قبلة لصلاة الجنازة...
(قصيدة لزومية: فن لزوم ما لايلزم)
كنت قد نشرت نتفة من هذه القصيدة منذ أيام, والآن أنشرها كاملة :
اللَّيلُ وَالمَنفَى زِنادا عِلَّتِي
وَالجُرحُ أَكبَرُ مِن ضِمادِ تَعِلَّتِي
وَالصَّرخَةُ الشَّعواءُ أَعرَضُ مِن فَمِي
وَالدَّمعُ أَوسَعُ مِن مِساحَةِ مُقلَتِي
يا أَيُّها الوَطَنُ المُعَتَّقُ فِي دَمِي
شِعرًا يَغُزُّ حُشاشَتِي بِمِسَلَّةِ
يا أَيُّها البَدرُ المُمَزَّقُ فِي الدُّجَى
لِكَواكِبٍ وَنَيازِكٍ وَأَهِلَّةِ
خَمسٌ؛ وَما زالَ النُّزُوحُ مُضَرَّجًا
تَجتاحُ عُمرِي كَالفِرِندِ المُصلَتِ
وَكَأَنَّما البُركانُ أَمطَرَنِي بِها
حِمَمًا! وَجِلدِي المُستَباحُ مِظَلَّتِي!
مُتَعَثِّرًا أَمشِي عَلَى عُكَّازَةٍ
فَصَّلتُها مِن خَيزُرانَةِ ذِلَّةِ
فَتَكَسَّرَتْ بِالواقِعِ الوَحشِيِّ, فارْ
تَطَمَتْ عَلَى صَخرِ الحَقِيقَةِ غَفلَتِي
يا مَوطِنِي؛ وَالذَّبحُ فِيكَ مُؤَدلَجٌ
بِطَرِيقَةٍ عَبَثِيَّةٍ مُنحَلَّةِ
أَوَ كُلَّما انفَضَّ الطُّغاةُ بِحَملَةٍ؟
عادَ الطُّغاةُ لِيَغصِبُوكَ بِحَملَةِ!
أَوَ هَكَذا مَبغَىً هِيَ الدُّنيا؟ وَما
كُنَّا نَرَى مِنها خَبِيثَ الخِلَّةِ!
لِلمَوتِ نَكهَتُهُ المَرِيرَةُ ذاتُها
تَحتَ المُدَى, ما المِدفَعِيَّةُ فَلَّتِ
فَالكُلُّ يَقتُلُ خَلفَ كُلِّ ذَرِيعَةٍ
وَبِدُونِ أَشهادٍ, وَدُونِ أَدِلَّةِ
بِالدِّينِ, بِالحُرِّيَّةِ الحَمراءِ, بِالدّ
دُستُورِ, بِالوَطَنِ الذَّبِيحِ بِدَولَةِ
بِالرُّعبِ, بِالتُّهَمِ المُسَبَّقَةِ التِي
وَلَّى الزَّمانُ, فَما لَها ما وَلَّتِ
مِلَلٌ تَقاذَفُنِي, وَلَستُ مُؤَمَّلًا
بَينَ العَبابِيدِ الدَّمِيَّةِ مِلَّتِي
تَلُّوكَ رَغمًا لِلجَبِينِ, وَذِبحُكَ اسْـــ
ـــتَلقَى, وَلَكِنَّ الخَناجِرَ ضَلَّتِ!
فَمِنَ التِي أَمَّنتَ ظَهرَكَ! وَالتِي
أَعطَيتَ صَدرَكَ! وَالتِي! ثُمَّ التِي!
ما كُنتِ- يا أَرضَ الشَّآمِ- زِيادَةً
أَبَدًا, وَلَكِنَّ العُرُوبَةَ قَلَّتِ
تَرَكُوكِ لِلذُّؤبانِ, وَاقتَسَمُوا القَمِيـــ
ـــصَ, وَراوَدُونا بِالصُّواعِ وَغَلَّةِ
يا أَيُّها التَّأرِيخُ؛ وَالدَّمُ قائِمٌ
بِجِنازَةٍ لِلياسِ... خَلفَ الفُلَّةِ
أَقِمِ الصَّلاةَ, فَإِن أَضَعتَ تُجاهَها
فَالشَّامُ- مِن حَولَيكَ- أَرضُ القِبلَةِ
وسوم: العدد 692