أشعِلْ بيانَك واستنهضْ به الهمما =قد آنَ ألاّ نرى شِرْكاً ولا صنما
كفاكَ هَدهَدَةً فالجرحُ مُستعرٌ =واهاً لجرْحٍ على ذُلٍّ إذا التأما!
صُبَّ اللّهيبَ بجرحٍ لا شفاءَ له =هيهاتَ تلقى ذليلاً يشتكي الأَلَما
آمنتُ بالألم العملاقِ يُبدعنا =وأبعدَ الله من أبدى له سَأما
أخا البيانِ وما أحراكَ من رَجُلٍ =يروي على ظماٍ من يشتكون ظَما!
وهل كآلامِ من قد أبدعوا ألمٌ=ما كان أقساه لوْ لَمْ يملكوا القلما!!
وغربةُ الشاّعرِ الإنسانِ مُوجِعةٌ =فاقت بما أوْرثَتْهُ الفقرَ والصَّمَمَا
كم عاش أهلُ الغنى دُنياهمو قلقاً=وعاشها مُطمئِنَّ النفسِ، مُبتسِما!!
والجهلُ أوجعُ ما عاناه من وجعٍ =وأوجعُ الجهلِ أن يأتي من العُلَما
* * *=* * *
يختارُ ربُّكَ للأجيالِ قادتَها =وخصَّنا من لَدُنْهُ الله وَحْيَ سَما
عِشْنا لآلامِ أهْلِ الأرضِ نُبْرِئُها =فنحنُ مَنْ أمرُنا في بُرئِها عَظُمَا
آمنتُ بالحقِّ يُحيي الأرضَ قائِمُهُ=وكم يفوقُ بما يُحيي بها الدِّيَمَا!!
لنْ يُصْلِحَ الكَونَ صاروخٌ ومِطرقةٌ =لو دام أمرُهما في ساعةٍ هُدِما
* * *=* * *
أخا البيانِ عجيبٌ أمْرُ عالَمِنا=عادى هُداهُ جِهاراً، وازدرى القِيما
لم يبقَ للحقِّ من كفٍّ تُسانِدُهُ =هَمُّ القويِّ غدا أن يُكثرَ الغَنما
تفنى شعوبٌ، ولا تهتزُّ إصبعُه =وكان أنقذها لو حرّكَ القَلمَا
أينَ الحقوقُ التي نادى بحُرمتها =فما نراها تعَدَّت قولَ: لا جرَما ؟!
أحلاف شرٍّ على الطاغوتِ قائِمةٌ =ما ساءَها لو غرقنا في بُحورِ دِما
لو أنصفت ساعةً لارتاح عالمَنُا =وما رأيتَ به من يشتكي العَدَما
أليسَ في كلِّ أرضٍ ألفُ مَظلَمةٍ=وليسَ إلاّ أخو الإيمان من ظُلِما!!
مُساعَدَاتٌ على التقتيلِ وافرةٌ =لِمَنْ يشاءُ... وإلاّها فقد لُجِما
في كلِّ يومٍ ألوفُ الصارخاتِ سُدىً=ألَمْ يَحِنْ أن نرى في الكونِ معتصما؟
أينَ العدالةُ يقضي عالَمٌ سَغباً=ومدَّعوها غدوْا من سَلبِهِ تُخما !!
أينَ التُّقاةُ، وأين الأهلُ، أينَ أخو=دينٍ ومالٍ يُرينا دينَه كَرَما؟!
إلى متى يا بني قومي تفرُّقُنا=أمَا شَبِعنا من الإذلالِ، ألفُ أمَا؟!
ألَم نَكُن خيرَ من عزّوا، ومن نصروا=ومن رعوْا للأعادي الحقَّ والذِّمَما!!
عِشْنا وعاشَ بَنُو الدُّنيا سَواسِيَةً=بِنهجِنا الحقِّ قد صاروا لنا رَحِما
لو نحنُ عُدنا لمَا شاهدتَ مَظلَمةً=ولا رأيتَ سِوى من فاز، أو غَنِما
غداً نعودُ ... وما أشقاهُ عَالمَنُا=إن لم نَعُدْ ونُزيلُ الظُّلمَ والوَخَما!!
