يا مجلس العهر
يامجلسَ العُهرِ أَغلقْ بابكَ الآنَ
وأعلنِ الموتَ إنَّ الموتَ قدْ حانا
ماكنتَ للحقِّ مَنْ يرعى قواعدَهُ
أوكنتَ للعدلِ والإنصافِ ميزانا
فلمْ تكنْ لأمانِ الخلقِ مؤتَمَناً
ولم تعدْ لدواعي الأمنِ عُنوانا
إني أراكَ تغضُّ الطَرْفَ عن طَرَفٍ
أدمى الأنامَ حماقاتٍ وعُدوانا
وتشهرُ السيفَ في وجهِ الضعيفِ وإنْ
أخطاَ الشريفُ يرى عفواً وغُفرانا
كم طفلةٍ قُتِلَتْ بالغازِ قدْ خُنقَتْ
كمْ حرةٍ دُفنتْ ظُلماً وعدوانا
كمْ دمعةٍ ذرفتْ كم أنّةٍ صعدتْ
كمْ بلدةٍ قصفتْ جَوراً وطُغيانا
فكلَّ يومٍ نرى ذبحاً ومجزرةً
فيها البريء غدا للعهرِ قُربانا
وكلَّ يومٍ نرى قصفاً ومذبحةً
وكلَّ يومٍ نرى موتاً وأحزانا
وكمْ عليلٍ قضى لم يلقَ مُسعفَهُ
وكمْ رضيعٍ قضى في البردِ عُرْيانا
وأصبحَ العيشُ تحتَ القصفِ معجزةً
وأصبحَ الموتُ أشكالاً و ألوانا
وكل يومٍ نرى عَسْفاً ومَظلمةً
وكلَّ يومٍ نرى سِجناً وسَجّانا
وأصبحَ القتلُ للأحبابِ سلسلةً
بالغازِ حينا وبالبرميلِ أحيانا
إني سمعتُ ضُراطا ًمِنْ مَنابرِكم
له دويٌّ يصُمُّ الأذنَ رنّانا
فلمْ أجدْ لكمُ فعلاً يشرفكمْ
ولمْ أجدْ فيكمُ خيراً وتَحنانا
إني لأسخرُ من حكمٍ ومحكمةٍ
يكونُ فيها سلاحُ النقضِ قَبّانا
شريعةُ الغابِ لو تدرونَ أعدلُ مِنْ
شريعةٍ منحتْ للنقضِ سُلطانا
مَنْ ذا يحاسبُكمْ لو أنَّ سافلَكُمْ
أجرى دماءَ الورى ظلماً وطًُغيانا
شتّانَ بينَ الهوى إنْ كنت َتتبعهُ
وبينَ مَنْ حَكّمَ القرآنَ شتانا
محمدٌ أعدلُ الأقوامِ لو جُمِعَتْ
كلُّ الموازينِ لمْ تبلغْ لهُ شانا
هوَ الذي بَشّرتْ بالحقِّ طلعتُهُ
وأشرقتْ شمسُهُ عدلًا وإحسانا
لو أنَّ فاطمةَ الزهراءَ قد سَرقتْ
لأنفذَ الحدَّ ماحابى ومالانا
في خانِ شيخونَ لمْ ألمحْ لكمْ أثراً
إلّا نِفاقاً وتضليلاً وخُذلانا
وفي الشآمِ تجلّى عهرُكُمْ علناً
حتى انقضى وكأنَّ الأمرَ ماكانا
وفي العراقِ كذبتمْ دونما خجلٍ
وكانَ رأيُكمُ زوراً وبُهتانا
إني لأعجبُ من حكمٍ لمحكمةٍ
كانَ القُضاةُ بها للظلمِ أعوانا
لاضيرَ في القتلِ والإجرامِ عندكمُ
إن كانَ يهدمُ للإسلامِ أركانا
يايومَ غوطتِنا الغراءِ كمْ تركتْ
في النفسِ عاصفةُ السارينِ أشجانا
فالقلبُ مُعتصرٌ والصدرُ مُنقبضٌ
والعينُ تذرفُ دمعَ الحزنِ هتّانا
قلبي على الشامِ في بحرِ الدمّا غرقتْ
وأصبحتْ لعلوجِ العصرِ ميدانا
عاثَ المجوسُ بها إذ أهرقوا دمَها
وبدّلوا حسنَها بؤساً وحِرمانا
فلم تُعِدْ لجمالِ الشرقِ بهجَتَهُ
ولمْ تَعُدْ لأهالي الشامِ أوطانا
كأنها غيرتْ أثوابها حِمماً
واستبدلتْ وردَها الجوريَّ أكفانا
إني أرى الغوطةَ الغناءَ واجمةً
ونهرَها العذبَ مهموماً وحَيرانا
شممتُ منها رياحَ الموت خانقةً
وماشممتُ رياحيناً وريحانا
فلاعصافيرُها باتتْ مغردةً
ولا الأزاهيرُ قدْ زَيّنّ نيسانا
لهفي إلى غوطةٍ تحيي نسائِمُها
في القلبِ إن نُشِرَتْ حُباً ورِضوانا
وربوةٍ بدلتْ أتراحَنا فرحاً
كانتْ لأحزانِنا صبراً وسُلْوانا
مَنْ لي برشفةِ ماءٍ منكَ يابردى
تعيدُ قلبيَ بعدَ الغُلِّ ريّانا
وسوم: العدد 716