ عيناها بغائلةِ السِّحْرِ

25- فإنَّا رأيْنا في الرُّصافَةِ أعْيُناً

بكَيْنَ على العِرْضِ المُدنَّسِ والطُّهْرِ

26- مَشَيْنَ على جِسْرِ الرّصافةِ مِشْيةً

مُكبَّلةً بالخوف والبُؤسِ والفقرِ

27- حزِنَّا لِما يجري ولولا لُجوؤنا

إلى الله في عُسْرِ الحياةِ و في اليُسْرِ

28- لتِهْنا جميعاً في متاهاتِ ضعفِنا

كما تاهَ عادٌ والعماليقُ في القَفْرِ

29- لجَأنا إلى المَوْلى الكريم وحسْبُنا

بهِ راعِياً نهفو إليهِ مدَى العُمرِ

30- رجَوْناكَ يا ربَّ العبادِ فإنَّنا

نُشاهِدُ طُغياناً على الأرضِ يستشري

31- ونسمَعُ أبواقاً تُزيِّنُ باطِلاً

أكاذيبُها في كلِّ ناحيَةٍ تسري

32- رَجَوْناكَ يارحمنُ فاشرحْ صدورنا

وقرّبْ إلينا ما رَجَوْناه من  نَصْرِ

وسوم: العدد 691