فالدينُ في النَّاسِ إيثارٌ ومرحمةٌ=ما كانَ في النَّاسِ إلاّ أهلُه رُحَما
دِينُ الإلهِ براءٌ من تسلُّطِنا=والخلفُ فيه ببيداءِ الضَّلالِ نما
ومَارِقٌ من أحالَ الدِّينَ مصلحَةً=وأكفرُ الناسِ من قد حرَّفوا الكَلِما
أيُّ الدّياناتِ جاءَتْ للدمارِ ؟ وَمنْ=يَرضى بربٍ ودينٍ جاءَ مُنتقِما؟!
قُمْ ساعةً وتأمَّلْ.. هل ترى أمَلاً=إلاّ بنورِ الهُدى أن نكشِفَ الظُّلُما!!
طالَ الشَّقاءُ بهذا الكونِ خالِقَهُ=وضجَّ لما غدا أحرارُهُ خَدَما
لم تُوهِ عزمتنا آلامُ أمّتِنا=أكرِمْ بآلامِها كم فجّرت هِمما
نبقى الهُداةَ ... ونبقى الأوفياءَ لها=وخابَ فدمٌ رأى تاريخَنا خُتِمَا
إنّا على عهدِنا نَحيا رِسالتنا=لا بارك الله من قد ضلَّ ...لا سَلِما
محبةُ اللهِ نورٌ في جوانِحِنا=وليتَ ليتَ عليها شملَنا التَأما
وطاعةُ الرُّسلِ تبقى زادَ رِحلتنا =عِيسى، وأحمدُ ... هل زادٌ كحبهما؟
ما أَهنأَ القلبَ مَشغولاً بِحُبِّهما =وأسْعَدَ الكونَ مَهدِياً بهديهما ؟
إن عَزَّ للنَّاسِ مَنجاةٌ ومُعتصِمٌ =أكرمْ بِما عَلَّما مَنجىً ومُعتَصَما
* * *=* * *
من لم يكن مُخلِصاً للهِ غايَتَهُ =فما ابتغى بعدَه إلاّ ابتغى صَنَما
* * *=* * *
أخا البيانِ وما في الصَّمتِ مَنْفَعةٌ =وخابَ من ظنَّ قد أخفى بهِ حِكَما
أشعِلْ بيانَكَ بئسَ الصَّمتُ مُلْتَجَأً=وبِئْسَ قولٌ يزيدُ الحالمين عمى
فَرُبَّ جذوةِ نارٍ أشعلت سقراً =ورُبَّ قولةِ حقٍّ حرَّرتْ أُمما
أخا البيان وكم في العُودِ من نغمٍ=إنْ لم تُحرِّكْهُ لن تلقى بهِ نَغَمَا
لا يُرهبُ الظّالمَ الطّاغي كرؤيتهِ=ثغرَ الضَّحيةِ رغمَ الظُّلمِ مُبتسِما
فبسمةُ الحقِّ فجرٌ لا يُطاقُ لَهُ=ردٌّ... ولو حشدوا في وجههِ الظُّلَما
لا يفْرَحَنْ من رأى شعبي وفرقتَه =فكم تفرَّقَ قبلَ اليومِ، وانقَسَما!
وكم تمسَّكَ بالوثقى فعادَ بها =كأنه ما رأى ذُلاًّ، ولا انفصما!
تُبلى الشُّعوبُ على مِقدارِ قيمتها=يفنى الخَليطُ وتلقى التِّبرَ قد سَلِما
نحنُ الأُلى في عميقِ الدَّهرِ جذرهُمو=وكم تَرى الفرعَ من عُمقِ الجُذورِ نَمَا!
غداً ستُشرقُ شمسٌ بعدَ هَجْعَتِها =وأخسرُ النّاسِ عندَ اللهِ من ظَلَما