نيويورك
الحبُ يلهبنا والصبرُ يضنينا = والعشقُ يغلبنا شوقاً ويكوينا
للغيب يأخُذنا بحثاً ويُبحرنا = في النفسِ عمقاً وفِي الأكوانِ يُعلينا
فالنفسُ فيها من الآياتِ مبهرة = والكونُ يحوي عظيمَ الخلقِ مُوزونا
يهفو الفؤادُ لغيبٍ من دلائلهِ = في كلّ شيء يراه العقلُ مقرونا
يسعى أليه بوقتٍ لا قياس له = والبعدُ صفر من المقصودِ يحوينا
ألعقلُ يدركُ أن الحق مُوجدنا = والكونُ يسعى بأمرِ الله مرهونا
بالفطرةِ الخلقُ مشدود بخالقه = والعلمُ لله يطوينا ويدنينا
فوق العقولِ فلا وصف يقاربه = والفهمُ يبقى بعجزِ العقلِ مسجونا
لا يوصف العقلُ إلا في مقارنة = والعقلُ للوصفِ يستقري الموازينا
بمنْ يُقارن لا شيء يشابهه = فوق الصفاتِ علا معنىً ومضمونا
ألحقُ أنزل أوصافًا لندركها = حتّى نكون لقدرِ الله واعينا
ألعقلُ يحبو لفهم الكونِ مفتقراً = قد يدركُ البعضَ أو يكتال تخمينا
إنْ يرتق العقلُ للأَكْوانِ مُقْتَرِبَاً = يرتدْ الى الذاتِ مخسوءاً ومَوْهُونا
عبر الزمانِ أُنادي والوجودُ صَدىً =* رحماك ربي فنادى الكَوْنُ آمينا
حَتَّى كأنّ مدى الأَكْوان مئذنةٌ = و النَّفْسُ تملؤها ذكراً و تدوينا
يا منْ بِرَحْمَتِه الأَكْوان قائِمة = و مُنْعُمَ الخَلْق في الآلاءِ غافينا
ومُنْشِئَ النَّشْأَةَ الأولى وبارَئها = وهادي الخَلْقَ أن تقفو القوانينا
وساقي الطفلَ ألباناً مطيبة = ومُخرج الزرعَ من صخرٍ أفانينا
وكَاسِي الظُّلْمةَ اَلأنْوارَ دافئة = ومُنْزَلَ الروحَ والمِيزانَ هادينا
وخالقَ النحلَ إذ يشفِي بلسعته = ومُبْرئ الداءَ بالأعْسالِ يشفِينا
ومُبْتَلِي النَّفْس إن ساءتْ وإن حسنتْ = لَعَلَّه عن جحِيمِ النارِ يغنينا
ومُنْقِذَ النَّاسَ من جوعٍ ومن فزعٍ =* والمُرْتجَى كرماً بالدّيْنِ يحيينا
أَنْقِذْ بمنّك غرقاناً بغفلته = طالَ الكبائِرَ تنويعاً وتَلْوينا
واشفِ المواجعَ فالآلام مبرحة = ما بات فيها جميلُ الصبرِ مضمونا
وبسْمك الأَعْظم الأشجان سائلة = أن تَكْشِف الداءَ والإمْلاقَ والحَينا
أن تُبْعِد النَّاسَ عنّا في مَساوئهم = أن تَسْتَجِيب الدعا جوداً و تحمينا
زادي قَلِيل ومكرُ النَّاسِ أَدْركني = حتّى سقاني خداعُ الناسِ غسلينا
إن بان رِزْقي أطال النَّاسُ نعمته = حَتَّى غَدَوْتُ بعين السْوِء مَعْيونا
ألصبرَ ربّي أُنادِي صبرَ مُحْتَسَبٍ = قد جاءك الدّهرَ مَكْروباً و محزونًا
ما كان حُزْني بأيّام البِلى جزعاً = أو كان دَمْعِي بها يأساً وتَأْبِينا
بل كنتُ فيها دعاءاً صاغني جملاً = أجني من الجدبِ رغم الضيقِ زيتونا
أيْنَ المِفَرُّ ونفسي ما لها أمل = إلاَّ بعَفْوك يوم الحَشْرِ يُنجينا
نَسْعَى إليكَ بحالٍ بات يُخْجلنا = كَيْفَ الوصول وثِقْل الذَّنْبِ يطوينا
نَسْعَى لك الدَّهْرَ ما هانت مراشِدُنا = نُحيي لك اللَّيْلَ عبّاداً مُناجينا
لولا الرَّجَاءُ بمن لا نوم يأْخُذه = ما طابَ عيشٌ بها والموتُ داعينا